ظاهرة الشركات شبه الحكومية معضلة جديدة في الاقتصاد الإيراني

تمثل الشركات شبه الحكومية ظاهرة غير مسبوقة في الاقتصاد الإيراني، والتي على الرغم من إنشائها بهدف الالتفاف على العقوبات والحظر الأجنبي، إلا أنها أصبحت تدريجياً معضلة أمام هذا الاقتصاد.

ميدل ايست نيوز: تمثل الشركات شبه الحكومية ظاهرة غير مسبوقة في الاقتصاد الإيراني، والتي على الرغم من إنشائها بهدف الالتفاف على العقوبات والحظر الأجنبي، إلا أنها أصبحت تدريجياً معضلة أمام هذا الاقتصاد.

كشف أحمد رضا دستغيب، رئيس ديوان المحاسبة العامة في إيران، عن وجود ما لا يقل عن 2000 شركة شبه حكومية، وأكد بدء اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهتها.

والمثير في تصريحات المسؤول الإيراني أن العدد الذي أشار إليه لم يكن لإجمالي عدد الشركات شبه الحكومية في البلاد، وإنما للتي تم افتتاحها مؤخراً.

بدأت ظاهرة الشركات شبه الحكومية في إيران منذ شروع مسلسل العقوبات الدولية وقرارات مجلس الأمن ضد الأنشطة النووية للجمهورية الإسلامية في عام 2001. وكان الغرض الأهم من إنشاء هذه الشركات هو الالتفاف على العقوبات، حيث تم أيضاً افتتاح فروع في دول الخارج لتسهيل عمليات بيع النفط والمعاملات المصرفية وتجارة البضائع.

الشركات شبه الحكومية هي شركات حكومية لكن يديرها القطاع الخاص. يشبه نموذج إدارة هذه الشركات في الغالب نموذج الشركات المملوكة للحكومة والتي تم تسليمها خلال عملية الخصخصة، أي أن لها علاقة وثيقة مع السلطات الحكومية، مع فارق بسيط هو أن الشركات التي كانت مملوكة للدولة منذ البداية وتم تحويل أسهمها في عملية الخصخصة، كانت علاقتها بالحكومة واضحة وشفافة، أما هذه الشركات (شبه الحكومية) تم إنشاؤها بشكل سري منذ البداية، وتركيبتها الإدارية ونوع نشاطها بقيا مخفيان عن أعين العوام إلى الآن.

وللوزارات والشركات والمؤسسات الحكومية تعريفٌ واضح في قانون المحاسبة العامة، كذلك المؤسسات العامة غير الحكومية (الخاصة)، غير أن هذا القانون وجميع القوانين في إيران لم تتضمن أي تعريف للشركات شبه الحكومية. يرى الخبراء أنه مع زيادة عدد هذه الشركات، ينخفض ​​مستوى الشفافية في الاقتصاد الإيراني.

ويعود تاريخ الشركات شبه الحكومية إلى بداية الألفية الثانية، ولكن لأول مرة في يوليو/تموز 2016، تم الكشف عن عددها الهائل وتأثيرها على الاقتصاد الإيراني من حيث التهرب الضريبي. وما جعل الرأي العام حساسًا بشأن مصير هذه الشركات هو قسائم الرواتب المرتفعة لمديري هذه المؤسسات، ليتضح فيما بعد أن عدداً من المسؤولين الحكوميين خلقوا “مساحة خاصة” لهم مع هذه الشركات بحجة الالتفاف على العقوبات.

في ذلك العام، أي 2016، كشفت صحيفة “همشهري” أن عدد هذه الشركات وصل إلى 19 ألف شركة، إلا أنها لم تذكر أي معلومة حول أدائها المالي. في غضون ذلك، علّق علي طيب نيا، وزير الاقتصاد آنذاك، على موجة توسّع هذه الشركات، وقال إن “الهيكل الاقتصادي للشركات شبه الحكومية عديم الكفاءة وهشّ وأكثر تعقيداً من القطاع العام”.

ورغم تسريب معلومات سرية عن عدد من الشركات شبه الحكومية في إيران ووصول إعفاءاتها الضريبية إلى 20 مليار دولار سنوياً، إلا أنه لم يتم نشر أي معلومات حتى الآن حول حجم التداول المالي لهذه الشركات.

ووفقاً لتقرير قديم يعود لهذه الصحيفة، فإن 6 كيانات حكومية قامت بتوسيع أنشطة الشركات شبه الحكومية في الاقتصاد الإيراني وهي: المؤسسات والشركات غير الحكومية والعامة، المؤسسات العسكرية وإنفاذ القانون، منظمات الأوقاف، صناديق التقاعد، مؤسسات الثورة الإسلامية والمؤسسات الخيرية.

أكثر غموضا من أي وقت مضى

يظهر أحدث تقرير لمنظمة الشفافية الدولية، الذي نشر في وقت سابق من هذا العام، أن إيران تحتل المرتبة 147 بين 180 دولة من حيث حجم الفساد المالي. وفي الوقت نفسه، أفادت هذه المنظمة أن إيران تحتل المرتبة 25 من حيث مؤشر الفساد.

وفي العام الماضي، سنّت الحكومة الإيرانية قانونًا يسمح بموجبه ببيع النفط من خلال الأفراد والمؤسسات. ويهدف هذا القانون إلى الالتفاف على العقوبات النفطية لأن الشركة الوطنية للنفط غير قادرة عملياً على بيع النفط رسمياً واستلام أموالها بسبب الحظر الأمريكي.

وأتاح قانون “بيع النفط عبر الأفراد” للشركات شبه الحكومية بيع المنتجات النفطية “بأي سعر” حتى لو لجأت إلى أعلى التخفيضات، وسيزداد عددها مع الظروف التي تهيؤها لها الحكومة في هذه الساحة.

ويعد بيع النفط والمنتجات البترولية والتحويلات المالية في ظل تعليق خدمات سويفت وأي حوالة مالية من وجهات أجنبية إلى طهران، تعد حاليًا النشاط الرئيسي للشركات شبه الحكومية في إيران.

ومن مشاريع المقاولات الكبيرة إلى تجارة النفط، تعتبر الشركات شبه الحكومية، التي تمتلك موارد مالية طائلة وعلاقات سياسية واقتصادية واسعة، إحدى الجهات الفاعلة الرئيسية في الأحداث التي شهدها اقتصاد البلاد في السنوات الأخيرة.

وغدت هذه الشركات في العقدين الأخيرين منافساً شرساً آخر للشركات الخاصة، علماً أن المؤسسات الرقابية الرسمية ذاتها لا تستطيع فرض سيطرتها أو مراقبة أداء هذه الشركات في كثير من الأحيان.

إقرأ أكثر

وزارة الاقتصاد الإيرانية تستولي على أسهم بنك محلي.. فساد أم إفلاس؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 − ثمانية =

زر الذهاب إلى الأعلى