تحليل: لإيران أياد لا يد واحدة في كل صاروخ يطلق على إسرائيل

عندما بدأت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" هجومها المباغت على إسرائيل فإنها استهدفت أيضا الجهود المبذولة لتشكيل تحالفات أمنية إقليمية جديدة من شأنها أن تهدد طموحات إيران، الداعم الرئيسي للحركة.

ميدل ايست نيوز: عندما بدأت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” هجومها المباغت على إسرائيل فإنها استهدفت أيضا الجهود المبذولة لتشكيل تحالفات أمنية إقليمية جديدة من شأنها أن تهدد طموحات إيران، الداعم الرئيسي للحركة.

وتزامن الهجوم الذي بدأ أمس السبت، وهو أكبر توغل داخل إسرائيل منذ عقود، مع تحركات تدعمها الولايات المتحدة لدفع السعودية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اتفاق دفاعي بين واشنطن والرياض، وهو أمر قد يبطئ وتيرة التقارب السعودي الإيراني في الآونة الأخيرة.

ويقول مسؤولون فلسطينيون ومصدر إقليمي إن المسلحين الذين اقتحموا بلدات إسرائيلية وقتلوا إسرائيليين واحتجزوا رهائن يوجهون أيضا رسالة مفادها أنه لا يمكن تجاهل الفلسطينيين إذا ما أرادت إسرائيل أن تنعم بالأمن، وأن أي اتفاق سعودي من شأنه أن يقوض التقارب مع إيران.

وقتل أكثر من 230 من سكان غزة في الرد الإسرائيلي على الهجوم.

وقال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس التي تحكم غزة على قناة الجزيرة التلفزيونية “نقول لكل الدول بما فيه الأشقاء العرب… هذا الكيان الذي لا يستطيع أن يحمي نفسه أمام هؤلاء المقاتلين ما بيقدر يوفرلكم أمن ولا حماية، وكل التطبيع والاعتراف بهذا الكيان… لا يمكن أن تحسم هذا الصراع… الصراع يتم حسمه في أرض الميدان”.

وأضاف مصدر إقليمي على اطلاع بتفكير إيران وجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران “هذه رسالة للسعودي، وهذه رسالة للأميركيين الداعمين للتطبيع وللإسرائيلي”.

وتابع المصدر أن الذي “صار خارج كل التوقعات والتحليلات والسيناريوهات… هذا يوم مفصلي بالصراع”.

يأتي هجوم حماس بعد أشهر من تصاعد العنف في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وسط تزايد المداهمات الإسرائيلية وهجمات الفلسطينيين في الشوارع وهجمات المستوطنين اليهود على القرى الفلسطينية. وتدهورت أوضاع الفلسطينيين في ظل الحكومة اليمينية المتشددة التي يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. كما أن عملية السلام متوقفة منذ سنوات.

وفي غضون كل ذلك، أشارت السعودية وإسرائيل إلى أنهما تقتربان من اتفاق للتطبيع. إلا أن مصادر سبق أن قالت لرويترز إن تمسك المملكة بالتوصل إلى اتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة يعني أنها لن تعطل اتفاق التطبيع من أجل الحصول على تنازلات جوهرية للفلسطينيين.

توقيت الهجوم

قال أسامة حمدان القيادي بحركة حماس لـ”رويترز” إن عملية السبت يجب أن تجعل الدول العربية تدرك أن قبول المطالب الأمنية الإسرائيلية لن يحقق السلام.

وتوعد نتنياهو “بانتقام قوي عن هذا اليوم الأسود” أمس السبت، الذي جاء غداة الذكرى الخمسين لانطلاق حرب 1973.

وعن تقارب التوقيت والظروف مع حرب 1973، قال علي بركة عضو قيادة حماس في الخارج: “كان لابد لقيادة المقاومة أن تأخذ قرارها في الوقت المناسب وهو وقت يكون فيه العدو ملتهياً بحفلاته، يعني العملية شبيهة بحرب 73”.

وتابع أن الهجوم الذي بدأ فجأة من البر والبحر والجو كان بمثابة “صدمة للعدو وأثبت أن الاستخبارات العسكرية الصهيونية فشلت في التنبه لهذه المعركة”.

وفي السنوات التي تلت عام 1973، وقعت مصر معاهدة سلام مع إسرائيل، كما قامت العديد من الدول العربية الأخرى منذ ذلك الحين بتطبيع العلاقات.

وكتب ريتشارد ليبارون الدبلوماسي الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط والذي يعمل الآن في المجلس الأطلسي للأبحاث “على الرغم من أنه من غير المحتمل أن يكون هذا هو الدافع الرئيسي للهجمات، فإن تحركات حماس تبعث رسائل واضحة للسعوديين بأن القضية الفلسطينية لا ينبغي التعامل معها كمجرد موضوع فرعي في مفاوضات التطبيع”.

نفوذ إيران

وقال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للصحافيين إنه “من السابق لأوانه حقاً التكهن” بشأن تأثير الصراع بين إسرائيل وحماس على الجهود الرامية إلى التطبيع السعودي-الإسرائيلي.

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته: “أود أن أقول لحماس، الجماعات الإرهابية مثل حماس، لن تعرقل أي نتيجة من هذا القبيل. لكن هذه العملية أمامها طريق طويل”.

وسبق أن قال نتنياهو إنه لا ينبغي السماح للفلسطينيين بعرقلة أي اتفاقات سلام إسرائيلية جديدة مع الدول العربية.

وقال مصدر إقليمي مطلع على المفاوضات السعودية الإسرائيلية الأميركية بشأن التطبيع والاتفاق الدفاعي للمملكة إن إسرائيل ترتكب خطأ برفضها تقديم تنازلات للفلسطينيين.

وفي تعليقها على هجمات السبت، دعت السعودية إلى “وقف فوري للعنف” بين الجانبين.

وفي الوقت نفسه، لم تُخف إيران دعمها لحماس ولا تمويلها وتسليحها لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية. ووصفت طهران هجوم السبت بأنه عمل من أعمال الدفاع عن النفس من جانب الفلسطينيين.

وقال يحيى رحيم صفوي مستشار الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إن طهران ستقف إلى جانب المقاتلين الفلسطينيين “حتى تحرير فلسطين والقدس”.

وقال مسؤول فلسطيني مقرب من الفصائل الإسلامية المسلحة بعد أن بدأ هجوم حماس برشقات من الصواريخ من غزة: “لإيران أياد وليس يد واحدة في كل صاروخ يطلق نحو إسرائيل”.

وتابع المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: “هذا لا يعني أن إيران هي من أمرت بشن الهجوم يوم السبت ولكن من المعروف أن لإيران الفضل في المساعدة في تطوير القدرات العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي”.

وقال محللون إن إيران أرسلت على ما يبدو بالفعل إشارة الأسبوع الماضي بأن الاتفاق السعودي سيلحق الضرر بتقارب العلاقات مع الرياض عندما قتلت جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من طهران أربعة جنود بحرينيين في ضربة عبر الحدود بالقرب من الحدود السعودية اليمنية. وقد قوض هذا الهجوم محادثات سلام تهدف لإنهاء الصراع اليمني المستمر منذ ثماني سنوات.

وقال دينس روس، المفاوض السابق في الشرق الأوسط والذي يعمل الآن في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، عن هجوم السبت “الأمر كله يتعلق بمنع انفراجة أميركية- سعودي إسرائيلية”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

8 − 7 =

زر الذهاب إلى الأعلى