ارتفاع النمو الاقتصادي في إيران.. هل هو مؤشر للتعافي؟

إن النقطة المثيرة للقلق هي الاستثمار. فهو على عكس المكونات الأخرى للناتج المحلي الإجمالي، فقد تخلف عن الركب ولم ينمو إلا بنسبة 2٪.

ميدل ايست نيوز: أعلن البنك المركزي الإيراني مؤخراً في إحصاءات له أن النمو الاقتصادي في البلاد وصل إلى 6.2 بالمئة في ربيع العام الحالي، وهو أعلى من متوسط العام الماضي، إلا أن هناك نقاط صغيرة وثانوية ومهمة للغاية تختبئ وراء ستار هذه الإحصائيات وتنذر بحلول أزمات خطيرة في المستقبل القريب.

مكونات الناتج المحلي الإجمالي

وقالت صحيفة اعتماد في تقرير لها، إن الناتج المحلي الإجمالي لإيران بلغ هذا الربيع بسعر السوق نحو ثلاثة ملايين و960 ألفا و503 تومان، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي يتكون من 4 مكونات، يحدد مجموعها كيفية عمل اقتصاد أي دولة في فترة زمنية معينة.

وتشمل هذه المكونات الأربعة: الاستهلاك الخاص والحكومي + إجمالي الاستثمار + الإنفاق الحكومي + (الصادرات – الواردات). يتم الحصول على الاستهلاك الخاص من مجموع الاستهلاك النهائي للأسر والمؤسسات غير الربحية التي تقدم الخدمات لهذه الأسر، فعندما ينخفض ​​الاستهلاك الخاص، ينخفض ​​مستوى رفاهية الأسر.

من ناحية أخرى، يشمل الإنفاق الحكومي تكاليف إنتاج السلع والخدمات التي توفرها وحدات الإنتاج للأسر مجاناً أو بسعر غير ذي نفع اقتصادي. يتأثر الطلب على هذه الأصناف أكثر من أي شيء آخر بوضع ميزانية الحكومة.

وأما بالنسبة للصادرات فتعريف هذا المكون الرابع للناتج المحلي الإجمالي واضح لنا، ليبقى المكون الأهم وهو الاستثمار أو ما أصبح يسمى بـ “تكوين رأس المال الثابت”. لكي نعرف ما حدث في الناتج المحلي الإجمالي لأي اقتصاد، يجب علينا أولاً أن نرى ما حدث في هذه المكونات الأربعة.

ووفقاً لهذه الإحصائيات، فقد نما الاستهلاك الخاص بنسبة عالية بلغت 8% والإنفاق الحكومي بنسبة لا تقل عن 5% والصادرات بنسبة 10%، لكن النقطة المثيرة للقلق هي الاستثمار. فالاستثمار، على عكس المكونات الأخرى للناتج المحلي الإجمالي، فقد تخلف عن الركب ولم ينمو إلا بنسبة 2٪.

وبعيداً عن هذه النسب، وعلى افتراض أننا نأخذ هذه الإحصائيات على محمل الجد، فإن نمو الاستثمار بنسبة ضئيلة كهذه لا يعتبر رقماً مرتفعاً إطلاقاً حتى لو زاد الاستهلاك الخاص مثلاً بنسبة 8%. بل يمكن أن نضيف أنه من خلال نمو الاستهلاك الخاص، الذي يرتبط جزء كبير منه بمسألة الدعم الحكومي والحفاظ على المستوى الحالي للقوة الشرائية للأسر، فإن حصة الاستثمار في الآلات والبناء والصناعات والبنية التحتية وغيرها سوف تنخفض أيضا.

على الضفة الأخرى، نشهد ارتفاعاً لا بأس منه في نصيب الفرد من الإنفاق الحكومي وصل إلى 30% تقريباً خلال العقد الماضي. في الواقع، نمت ميزانية الحكومة في منحنى تصاعدي بدون الأخذ بعين الاعتبار بوضع الاقتصاد الكلي في إيران الخاضعة للعقوبات الأمريكية.

هيكل معتمد على رأس المال

وهنا يفتح الباب للتساؤل: هل يمكن اعتبار الأرقام الحالية لتكوين رأس المال الثابت «نجاحاً» تحدث عنه الفريق الاقتصادي للحكومة مرات عديدة؟ فالاقتصاد الإيراني يتطلب 3.5 وحدة من رأس المال مقابل وحدة واحدة من زيادة الإنتاج. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الاقتصاد الإيراني يعيش حالة من الاستهلاك الكثيف، مما يعني أنه بحاجة إلى 3.5 وحدة أخرى من رأس المال لتعويض هذا الاستهلاك.

شكّل الاقتصاد الإيراني هيكلاً يعتمد بشكل كبير على “المال” و”رأس المال”. في حين نرى في الدول ذات الدخل المرتفع أن نسبة رأس المال إلى الإنتاج وصلت لديها إلى 257% أما في إيران فقد بلغت 340% لأن الأموال أصبحت باهظة الثمن.

تتمتع شركات التصنيع الإيرانية بإمكانية الوصول إلى الطاقة الرخيصة، وقد قاومت دائمًا زيادة أسعار الفائدة المصرفية. وللعلم فإن “الحصول على قرض” أسهل بكثير بالنسبة للشركات من إنتاج العمالة وتوظيفها. وعليه، سيكون للشركات ذات المدخلات الرخيصة إنتاجية وعمالة منخفضة في نفس الوقت.

إن عملية تكثيف رؤوس الأموال والتوجه نحو موارد الطاقة أدت إلى زيادة أسعار العمالة مقارنة بمدخلات الإنتاج. لذلك، سيؤدي استمرار تقليص رأس المال الثابت (الاستثمار) في الاقتصاد الإيراني، والذي يرتبط بشدة بالميدان الفكري الذي يسوده الدعم الحكومي الموجه، إلى ركن الرفاهية العامة للأسر في زاوية ضيقة والتأثير على متغيراتها خلال العقد المقبل.

إقرأ أكثر

أين يقف الاقتصاد الإيراني بعد عام من اندلاع الاحتجاجات في البلاد؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر − 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى