صراع حزبي في كردستان العراق على مقاعد الأقليّات يهدّد انتخابات البرلمان

قبل أسابيع قليلة من إجراء الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان العراق، يتصارع الحزبان الرئيسيان على توزيع مقاعد كوتا الأقليات.

ميدل ايست نيوز: قبل أسابيع قليلة من إجراء الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان العراق، يتصارع الحزبان الرئيسيان على توزيع مقاعد كوتا الأقليات، حتى أن الموضوع أحيل إلى المحكمة الاتحادية العليا، في تصعيد قد يهدد إجراء الانتخابات من أساسها.

انتخابات برلمان كردستان التي مضى على موعدها الأصلي الاعتيادي قرابة عام، من المتوقع أن تجرى في 25 شباط (فبراير) المقبل، بحسب موعد أولي حددته رئاسة الإقليم. لكن مطالبة الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب الثاني في البرلمان بعد الديموقراطي الكردستاني، بإعادة توزيع مقاعد كوتا الأقليات (11 مقعداً من أصل 111 مقعداً برلمانياً، 1 للأرمن و4 للآشوريين والسريان و5 للتركمان)، قد تدفع رئاسة الإقليم إلى تأجيل الانتخابات أشهراً عدة، إلى حين حصول التوافق.

خلفيات الاعتراض على الكوتا

مصدر في المكتب السياسي للاتحاد الوطني شرح في حديث إلى “النهار العربي” اعتراضات حزبه على مسألة مقاعد الكوتا في برلمان الإقليم، قائلاً: “نتعرض لعملية تشويش منذ أشهر توحي وكأن الاتحاد الوطني ضد حصول الأقليات القومية والدينية في كردستان على مقاعد مخصصة في البرلمان، وهذا غير صحيح تماماً. فالاتحاد الوطني يريد فقط إما إعادة توزيع هذه المقاعد على المحافظات بطريقة عادلة، أو إيجاد آلية انتخابية يصبح فيه الفائز عن مقاعد الأقليات ممثلاً حقيقياً للقواعد الاجتماعية لأبناء تلك الجماعات الأهلية، إذ لا يُعقل أن تكون كل مقاعد الكوتا في محافظتي أربيل ودهوك، حيث النفوذ السياسي لحزب معين، وتالياً يُنتخب الفائز بحسب الكتلة التصويتية للحزب المهيمن على تلك المنطقة”.

يرفض الديموقراطي الكردستاني تلك الاتهامات، ويعتبرها غير قائمة على دلائل، مؤكداً أن توزيع مقاعد الكوتا في مناطق الإقليم مبني على آلية توزيع أبناء المكونات الأخرى في الإقليم. فنسبة 80 في المئة من تركمان كردستان العراق مثلاً مقيمون في محافظة أربيل، بينما يقيم 70 في المئة من الآشوريين والسريان في محافظة دهوك. ويستدل الحزب على وجود ونشاط الأحزاب التركمانية والآشورية التقليدية التاريخية في هذه المناطق.

ترقّب لقرار المحكمة الاتحادية

المحكمة الاتحادية العراقية العليا صارت جزءاً من الجدال بين الطرفين، بعد رفع كتاب من دائرة العمليات وتكنولوجيا المعلومات في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق إلى المحكمة، لإصدار حكمها بشأن هذا التنازع بين الطرفين.

المعلومات الأولية التي سربتها مصادر من داخل المحكمة الاتحادية تقول إنها ستميل إلى رأي الاتحاد الوطني الكردستاني، وستعتمد أساس التوزيع السكاني لمحافظات الإقليم، وبحسبه ستعيد توزيع مقاعد الكوتا، معتمدة بالذات على توزيع مقاعد البرلمان المركزي في محافظات الإقليم.

وبحسب رؤية المحكمة الاتحادية، فإن محافظة السليمانية (حيث نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني) تملك 41 في المئة عدد مقاعد كردستان في البرلمان المركزي (18 مقعداً من أصل 44 مقعداً)، وبذا سيكون مخصصاً لها 4 مقاعد للكوتا، من أصل 11 مقعداً، اثنان للتركمان واثنان للآشوريين السريان. على الحسبة نفسها فإن أربعة مقاعد ستكون مخصصة لمحافظة أربيل (2 للتركمان و2 للكلدان الآشوريين)، وثلاثة لمحافظة دهوك (واحد للتركمان وآخر للآشوريين وثالث للأرمن).

الباحثة في الشؤون الانتخابية لمياء علي الصالح حلّلت الحسابات المرتبطة بمقاعد الأقليات في الإقليم، ومدى مطابقتها لما يحدث في البرلمان المركزي، قائلة: “في المحصلة، لا تفكر القوى السياسية بالأساس الذي انطلق منه المشرع الدستوري لتخصيص مقاعد برلمانية لأبناء الأقليات العرقية والدينية في البلاد، وهو عدم قدرة هذا التكوين الاجتماعي على تصعيد ممثليه السياسيين بحسب اعتبارات المواطنة المجردة، لذلك مايزهم إيجابياً، بغية إيجاد تنوع وتمثيل مناسب لهم ضمن الهيئات التشريعية. الأحزاب الكبرى، في المركز أو الإقليم، قضمت بالتقادم ذلك المبدأ، وأوجدت تنظيمات وشخصيات سياسية من أبناء تلك المكونات، لتصعد بأصوات مكونات أخرى، وتكون رديفاً للأحزاب الكبرى. في هذا المقام، ومع تكرار هذه الآلية، أجد أن ما سُمي في لبنان قبل سنوات بـ”القانون الأرثوذكسي” (اقتراح لم يُطبّق)، حيث ينتخب أبناء المكونات ممثليهم البرلمانيين هو أنجع آلية لتحقيق مرامي المشرع الدستوري جوهرياً”.

أي تداعيات محتملة؟

لم تُظهر القوى السياسية في إقليم كردستان ردود فعلها على توجهات المحكمة الاتحادية، كون التسريبات الصادرة عنها غير رسمية. لكنها لو صحت في النتيجة، فإن ذلك سيكون محل رفض من الحزب الديموقراطي الكردستاني، والأحزاب الحليفة له ضمن البرلمان، خصوصاً أحزاب المكونات القومية والدينية، المتمركزة في مناطق نفوذه، والتي سترفع احتجاجاً بعدم وجود ناخبين تركمان وآشوريين وكلدان في محافظة السليمانية أساساً، خلا بعض المئات من المقيمين، فكيف تخصص لهم عدة مقاعد برلمانية؟

قوى المجتمع المدني في إقليم كردستان عقدت اجتماعات وندوات مفتوحة بهذا الشأن، ناقشت فيها “المأزق السياسي”، وشهدت نقاشاً عاماً على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، لكن من دون تقديم مقترحات قد تكون مخارج لأسباب عديدة، على رأسها توقف برلمان الإقليم عن أداء مهامه، وتالياً توقف إمكان تشريع تغيرات في قانون الانتخابات الإقليمي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
النهار العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

16 − أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى