لقاءات واتصالات.. هل تتطور علاقات السعودية وإيران عسكرياً؟

يبدو أن السعودية وإيران تمضيان بشكلٍ حثيث نحو تنفيذ الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين قبل أكثر من عقدين، بل وتوسيعها بخطوات أخرى في الجانب العسكري.

ميدل ايست نيوز: يبدو أن السعودية وإيران تمضيان بشكلٍ حثيث نحو تنفيذ الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين قبل أكثر من عقدين، بل وتوسيعها بخطوات أخرى في الجانب العسكري، وسط توترات تشهده المنطقة جراء الحرب الدائرة في قطاع غزة، وما قبله من التوترات بين طهران وواشنطن.

ويواجه الملف الأمني الثنائي تحديات متعددة تتعلق بأمن مياه الخليج، والاتهامات المتبادلة باستخدام ورقة الأقليات في البلدين، وتهريب المخدرات التي تُتهم بها أطراف تابعة للنظام الإيراني، ومكافحة الإرهاب، والهجمات المتكررة على الأراضي والمنشآت النفطية والحدود السعودية، وحرب اليمن وغيرها من الملفات الشائكة.

وتثير هذه المعضلات تساؤلات مثل ما إذا كانت اللقاءات الأخيرة بين الجانبين، قادرة على إصلاح كل تلك الملفات، واستمرار ضمان ديمومة التطبيع في مواجهة التحديات المستمرة في السياسات الأمنية لكلا الجانبين، وهل يشهد الملف الأمني والعسكري توسعاً وتعاوناً بين الجانبين؟

مباحثات عسكرية

يعد الأمن أمراً بالغ الأهمية لمنتجي الطاقة في الخليج، خصوصاً السعودية، التي تعرضت لهجمات كثيرة، خصوصاً من حلفاء إيران في اليمن (أنصار الله)، حيث كانت سابقاً تعتمد على مساعدة عسكرية أمريكية، قبل أن تبدأ بتقليصها لاحقاً، والمضي نحو تصفير مشاكل جيرانها ومحيطها، وفي مقدمتها إيران والحوثيين.

ولعل الاتفاقية الموقعة بين الجانبين، في مارس من العام الجاري، كانت مفتاحاً لاستعادة العلاقات في كافة المجالات، من أبرزها الجانب الأمني والعسكري، حيث بحث الجانبان مؤخراً (30 نوفمبر 2023)، العلاقات في المجال العسكري والدفاعي بين البلدين.

المباحثات كانت باتصال هاتفي أجراه رئيس هيئة الأركان الإيراني اللواء محمد باقري، بوزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، حيث استعرضا العلاقات الثنائية بين البلدين، فضلاً عن مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية “واس”.

في الوقت نفسه أفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا” بأن اللواء باقري أبدى استعداد القوات المسلحة الإيرانية “للنهوض بالعلاقات العسكرية” مع المملكة العربية السعودية.

وأعرب باقري عن “ارتياحه لتوسيع العلاقات الودية بين إيران والسعودية”، وأشاد بالحكومة السعودية “لاستضافة القمة الطارئة للبلدان الإسلامية، معرباً عن جهوزية القوات المسلحة الإيرانية لتمتين العلاقات العسكرية بين البلدين”، وفقاً لما نقلته “إرنا”.

وذكرت الوكالة الإيرانية أن الطرفين “ناقشا القضايا المهمة للعالم الإسلامي. وفي الختام وجه كل منهما دعوة للطرف الآخر لزيارة بلاده”.

يقول الخبير العسكري السعودي عبد الله القحطاني إن هذا الاتصال مفهوم من سياق إنه يعبر عن شكر المسؤولين الإيرانيين للمملكة على استضافتها لـ”قمة عربية إسلامية فريدة” لمساندة السعب الفلسطيني بشكل عام.

وأشار إلى أن العلاقات بين الرياض وطهران “تبدو جيدة في الوقت الحالي في ظل أزمات معروفة”، لافتاً إلى وجود أهمية في أن تتطور بشكل أكبر وصولاً إلى “تعاون اقتصادي وتجاري وسياحي وحتى أمني مستقبلاً؛ لحفظ أمن المنطقة ومحاربة الإرهاب بيد واحدة، وهذا أمر جيد”.

لقاء عسكري سابق

لم تكن المباحثات بين الوزير السعودي والمسؤول الإيراني هي الأولى في هذا الجانب، ففي منتصف أغسطس الماضي، احتضنت العاصمة الروسية موسكو لقاء بين قادة عسكريين وسعوديين، لأول مرة منذ توقيع اتفاق تطبيع العلاقات بين البلدين في بكين، في 10 مارس 2023.

ووفقاً لوسائل إعلام إيرانية، فقد جمع اللقاء حينها مساعد وزير الدفاع السعودي طلال العتيبي، ونائب رئيس هيئة الأركان الإيراني العميد عزيز نصير زاده، على هامش المنتدى العسكري التقني الدولي “الجيش – 2023” في روسيا.

وشدد المسؤولون العسكريون من الجانبين حينها على “دور القوات المسلحة في استئناف وتطوير العلاقات بين البلدين، كما أكدوا ضرورة مواصلة المفاوضات والتوصل إلى خريطة طريق في هذا الشأن”.

وفي يونيو الماضي، قال قائد القوات البحرية للجيش الإيراني الأميرال شهرام إيراني، إن بلاده والسعودية و3 دول خليجية أخرى تخطط لتشكيل تحالف بحري يضم أيضاً الهند وباكستان.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن المسؤول العسكري قوله: إن “دول المنطقة أدركت اليوم أن التعاون فيما بينها هو ما يحقق الأمن للمنطقة”.

وتتعارض مواقف طهران والرياض حول عدة قضايا دفاعية، بما في ذلك وجود الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط، والحرب في اليمن، التي تعمل الرياض على إنهائها، إضافة إلى دعم إيران للجماعات المسلحة المعادية للمصالح السعودية في جميع أنحاء المنطقة.

الاتفاقية الأمنية

في مارس 2023، أنهت السعودية وإيران عداء استمر 7 سنوات بموجب اتفاق توسطت فيه الصين، وأكدتا الحاجة إلى الاستقرار الإقليمي والتعاون الاقتصادي، إضافة إلى العمل على الاتفاقية الأمنية بين الجانبين.

وهذه الاتفاقية شهدتها طهران في 17 أبريل 2001، حيث وقع الجانبان اتفاق التعاون الأمني بين البلدين، وهو اتفاق وقعه عن الجانب السعودي وزير الداخلية حينها الأمير نايف بن عبد العزيز، ونظيره الإيراني عبد الواحد موسوي.

نص الاتفاق حينها على” إنشاء منتدى أمني للحوار الاستراتيجي بين البلدين لرصد الأخطار المشتركة وإقامة آلية لمواجهتها، والتعاون في مجال مكافحة الجريمة المنظمة وتزوير الوثائق الرسمية والإرهاب الدولي، ومحاربة جرائم الثراء غير المشروع، والجرائم الاقتصادية من خلال التصدي لعمليات غسل الأموال وغيرها، ومكافحة جرائم تهريب الأسلحة والبضائع وتهريب الآثار والتراث الثقافي”.

وإلى جانب ذلك ركز الاتفاق على “التعاون في مجال الإنقاذ البحري والتسلل غير المشروع، والتعاون في مجال مكافحة المخدرات، والتعاون في مجال التدريب الأمني من قوات الشرطة وتبادل الخبرات والمعلومات الأمنية، ومنع الهجرة غير القانونية وفرض الرقابة على الحدود والمياه الإقليمية”.

ومن البنود يتضح أن الاتفاق ليس أمنياً فقط، بل عسكرياً، على الرغم من تصريحات وزير الداخلية السعودي حينذاك عقب التوقيع، حيث قال إن الاتفاق ليست له أبعاد عسكرية، بل سيكون في مصلحة الأمن في المنطقة.

وزير الداخلية الإيراني اعتبر بدوره حينها الاتفاق الأمني “تطوراً مهماً ونقلة نوعية وجيدة في مجالات التعاون بين السعودية وإيران”، مشيراً إلى أن “هذا الاتفاق سيكون له أثر إيجابي على المنطقة، وسيسهم في فتح مجالات كثيرة لآفاق التعاون والتعامل البناء الإيجابي بين البلدين”.

وبموجب المادة التاسعة من الاتفاق، تشكّلت لجنة أمنية مشتركة اجتمعت مرتين لبحث سبل تفعيل الاتفاق، أولاً في نوفمبر 2001 وثانياً في أبريل 2008.

وعودة إلى الاتصال الهاتفي الأخير الذي جرى بين الأمير خالد بن سلمان، واللواء محمد باقري، يرى الخبير العسكري عبد الله القحطاني أن “من غير الممكن في رأيه أن يكون هناك بحث لتعاون عسكري ودفاعي. هذا لا أقرؤه بهذه السهولة ولا بهذا الشكل”.

بحسب ما يقول القحطاني فإن “التعاون الدفاعي والعسكري يتطلب هدوءاً واستقراراً وتوافقاً في الرؤى، ويتطلب استقرار المنطقة، ووجود بلدان عربية مستقرة في العراق وسوريا واليمن وفلسطين ولبنان وهذا يحتاج إلى وقت”.

التعاون العسكري والأمني “لا يأتي بمجرد الصدفة، ولا لأجل الدعاية والإعلان، وإنما يأتي على قواعد عامة تشمل الجميع، وتشمل أمن واستقرار المنطقة”، مشدداً على أن “هذا الاتصال لا يمكن أن يبنى عليه لتعاون عسكري، أنا أستبعد هذا الشيء، وفق المنطق وما أقرؤه على الواقع”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة + 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى