من الصحافة الإيرانية: السياسات تجاه المهاجرين الأفغان وفجوة في سوق العمل الإيرانية

لا زالت قضية المهاجرين في إيران تشغل الرأي العام وتشكل واحدة من أهم التحديات التي تواجه البلاد.

ميدل ايست نيوز: لا زالت قضية المهاجرين في إيران تشغل الرأي العام وتشكل واحدة من أهم التحديات التي تواجه البلاد، فرغم تهرب الجهات الحكومية من الحديث عن الأمر على شكل إحصاءات رسمية، إلا أننا نعلم جيداً أن الأحداث الداخلية من جهة والأزمات لدى دول الجوار من جهة أخرى دفعت إيران إلى الانخراط بشكل أكبر في مسألة الهجرة التي تسارعت وتيرتها والإقبال عليها بشكل غير مسبوق في السنوات الثلاث الماضية، لا سيما مع ترحيب إيران الدائم بموجات المهاجرين الأفغان بعد وصول جماعة طالبان إلى السلطة في أفغانستان.

ووفق مقال لصحيفة شرق، على الضفة الأخرى من هذا المشهد، تشهد إيران نفسها موجة هجرة جماعية للنخب العلمية والمتخصصين واليد العاملة، الأمر الذي أوجد فجوة في العديد من المجالات والقطاعات التي دفعت بالقائمين عليها باللجوء إلى المهاجرين الأفغان، وخاصةً الذين يدخلون إيران بشكل غير رسمي، لتغطية النقص في بعض المصانع والمؤسسات، علماً أننا نجهل الخبرات والمعارف والقدرات التي يمتلكونها.

وتم في السنوات الأخيرة في إيران إنشاء مرصد أطلق عليه “مرصد الإيراني الهجرة” لإجراء دراسات حول قضية الهجرة في إيران.

وكان بهرام صلواتي، مدير هذا المرصد، قد قال في أحد تقاريره الأخيرة في صيف هذا العام عن وضع الهجرة من إيران: يهاجر حالياً نحو 65 ألف شخص من البلاد كل عام عبر طرق ووسائل مختلفة.

ووفقاً له، فإنه بحسب إحصائيات اليونسكو والبنك الدولي لعام 2022، يبلغ الإنفاق العام في قطاع التعليم والصحة لرأس المال البشري المغادر (المهاجرين) ما مجموعه 45 ألفاً و59 دولاراً في قطاع الصحة و69 ألفاً و541 دولاراً لثلاث دورات للتعليم الابتدائي والثانوي والعالي خلال 23 عاماً من حياة الفرد الواحد؛ وهو رقم يقترب من 120 ألف دولار إجمالاً.

على صعيد متصل، في عام 2019، غادر ما مجموعه 42 ألف و123 إيرانياً البلاد عبر تأشيرات العمل والدراسة. وبلغت نفقات التعليم والصحة التي تكبدتها إيران لهذه الفئات أكثر من ملياري دولار.

وفي الفترة القليلة الماضية، قال الرئيس السابق للجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشة، إن مسؤولي وزارة الداخلية يتلاعبون بالإحصاءات خوفاً من إظهار عمق الكارثة والتشكيك في عدم مقدرتهم على إجراء خطة معينة تتعلق بملف المهاجرين.

وذكر فلاحت بيشة أن طهران قدمت إحصائيات صادمة حول وضع المهاجرين الأفغان في إيران، معلنةً أن 10 آلاف شخص من أفغانستان يدخلون إيران يوميا.

ووفقاً للرئيس السابق للجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، فإن إيران تستضيف أكثر من 1.5 مليون مهاجر ممن لديهم تاريخ من “النشاط العسكري” في أفغانستان، حيث قدموا إلى المحافظات الإيرانية بعد عودة طالبان إلى السلطة.

وأدت السياسيات الخاطئة وسوء الإدارة في إيران إلى تحويل البلاد لأحد مصدّري القوات المتخصصة والنخب العلمية لبلدان العالم المتقدمة. فالقوى العاملة المتخصصة والتي درست وتدربت في إيران وتم تسديد نفقاتها من ميزانية البلاد بدأت بمغادرة إيران والاندماج مع أنظمة الدول المتقدمة وتقديم الخدمات لهم بسبب تلك السياسات لا غير.

في إيران، لم يبذل صنّاع القرار جهود ملموسة لاستقطاب هذه القوى فحسب، بل تركوا الفراغات التي أوجدها المهاجرون في سوق العمل خالية.

ورغم أن الأفغان يهاجرون إلى إيران منذ ما يقرب من خمسة عقود لكن صنّاع القرار لم يضعوا أي برنامج وخطة على جدول الأعمال لجذب قوات النخبة من هؤلاء المهاجرين.

ويقول رزكار سليمي، الباحث في سياسة الهجرة، في هذا الصدد: ليس لدى صنّاع سياستنا في إيران خطة تنفيذية وأهداف محددة للحفاظ على قوتها العاملة ذات الخبرة، أما الدول الأخرى فتراها تتبنى خططًا وسياسات لجذب هذه المجموعات من الخبراء من دول أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى مغادرة جزء من القوى العاملة إيران وترك مكانهم فارغًا في البلاد.

وأشار سليمي إلى تصنيف المهاجرين الأفغان في إيران على أساس الخبرة، موضحاً: نواجه العديد من المشكلات المتعلقة بالقوى العاملة الأفغانية المتخصصة. إحداها أن التصور العام للمجتمع هو أن هذه المجموعة ليس لديها مهارات ويدخلون إيران بشكل أساسي للقيام بالأعمال الشاقة والوظائف العادية، في حين أن هذا ليس هو الحال حقًا.

وأكد هذا الباحث أن موجة تواجد النخب الأفغانية في إيران تكثفت بعد تولي طالبان سلطة هذا البلد، مشيراً إلى أن الأفغان الذين قدموا إلى إيران في العامين الأخيرين هم في الغالب أشخاص عملوا في أفغانستان ولديهم خبرات علمية.

وأردف: بالإضافة إلى هذه الموجة من النخب الأفغانية، لدينا أيضًا عدد كبير من المهاجرين الأفغان الذين ولدوا أو نشأوا في إيران وذهبوا إلى الجامعات وهم الآن قوة متعلمة وذات خبرة، لكننا لم نتمكن من الاستفادة بشكل كافٍ من وجودهم.

وذكر الباحث الإيراني أن القوانين واللوائح هي أهم عائق أمام عدم إمكانية الاستعانة بهؤلاء المتخصصين، سواء أولئك الذين دخلوا إيران أو الأطفال المهاجرين الذين أصبحوا متخصصين بعد تلقيهم التعليم في إيران.

وأوضح: تضع إيران العديد من الحواجز أمام توظيف الرعايا الأجانب والمهاجرين. على سبيل المثال، لا تعترف وزارة الصحة في كثير من الأحيان بالمؤهلات التعليمية للأطباء الأفغان ولا تسمح لهم بالعمل، والحال نفسه بالنسبة لقسم التمريض أو خريجي الحقوق.

إقرأ أكثر

الهيمنة على فرص العمل والأضرار الاجتماعية… هذا ما يخشاه الإيرانيون من تزايد المهاجرين الأفغان

 

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر + خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى