تقرير رسمي: نقص المياه يحول دون طموحات إيران في الاكتفاء الذاتي بالمحاصيل الزراعية
قال مركز الدراسات في البرلمان الإيراني إن الأمن المائي الملازم للأمن الغذائي للبلاد سيواجه مخاطر أكثر خطورة في السنوات المقبلة.
ميدل ايست نيوز: قدم مركز الدراسات في البرلمان الإيراني أربعة سيناريوهات للمرور على الجوانب المختلفة للوضع المائي في إيران، وقال إن الأمن المائي الملازم للأمن الغذائي للبلاد سيواجه مخاطر أكثر خطورة في السنوات المقبلة. وبحسب الذراع البحثي للبرلمان، فإن عدم توافق النمط الغذائي والإنتاجي للسكان الحاليين مع قدرة موارد المياه السطحية والجوفية في البلاد، أدى إلى الإفراط الشديد في استخراج موارد المياه التقليدية، بحيث بلغ العجز في الخزانات الجوفية أكثر من 143 مليار متر مكعب في العقود الأربعة الماضية.
وقالت صحيفة اعتماد في مقال لها، إن خبراء مركز الدراسات هذا قد أكدوا أن أزمة المياه في إيران ليست حصيلة التغيرات المناخية فحسب، بل تعود أيضاً لسوء الإدارة وغياب التخطيط في قطاع المياه “صاحب الدور الأكبر في هذه الأزمة”.
ويقول مركز الدراسات: تتطلب الإدارة الفعالة لأزمة المياه حوكمة عالية الجودة. لأن جودة الإدارة تؤدي في النهاية إلى تغيرات في الطلب على استهلاك المياه وتطوير القطاع الزراعي، فضلاً عن تحسين الإنتاجية وخاصة في القطاع الزراعي.
يضيف: يتضح من دراسة العلاقة بين المتغيرات أن ندرة المياه تزيد من الضغوط الاجتماعية وتجبر الحكومات على دفع إعانات مالية في قطاع المياه، وهذا النهج يقلل من الدافع للاستخدام الكفء والأمثل للمياه.
اكتفاء ذاتي غير ممكن
وفي جزء آخر من هذا التقرير، ناقش خبراء مركز الدراسات في البرلمان الإيراني أحد المشاريع الطموحة للحكومة وهو “الاكتفاء الذاتي” في إنتاج المنتجات الزراعية. ويقول هذا التقرير إنه في العقود الأخيرة، تجاوزت احتياجات السكان من المياه الغذائية والصناعية قدرة الموارد المائية المتاحة على الإنتاج المطلوب. بمعنى، إذا كان هدف الاكتفاء الذاتي هو إنتاج المنتجات الغذائية التي يحتاجها السكان في البلاد “فمع النمط الحالي (استهلاك المواد الغذائية وإنتاج المنتجات الزراعية)، فلن تكون هناك موارد مائية كافية للاستجابة لهذا المشروع”.
وبناء على ذلك أكد مركز الأبحاث أنه “يجب توفير الأمن الغذائي بشكل مستدام من خلال تطبيق إدارة الطلب وزيادة الإنتاجية والاهتمام بتجارة المياه الافتراضية، وإصلاح قطاعات المحافظات، وخاصة الزراعي والصناعات المدرة للمياه وأنماط الحياة”. كما تم التأكيد على أنه “من أجل تصحيح مسارات الماضي الخاطئة والتي هي مصدر مشاكل اليوم في قطاع المياه، يجب الالتفات إلى أن أزمات المياه في مناطق مختلفة من إيران تعتمد على حجم تلك المنطقة، وليس من الممكن تقديم نسخة واحدة للبلاد بأكملها”.
اعتماد الزراعة بشدة على مصادر المياه الجوفية
يعد مؤشر اعتماد الزراعة على موارد المياه الجوفية من أهم وأكبر القطاعات المستهلكة للموارد المائية، علماً أن هذا القطاع يمكن إمداده بالمياه اللازمة من مصادر سطحية أو جوفية في المناخات الجافة. ويمكن لمؤشر اعتماد الموارد الزراعية على موارد المياه الجوفية أن يحدد حصة هذا القطاع في المسحوبات وإمكانية استخراج الفائض من هذه الموارد. ويمكن القول أنه مع ارتفاع هذا المؤشر، يزداد مستوى التهديد على الزراعة والأمن الغذائي من تقلبات موارد المياه الجوفية.
ويعتبر نقص الخزانات في سهول البلاد وتملحها وهجرة القاطنين في هذه المناطق وخلق توزيع سكاني غير متوازن من الحالات التي توضح علاقة هذا المؤشر بالأمن المائي والأمن الاجتماعي. ويعد مؤشر الاعتماد الزراعي على موارد المياه الجوفية أعلى بكثير في إيران منه في مناطق أخرى من العالم. على سبيل المثال، يبلغ هذا المؤشر 38.5% في آسيا، و46.2% في الشرق الأوسط، و18.2% في أفريقيا، و45.7% في أمريكا، و29.5% في أوروبا، بينما وصل هذا المؤشر إلى 62.1% في إيران.
مؤشر كفاءة المياه
وعلى غرار المؤشر الزراعي، فإن مؤشر كفاءة المياه في إيران أيضاً أقل بكثير من المتوسط العالمي. ويعزا ذلك إلى الاستخراج المفرط للمياه واستهلاكها في القطاع الزراعي، فضلاً عن السعر المنخفض جداً أو المجاني للمياه في هذا القطاع. في الواقع، يشير الاتجاه المنخفض لهذا المؤشر إلى أنه في ظل ظروف الإنتاجية الحالية، فإن احتمال أن يطغى الأمن المائي على الأمن الغذائي مرتفع للغاية. فبعد أن يحدث خلل ما في ظروف الأمن المائي نظراً لطبيعة زيادة الإنتاجية التي تستغرق وقتًا طويلاً، فإن هذا الأمر سيفرز أضراراً كبيرة على الأمن الغذائي.
نسبة استهلاك المياه إلى إمكانات الموارد المائية
كان مؤشر نسبة استهلاك المياه إلى إمكانات الموارد المائية في عام 2020 في إيران أعلى بكثير من بقية العالم، حيث أظهر ضغطا مفرطا على مصادر المياه وأشار إلى الأزمة الحادة التي تعيشها إيران. وبالنظر إلى مقدار هذا المؤشر في إيران وقربه من حالة الفشل، يجب القول إنه لا توجد صورة كافية للأمن في إيران انطلاقاً من اتجاه هذا المؤشر.
وكان هذا المؤشر 20.2% في أمريكا الشمالية، و8.4% في أوروبا، و30.4% في شرق وجنوب شرق آسيا، لكنه وصل إلى أكثر من 75% في إيران.
ووفقا لمركز الدراسات في البرلمان الإيراني، فإن الظروف الحالية تبدو كأن النطاقات المكانية أصغر من البلاد بأكملها (على سبيل المثال، نطاق مستجمعات المياه من المستوى الثاني أو المحافظات)، في بعض الحالات، تم الوصول إلى مرحلة “الفشل” في هذا المؤشر، وفي ظل هذه الظروف، تجاوز استهلاك المياه المصادر المتجددة المقابلة لها. وهذا يعني أن الاستهلاك يتم توفيره منذ سنوات طويلة من الموارد الجوفية الساكنة والمخزنة، الأمر الذي أدى إلى حصول عجز في مخازن البلاد، بحيث يسبب فيما بعد اضطراباً في الأمن الغذائي وعدم استقرار بيئي وانعدام في الأمن الاجتماعي والسياسي.
المياه المتجددة
يشير التنبؤ التصنيفي للوضع المائي على أساس مؤشر نصيب الفرد من المياه المتجددة إلى وجود ظروف حرجة تلازم هذا القطاع. وتشهد مستجمعات مياه الهضبة الوسطى التي تشكل مساحات واسعة من البلاد، لا سيما مستجمع قره قوم، الذي يشهد الوضع الأسوأ وندرة مطلقة للمياه.
وعلى المستوى الوطني، فالوضع الحرج يكاد لا يفارق إحصائيات الموارد المائية التي تنذر باستمرار من توتر قادم في الأمن المائي. ويمكن اعتبار جذور هذا الوضع نابعة من التنمية، بغض النظر عن قدرة الموارد المائية. وحتى الآن، أدى عدم وجود مشروع ووثيقة في إيران إلى تعريض الأمن الغذائي لخطر جسيم والذي دق ناقوس الخطر في العديد من المرات بشأن تسببه في توترات اجتماعية.