هل استثمار إيران مع روسيا في مجال الغاز يوفر آفاق اقتصادية مستدامة؟
مضى أكثر من عقد على توقيع إيران العشرات من اتفاقيات النفط والغاز مع العديد من الشركات الروسية، والتي لم يتم تنفيذ أي منها إلى هذه اللحظة.
ميدل ايست نيوز: تزامناً مع زيارة وزير النفط الإيراني لموسكو للمشاركة في منتدى “أسبوع الطاقة الروسي”، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: “أن طهران تتفاوض مع موسكو لشراء الغاز”.
وفي وقت سابق، وخلال زيارة وفد من شركة غازبروم إلى إيران في يوليو من العام الماضي، وقعت إيران على مذكرة تفاهم لشراء الغاز من روسيا إلى جانب عدة مذكرات أخرى في مجالات تطوير حقول النفط والغاز وبناء مصانع للغاز المسال والاستثمار في قطاعات الطاقة الإيرانية الأخرى.
وبينما أعلنت إيران في الوقت نفسه أنها وقعت “أكبر اتفاقيات النفط والغاز في تاريخ البلاد بقيمة 40 مليار دولار”، فإن روسيا لم تحول أياً من هذه الاتفاقيات إلى عقود وهي الآن تتفاوض فقط على بيع حصتها من الغاز غير المباع لإيران.
ومضى أكثر من عقد على توقيع إيران العشرات من اتفاقيات النفط والغاز مع العديد من الشركات الروسية، والتي لم يتم تنفيذ أي منها إلى هذه اللحظة.
لماذا تصدير الغاز؟
قبل الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا في فبراير من العام الماضي، اعتادت موسكو على تصدير أكثر من 17 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي، وبالإضافة إلى ذلك، كانت ترسل ما مجموعه 133 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عبر خطوط الأنابيب. وتمثل هذه الأرقام 68% من إجمالي صادرات روسيا من الغاز في عام 2021.
لكن في العام الماضي، انخفضت صادرات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب إلى الاتحاد الأوروبي إلى أقل من النصف، ويخطط الاتحاد الأوروبي للتخلي بشكل كامل عن الغاز الروسي بحلول نهاية هذا العقد.
وبإمكان روسيا تصدير 12 مليار متر مكعب من الغاز سنويا إلى إيران عبر خط أنابيب دولت آباد-خانجيران باستخدام خط أنابيب الغاز الروسي-تركمانستان الذي يمتد إلى حقل غاز دولت آباد في تركمانستان على الحدود مع إيران.
كما يوجد خط أنابيب ثانٍ وأقدم بقدرة سنوية على نقل 8 مليارات متر مكعب من الغاز من تركمانستان إلى إيران، وهو غير متصل بخط أنابيب الغاز بين تركمانستان وروسيا، ولكن من خلال مقايضة الغاز مع تركمانستان يمكن لروسيا تسليم 8 مليارات متر مكعب من الغاز الإضافي إلى إيران.
وتواجه إيران عجزا حادا في الغاز في المواسم الباردة، ويمكنها استخدام هذا الغاز لتعويض العجز المحلي والوفاء بالتزاماتها بتصدير الغاز إلى العراق وتركيا.
الأمل في الاستثمار الروسي
وفيما تأمل إيران في استثمار شركة غازبروم الروسية، قالت تقارير رسمية عدة، أن دخل هذه الشركة في النصف الأول من العام الجاري لم يتجاوز 296 مليار روبل (3.1 مليار دولار)، وهو ما يقل بثماني مرات عن نفس الفترة من العام الماضي. كما أن الرقم المذكور يعادل تقريباً ثلث متوسط إيرادات مبيعات الغاز لهذه الشركة في النصف الأول من السنوات التي سبقت الهجوم الروسي على أوكرانيا.
من ناحية أخرى، ارتفعت ديون شركة غازبروم من 5 تريليونات روبل في النصف الأول من العام الماضي إلى 6 تريليونات روبل في يوليو من العام الحالي، أي ما يعادل 61 مليار دولار.
وفي النصف الأول من العام الجاري، انخفض إجمالي دخل صادرات النفط والغاز الروسية بنسبة 47% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ووصل إلى ما يزيد قليلاً عن 37 مليار دولار.
ويتعلق جزء من المذكرات الموقعة بين غازبروم وإيران في يوليو 2022 بمشاريع تفتقر روسيا نفسها التكنولوجيا اللازمة لها، بما في ذلك زيادة ضغط حقل بارس الجنوبي الغازي عبر إنشاء وتركيب منصات وضواغط ضخمة بسعة 20 ألف طن أو بناء محطات تسييل الغاز الطبيعي المسال، في حين توقفت مشاريع الغاز الطبيعي المسال غير المكتملة في روسيا بعد العقوبات الغربية وانسحاب الشركات الأجنبية.
وغني عن القول أيضًا أن إيران منافس محتمل لروسيا في أسواق النفط والغاز العالمية، حيث تمتلك ثاني أكبر احتياطي للغاز في العالم بعد روسيا، كما أن احتياطي النفط الإيراني يزيد بنسبة 30% عن احتياطي روسيا.
وعلى الرغم من هذه الحقائق، ادعى أوجي أثناء زيارته إلى روسيا أن التعاون بين البلدين يمكن أن يحول إيران إلى “مركز للغاز”. ويعني مركز الغاز أن الجيران الشماليين سيصدرون غازهم عبر الأراضي الإيرانية إلى الدول المستهلكة في المنطقة مثل باكستان وأفغانستان والعراق والهند.
ورغم أن باكستان وقعت اتفاقية في عهد محمود أحمدي نجاد لشراء الغاز من إيران منذ عام 2015، إلا أنها لم تتخذ أي إجراء بسبب العقوبات الغربية.
إقرأ أكثر
أفغانستان أولا بمبلغ ضئيل.. الاستثمار الأجنبي في إيران بين التصريحات الإعلامية والبيانات الرسمية