ما مدى صحة ادعاءات ترامب بشأن استئذان إيران إياه لقصف قاعدة عين الأسد؟

استبعدت صحيفة واشنطن بوست صحة مزاعم الرئيس الأمريكي السابق ملوحةً بوجود عدة جوانب تنفي هذه التصريحات من الباب إلى المحراب.

ميدل ايست نيوز: أثار دونالد ترامب، الرئيس السابق للولايات المتحدة والمرشح الرئاسي للعام المقبل، منذ أيام موجة من الجدل غداة تصريحاته عن إيران واستئذانها إياه قبل قصف “عين الأسد”، مما دفع الصحف ووسائل الإعلام العالمية لتهرول باحثةً عن مدى صحة هذه الادعاءات.

وقال ترامب، في حدث انتخابي في ولاية تكساس بمدينة هيوستن الأميركية، إن “إيران أسقطت طائرة مسيرة أميركية قديمة، وكان خلفها طائرة تجسس أميركية ضخمة تحمل تقريباً 39 مهندساً وطياراً، لكنها لم تعترضها.” واكتفى ترامب بهذا الجزء فقط وقال إن السلطات الإيرانية “اتصلت به” على ما يبدو احتراما له و”طرحت خططها أمامه”.

وتابع ترامب في حديث لـ يونيفيجن: قلت حسناً، هذا أمر مثير للاهتمام! علينا الرد عليهم! وتم الرد عليهم وقمنا بتخريب بعض الردارات وبعدها قتلنا سليماني”.

وأضاف: لقد كان عليهم أن يردوا لحفظ ماء وجههم وهذا أمر طبيعي. ثم أبلغونا أنه سيتم إطلاق 18 “طائرة مسيرة” على قاعدة أميركية في العراق (عين الأسد) لكنها لن تستهدفها مباشرة، بل ستستهدف فقط محيط القاعدة.

وأوضح ترامب أن أي جندي أميركي لم يصب بأذى في القصف، مضيفاً أنه “الشخص الوحيد الذي لم يكن متنرفزاً” إثر هذا القصف بسبب علمه “بنوايا إيران”.

وتأتي هذه الادعاءات الصادمة في وقت صرّح فيه مسؤولون إيرانيون بعد العملية الانتقامية لاغتيال الجنرال سليماني على يد الأميركيين في العراق، أن “إيران عندما قصفت عين الأسد لم تنو إلحاق الأذى بالجنود الأميركيين”.

وقال حاجي زاده قائد القوات الجوية للحرس الثوري الإيراني والمسؤول عن عملية عين الأسد: لو كنا نبحث عن القتل لقتلنا 500 أميركي في الخطوة الأولى.. هدفنا في مهاجمة عين الأسد لم يكن قتل جنود أميركيين، بل كسر الهيمنة العسكرية الأميركية، وهو ما تحقق.

وفي يناير 2020، وبعد أيام قليلة من الهجوم الإيراني على القاعدة الأمريكية، اعترف رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي بأن إيران أبلغتهم بهذه العملية قبل مهاجمة القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، وقد أكد أنه بدوره قام بإعلام الجانب الأمريكي.

لكن ما يبقى غريباً في ادعاءات ترامب هو مسألة اتصال إيران المباشر به ووضعه في صورة “أبعاد” الهجوم على القاعدة العسكرية الأمريكية.

واستبعدت صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها، صحة مزاعم الرئيس الأمريكي السابق ملوحةً بوجود عدة جوانب تنفي هذه التصريحات من الباب إلى المحراب. فوفقاً لهذه الصحيفة، فقد “مزج ترامب بين عدة روايات، ليخلق في النهاية رواية لا علاقة لها بالواقع”.

هل ترامب والمرشد الإيراني على تواصل متبادل؟ تجيب واشنطن بوست، فتقول: يذكر مستشار الأمن القومي السابق لترامب، جون بولتون، في مذكراته التي تحمل عنوان “الغرفة التي حدث فيها ذلك”، إن ادعاءات ترامب “هراء مطلق”، قائلاً إن بعض التفاصيل الصغيرة التي قالها ترامب صحيحة، لكنه اختلط عليه الأمر وذكر خمسة أو ستة أمور غير مرتبطة ببعضها الآخر.

وواصلت هذه الصحيفة المقربة من الحزب الديمقراطي: لاحظ الجميع خلال رئاسة ترامب أنه لم يهتم كثيرا بالتفاصيل وكان يواجه صعوبة في سرد الأحداث بدقة. فهو يضع نفسه في كل رواية. فهو رئيس يحظى باحترام المعارضة وتكون نتائج عمله ممتازة دائمًا بالنسبة لديهم. وسواء أقنع نفسه بأن هذه القصص المزيفة صحيحة، أو أنه كان يكذب عمدًا، فهذا يدعونا لطرح العديد من التساؤلات!

وهاجمت إيران في عام 2019 طائرة أمريكية مسيرة لكن ترامب وقتذاك اكتفى بالصمت ولم يرد على هذا الهجوم. لتشن إيران فيما بعد، أي في عام 2020، هجوماً صاروخيًا “وليس طائرات مسيرة” على قاعدة عين الأسد الأمريكية رداً على اغتيال قائد لواء القدس، وأصيب أكثر من 100 جندي بإصابات رضية في الدماغ ولم تسجل العملية أي قتيل بين صفوف الأمريكيين.

وبالرجوع إلى مذكرات بولتون، فقد ورد فيها أن ترامب ومساعدوه ناقشوا الخسائر المحتملة للرد، ورأوا أن الخسائر، نظراً لوقت الهجوم المخطط له، ستكون ضئيلة لكنها قد تشجع الروس للدخول إلى وسط هذه المعركة. ثم أطلع ترامب زعماء الكونجرس على ما سيجري، وغرد وقتذاك على تويتر قائلاً: ارتكبت إيران خطأ كبيرا.

ثم فجأة ودون سابق إنذار، أوقف ترامب الهجوم قبل دقائق فقط من تنفيذه. إذ تقول المعلومات أن مستشارا قانونيا دخل إلى البيت الأبيض وأكد للرئيس السابق أن ما لا يقل عن 150 أمريكيا سيقتلون خلال هذه العملية.

وفي ردها على ادعاء ترامب بشأن اتصال السلطات الإيرانية به وطرحها خططها أمامه، قالت واشنطن بوست: بما أن المرشد الإيراني قال إنه لن يفكر حتى في تبادل الرسائل مع ترامب، فإن فكرة اتصال مسؤول إيراني بترامب وإبلاغه مسبقاً بأن إيران تخطط لمهاجمة قاعدة عسكرية أمريكية تبدو غير حصيفة.

لكن ما ثبت صدقه في رواية ترامب هو الهجوم الصاروخي الإيراني الذي شنته عام 2020 على قاعدة عين الأسد الجوية في شمال العراق بعد ستة أشهر من إيقاف ترامب العملية المخطط لها. حيث قامت إيران غداة اغتيال الجنرال سليماني في 3 يناير 2020، باطلاق صواريخ باليستية برؤوس حربية تزن أكثر من 1000 رطل على القاعدة الجوية هذه.

وقال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، إنه تلقى تحذيرا من إيران بعد منتصف الليل بأن الانتقام الإيراني على وشك البدء. وقال المتحدث باسمه حينها إنه تم إبلاغه بأن إيران ستستهدف فقط الأماكن التي تتواجد فيها القوات الأمريكية، لكن الرسالة لم تحدد المواقع.

إقرأ أكثر

تنشر للمرة الأولى.. كيف أقنع قاسم سليماني بوتين بإرسال قواته لسوريا؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 + ثلاثة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى