من الصحافة الإيرانية: إيران والعرب… ما هي تأثيرات حرب غزة على خريطة الشرق الأوسط؟

إن الحروب هي أحد أهم العوامل التي تغير الجغرافيا والجغرافيا السياسية وتترك الأثر الأكبر على خريطة المناطق.

ميدل ايست نيوز: أثار اشتداد الحرب بين حماس وإسرائيل واحتمال تنفيذ الكيان الصهيوني هجوماً برياً على قطاع غزة، تكهنات حول مستقبل منطقة الشرق الأوسط وتطبيع علاقات إيران مع الدول العربية. ومع اشتداد وطأة الحرب ودخول أمريكا على الخط الساخن، هل سنشهد المزيد من التقارب بين إيران والعالم العربي، أم ستتسع أبعاد الصراع وتدخل المنطقة في توتر كبير ليتبعها تفكك من جديد في العلاقات الإيرانية العربية، وخاصة السعودية؟

خريطة قابلة للتغيير

وكتبت دنياي اقتصاد في مقال لها، بصرف النظر عن النتائج الكارثية التي تجلبها وتغير مصير الملايين من الأبرياء، فإن الحروب هي أحد أهم العوامل التي تغير الجغرافيا والجغرافيا السياسية وتترك الأثر الأكبر على خريطة المناطق.

وتفرز الحروب سواء كانت كبيرة أو صغيرة، طويلة أو قصيرة الأمد، العديد من التشكيلات والاصطفافات والأنماط الجديدة من الصداقة والعداوة، حيث شهدت منطقة الشرق الأوسط خلال القرن الماضي هذه الحالة بشتى أشكالها، من تقسيم الدولة العثمانية على أساس معاهدة سايكس بيكو وإنشاء حدود مصطنعة في الشرق الأوسط، إلى احتلال العراق وأفغانستان، والأهم من ذلك، التجربة المعاصرة لانتفاضات العالم العربي عام 2011، مما أدى إلى نشوب حرب في عدة دول منها سوريا واليمن وليبيا، كما أدت التوترات هذه إلى تفشي الأزمات في عدة دول عربية أخرى مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب ولبنان.

في غضون ذلك، كانت القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي خلال الأعوام الثمانين الماضية أحد العوامل الرئيسية التي تحدد الاصطفافات في هذه المنطقة، لتتأثر عدة دول بشكل مباشر والعديد غيرها بشكل غير مباشر بهذا الوضع. وتكمن أهمية فلسطين في أنها استطاعت أن تحتل محور السياسة الخارجية لبعض الدول وتترك آثارا دائمة في فهم صناع القرار. حيث يمكن اعتبار عملية 7 أكتوبر الأخيرة التي قامت بها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ضد الكيان الصهيوني، والتي دخلت يومها السادس عشر، أحد أمثلة الحروب التي إذا اتخذت أبعادًا جديدة، فيمكن أن تكون بمثابة تغيير في قواعد اللعبة.

وبعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة وتشريد أكثر من مليون فلسطيني حتى الآن، اضطرت العديد من الدول الإسلامية والعربية في منطقة الشرق الأوسط إلى إخضاع سياستها الخارجية لحل هذه الأزمة وخلق حقبة جديدة من التفاعلات والتعاون بشأن القضية الفلسطينية.

تقارب والتحام؟

على ضوء هذه التطورات، فإن تصعيد الحرب وتأجيج التوترات مع إعلان إسرائيل تنفيذ هجوم بري على قطاع غزة، والذي تم تأجيله حتى الآن بسبب عدم إعطاء واشنطن الضوء الأخضر، يمكن أن يؤدي إلى إشراك أطراف ثالثة في هذه الحرب، بما في ذلك الولايات المتحدة بحد ذاتها. فالتحليلات تؤكد أن التدخل الأمريكي لصالح إسرائيل واحتمال قيام الكيان الصهيوني بهجوم بري على قطاع غزة، والذي سيؤدي إلى ارتفاع عدد القتلى وموجات التهجير بحق سكان القطاع، سيكون عاملاً في اضطراب العلاقات العربية مع واشنطن وتل أبيب في آن معاً.

وبطبيعة الحال، فإن الرابح الوحيد عند وقوع هذه الأحداث سيكون إيران بلا أدنى شك، والتي تريد فسخ علاقات واشنطن مع حلفائها العرب من جهة، وتعليق مشروع الاتفاقيات الإبراهيمية لدمج إسرائيل في شرق أوسط موحد من جانب آخر، لا سيما وأن المحادثات الثلاثية بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية حول التطبيع كانت على قدم وساق، وكانت جميع الأطراف تعلن عن إحراز تقدم في هذه المفاوضات.

تشعّب وتفكك؟

على الجانب الآخر من هذا الوضع المواتي لإيران، فإن الوضع قد يتغير مع تصاعد الحرب وانتقالها إلى معارك مباشرة، وهو ما سيمهد لتدخل أميركي أكثر وأقوى في المنطقة. وفي مثل هذا السيناريو، ستمارس أمريكا المزيد من الضغوط على حلفائها لإغلاق مسار المساعدات العسكرية من طهران إلى الجماعات الفلسطينية. ونظراً لسياسة “لا حرب ولا توتر” التي تنتهجها الحكومات العربية ورغبتها في حل الأزمة الحالية عبر تفعيل الوساطات، فإن الحدث هذا سيمهد بلا شك لتشعب وتفكك العلاقات بين طهران والعواصم العربية، لأن بعض الحكومات العربية في الوضع الراهن تدعي أن تصعيد الحرب لن يفيد سوى إيران، وطهران تريد الحفاظ على الوضع الحالي لأشهر  بل وحتى لسنوات.

بطبيعة الحال، مع اتساع دائرة الحرب واحتمال دخول إيران والولايات المتحدة في هذه الصراعات، فإن علاقات إيران مع الدول العربية ستتخذ وضعا معقدا، قد يقلب موازين المعادلة القائمة.

إقرأ أكثر

من الصحافة الإيرانية: ما هو المشروع الذي تطرحه إيران على طاولة المشاورات الإقليمية حيال قضية غزة؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة − 6 =

زر الذهاب إلى الأعلى