من الصحافة الإيرانية: كيف خسرت إيران حصتها تدريجياً من بحر قزوين؟
تعتبر إيران الدولة الوحيدة التي لم تطور أي حقول للنفط أو الغاز رغم كونها أحد أهم الدول الساحلية لبحر قزوين وامتلاكها حصة لا بأس منها في هذه البحيرة الكبرى.
ميدل ايست نيوز: تعتبر إيران الدولة الوحيدة التي لم تطور أي حقول للنفط أو الغاز رغم كونها أحد أهم الدول الساحلية لبحر قزوين وامتلاكها حصة لا بأس منها في هذه البحيرة الكبرى. يأتي هذا في وقت تواجه فيه البلاد عشية فصل الشتاء عجزاً حاداً في الغاز وانقطاعات متكررة في المحافظات الصناعية الواقعة في المنطقة الشمالية والتي بحاجة ماسة إلى موارد الطاقة.
وقالت شرق في تقرير لها، إنه وفقاً لأحدث تقرير سنوي لشركة بريتيش بتروليوم، انخفض استهلاك الغاز في إيران بنسبة 3.2% للمرة الأولى في العام الماضي. في المقابل، زاد استهلاك المحروقات الملوثة كالمازوت بشكل كبير وزاد إجمالي استهلاك الوقود النفطي في إيران بأكثر من 10% في عام 2022.
وأصبحت إيران اليوم سادس أكبر منتج للغازات الدفيئة في العالم، وفي الوقت نفسه، تحاول تفادي وقوع المحافظات الشمالية في انقطاعات الغاز من خلال الموافقة على حصة صغيرة في مبادلة الغاز مع جيرانها الشماليين مثل روسيا وتركمانستان.
على الضفة الأخرى، بدأت بلدان أخرى على طول حدود بحر قزوين منذ فترة طويلة في استخراج احتياطيات هذا البحر، والتي تقدر، بحسب مركز الدراسات في البرلمان الإيراني، بنحو 25.7 مليار برميل من النفط و106 تريليون قدم مكعب من الغاز.
وفي بحر قزوين، لا تملك إيران سوى كتلة غاز واحدة مشتركة مع باكو، تسمى “البرز”، ومضى أكثر من عقد من الزمن منذ توقيع البلدين مذكرة استكشاف لهذا الحقل، لكن لا تزال الشركات الأجنبية غير مستعدة للتنقيب وحفر الآبار في هذه الكتلة، وليس من الواضح في الأساس ما إذا كانت تحتوي على حقول نفط وغاز أم لا.
ويرتبط بحر قزوين بالنسبة للإيرانيين بالاتفاقيات والتفاهمات التاريخية المريرة والمخزية مثل معاهدة جولستان (1813) وتركمانجاي (1828)، التي أفقدت الإيرانيين حقوق الشحن في بحر قزوين، إلى أن تم توقيع معاهدة الصداقة والعلاقات الاقتصادية والحقوق القنصلية عام 1921، والتي تم التأكيد فيها على الحقوق المتساوية للطرفين.
ومع سقوط الاتحاد السوفييتي، انبسقت الدول الثلاث أذربيجان وكازاخستان وتركمانستان على حافة أكبر بحيرة في العالم، لتنخفض حصة إيران من مياهها الشمالية مرة أخرى. وحتى اليوم، يعتبر البعض أن سبب قلة نشاط إيران في منطقة بحر قزوين هو عدم اليقين بشأن حصة إيران وعدم استكمال النظام القانوني لبحر قزوين.
وخلال رئاسة محمد خاتمي، شددت إيران على امتلاكها ما نسبته 20٪ من بحر قزوين، وبما أن طهران اتبعت في عهد خاتمي دبلوماسية نشطة على الصعيد الدولي، فقد كانت تتمتع بقدرة تفاوضية عالية في المنطقة. ومع إطلاق حقل غاز “أميركبير”، نجحت إيران في تثبيت حصتها في مياه قزوين البالغة 18%، إلا أن التوجه السلبي الذي تبنته وزارة خارجية محمود أحمدي نجاد كان سبباً في تغيير المعادلة الإيرانية لصالح الدول الأخرى في بحر قزوين.
وفي تصريحات وصفتها الصحافة الإيرانية بالغريبة، قال منوشهر متكي، وزير خارجية أحمدي نجاد، إن “حصة إيران لم تتجاوز الـ 11% أبداً”. وكانت نتيجة هذا التوجه للحكومتين التاسعة والعاشرة وكأن إيران وافقت ضمناً على أن يكون لها أصغر حصة في بحر قزوين.
وبعد عام واحد فقط من تولي حكومة حسن روحاني السلطة، انعقد المؤتمر الرابع على مستوى الرؤساء في مدينة آستاراخان الروسية، وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، انعقد المؤتمر الخامس للرؤساء في أكتاو، وتم التوقيع على المعاهدة القانونية لبحر قزوين، وبهذه الطريقة تم إغلاق ملف المفاوضات بين رؤساء هذه البلدان لأكثر من عقدين من الزمن، ليكتفي حسن روحاني بالقول إن “تحديد النظام القانوني لقاع بحر قزوين يتطلب المزيد من المفاوضات”.
وحول حصة إيران المعلنة من بحر قزوين، أجاب محمد جواد ظريف، وزير خارجية روحاني: “حصتنا من البحر لم تحدد بعد”.
وعلى هذا المنوال، استمرت هذه التصريحات المبهمة طوال فترة رئاسة روحاني، إلى أن كسر غلام رضا مرحبا، نائب رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان، حاجز الصمت وأكد أن حصة إيران تبلغ 11%. وقال: “لا نقبل النظام القانوني الذي تم التوقيع عليه في الحكومة السابقة. نعتقد أن الحكومة قدمت تنازلات غير مسموح بها. هل من المعقل أن تبلغ حصتنا من بحر قزوين 11% فقط، بعد أن كانت 20%؟
وعلى وقع هذه الأحداث، ورغم أن الجهات المعنية تتستر وراء العقوبات لتبرير عدم نشاطها النفطي في بحر قزوين واستخراج موارد الطاقة، إلا أن الشكوك والشبهات مازالت تلاحق هذه القضية. مثلاً، لماذا توقفت أعمال التنقيب في بحر قزوين دون الوصول إلى الإنتاج في حكومة أحمدي نجاد؟ وماذا طرأ على مصير النظام القانوني لبحر قزوين وحصة إيران؟ أو ما سبب التناقض في المعلومات المقدمة حول ميدان سردار جنكل؟ ولماذا لم تتم الإشارة إلى إمكانية تدخل الجيران الشماليين في هذا الأمر؟ وعشرات الاستفهامات الأخرى..
إقرأ أكثر
من الصحافة الإيرانية: أموال هائلة لاستثمار غاز بحر قزوين وإيران “مكانك راوح”