ما العراقيل التي تقف أمام الموازنة الإيرانية للعام المقبل؟

رأى بعض النواب أن إيرادات موازنة العام المقبل بعيدة عن الواقع خاصة في ما يتعلق بإمكانية أن تتحقق موارد الموازنة من الضرائب بالنظر إلى تراجع دخل المواطنين خلال السنوات الأخيرة نتيجة الأزمة الاقتصادية.

ميدل ايست نيوز: قدم الرئيس الإيراني الثلاثاء الجزء الأول من مشروع موازنة 2024 إلى مجلس أعضاء الشورى. وأكد أن “الواقعية” تشكل أساس ترسيم الموازنة الجديدة، في حين رأى بعض النواب أن هذه الإيرادات بعيدة عن الواقع خاصة في ما يتعلق بإمكانية أن تتحقق موارد الموازنة من الضرائب بالنظر إلى تراجع دخل المواطنين خلال السنوات الأخيرة نتيجة الأزمة الاقتصادية.

وأضاف رئيسي خلال كلمة له تحت سقف البرلمان، أن الموازنة نسجت على أساس احتواء التضخم الذي يبلغ حاليا نحو 46%، مشيراً إلى أن الحكومة تهدف في طريقة بناء الموازنة الجديدة إلى إنهاء العجز فيها، غير أن بعض أعضاء مجلس الشورى رأى أن البلاد ستواجه عجزا في الميزانية في العام المقبل وارتفاعا في معدلات التضخم ما لم يطرأ تغيير على الأوضاع الراهنة.

ميزانية لصد الانكماش

وقال جبار كوجك نجاد، عضو لجنة موازنة 2024 في مقابلة مع صحيفة دنياي اقتصاد: لم يتحقق جزء كبير من موازنة 2023، خاصة في قطاع البناء والبنية التحتية. كما لم يتم تخصيص المادة 56، التي كانت تتعلق بتطوير القطاع الاقتصادي، وقد خلق هذا الموضوع مشاكل في قطاع البناء في البلاد.

وأضاف أن ” الحكومة قللت الاعتماد على عوائد النفط بنسبة 9 %، لكنها في المقابل تتكئ على عوائد الضرائب”.

وبين البرلماني الإيراني أن موازنة 2024 كتبت للحد من التضخم الانكماشي، وأكد أن “تحقيق الإيرادات الضريبية بشكل كامل سيحقق نحو 1200 تريليون تومان (42 مليار دولار)، أي أنها لن تؤمّن كامل إيرادات الموازنة”، داعياً الحكومة إلى “تقديم موازنة انكماشية لمنع العجز”.

وأوضح أن “الموازنة ستواجه نقصاً في الموارد في العام المقبل”، وأكد: نسدد حوالي 150 تريليون تومان رواتب شهريا، والنفقات الأخرى التي لا مفر منها والتي تتراوح بين 1700-1800 تريليون تومان في السنة لدفع الرواتب والنفقات الجارية. بالتالي، سيكون لدينا نقص في الموارد.

وتوقع النائب الإيراني تراجع عوائد إيران من الصادرات النفطية على خلفية الحرب على غزة وتداعياتها، مشيراً إلى أن البلاد ستواجه على الأغلب المزيد من العقوبات خلال الفترة المقبلة مما يعني الحد من بيع النفط، وهو ما سيجعل الضرائب المصدر الوحيد للموازنة.

واستطرد كوجك نجاد بالحديث عن معدل التضخم في العام المقبل: التضخم يعتمد على سلوك الحكومة. أعتقد أن الحكومة أغلقت البنوك وخفضت التضخم والسيولة، لكن هذا الموضوع ليس مستداما وإذا استمر سيدمر الإنتاج، الأمر الذي سيخلق ركودا رهيبا في الاقتصاد. لذلك، يتوجب علينا اللعب مع التضخم ونتجه نحو الإنتاج حتى لو تبعه التضخم.

انقسام مثير للقلق

بدوره، قال معين الدين سعيدي، عضو لجنة الزراعة في البرلمان: العقوبات لا تزال مستمرة ونواجه مشاكل في بيع النفط، وعائدات النفط لا تصل إلى الخزينة لأسباب مختلفة.

يضيف: المثير في الأمر أننا في الشهر التاسع من العام الإيراني والتخصيصات تتراوح بين 10 إلى 12 بالمئة فقط، ولم يتم تخصيص الكثير من أبواب الموازنة، ليس هذا فحسب بل نقوم بدراسة زيادة ميزانية الخطة السابعة بنسبة 43% للمؤسسات الخاصة مثل صداوسيما (التلفزيون الإيراني)!

الهدف: الحد من التضخم

من ناحيته، يقول يحيى إبراهيمي، وهو عضو لجنة الصحة في البرلمان أن موازنة العام المقبل انكماشية، وأضاف أن الحكومة كتبت موازنة 2024 بطريقة انكماشية مثل موازنة 2023، لكن لا يبدو أنها سيحققون أهدافهم المرجوة.

ويلفت هذا البرلماني أن “تخصيص ميزانيات البناء منخفض جدًا وبالتالي فإننا في معرض مواجهة العديد من المشاكل.” وأكد: كان ينبغي علينا دعم المنتجين في ملف المشاريع الاقتصادية، لكن لم يتم القيام بأي شيء خاص في هذا الصدد حتى الآن. وعندما لا يدفع البنك المركزي أي أموال للقروض، فمن الطبيعي أن تنخفض السيولة، ولكن على حساب السبات الذي سيدخله الإنتاج.

نقص في الموارد

وتحدث رمضان علي سنكدويني، عضو لجنة الطاقة بالبرلمان، حول ما إذا كانت موازنة العام المقبل ستتسبب في التضخم: سيكون لدينا تضخم عندما لا تتناسب مواردنا مع نفقاتنا وتكون نفقاتنا أكثر من مواردنا. هناك احتمال أن نواجه نقصًا في الموارد في العام المقبل.

وأردف أن الحكومة تتطلق إلى تقليص الفجوة بين الموارد والنفقات، ولكن هناك عجز يجب حله، وأضاف: تسعى الحكومة إلى القضاء على العجز بين النفقات والموارد لأنه يساهم في عجز الميزانية والتضخم.

إيرادات الموازنة

ويبلغ حجم الموازنة الإيرانية الجديدة الانكماشية 2429 تريليون تومان (نحو 85 مليار دولار) حسب سعر صرف 28500 تومان الرسمي المحدد لكل دولار في الموازنة.

ووفقاً لسعر الصرف الحر في السوق فإن الموازنة تبلغ نحو 49 مليار دولار، حيث يصل سعر الدولار إلى نحو 50 ألف تومان.

وزاد حجم الموازنة الإيرانية للعام المقبل 16.7% عما عليه هذا العام، وقللت الحكومة الإيرانية الاعتماد على عوائد النفط والغاز في الموازنة نحو 16%، حيث بنت الموازنة على أساس تصدير 1.350 مليون برميل نفط يومياً بسعر 71 دولاراً للبرميل.

وتستهدف الحكومة في الموازنة تحقيق موارد من الصادرات النفطية بقيمة 554 تريليون تومان (أكثر من 19.438 مليار دولار) للعام المقبل وفق سعر صرف 28500 تومان لكل دولار، وذلك في ظل العقوبات الأميركية الصارمة على الصادرات النفطية الإيرانية منذ عام 2019.

ويظهر هذا الرقم تراجع عوائد الدولة من صادرات النفط والغاز بنسبة 8.1% في العام المقبل، مما يعني تراجع اعتماد الموازنة الإيرانية على الصادرات النفطية من 29 % هذا العام إلى 22.8 % العام المقبل.

وبعد خفض الاعتماد على عوائد صادرات النفط والغاز، رفعت الحكومة حصة ما يعرف بالموارد المستدامة في الموازنة إلى 1496 تريليون تومان (نحو 52 مليار دولار).

في قسم الموارد المستدامة للموازنة، زادت الحكومة الإيرانية العوائد الحاصلة عن الضرائب بنسبة 49.8 %، لتبلغ 122 تريليون تومان (نحو 40 مليار دولار)، مما يعني أن هذا المورد يشكل نحو 52 % من إيرادات الموازنة المقبلة.

إلى ذلك أيضاً تراجع الاعتماد على رسوم الجمرك بنسبة 3.8%، لكن في المقابل زادت أرباح الشركات الحكومية المتوقعة بنسبة 76.5%.

كما خصصت الحكومة مبلغ 15 مليار دولار لاستيراد السلع الأساسية في الموازنة.

في المحصلة، تظهر أرقام الموازنة الإيرانية تراجع عجز الموازنة من 454 تريليون تومان (15 مليار دولار) في العام الحالي إلى 307 تريليونات تومان (نحو 11 مليار دولار) في العام المقبل. كما خفضت الحكومة أيضاً عوائد بيع الأصول بنسبة 16% في العام المقبل.

إقرأ أكثر

الموازنة الجديدة الإيرانية تسبب صدمة لمجتمع الموظفين والعمال

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى