لتعاون نووي مع السعودية.. لماذا تتردد أمريكا؟ وماذا تفعل الصين؟
حصلت بعض وسائل الإعلام الألمانية على أدلة تثبت أن الحكومة الألمانية أبقت سرا الاتفاق مع العراق بشأن ترحيل طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم.
ميدل ايست نيوز: في ظل تعثر المفاوضات بين السعودية والولايات المتحدة بشأن تشغيل دورة وقود نووي مدني كاملة في المملكة، تترقب الصين التطورات على أمل الانخراط في تعاون مع الرياض يعزز نفوذ بكين المتصاعد في الشرق الأوسط، بحسب محمد المذحجي في تحليل بـ”مركز ويلسون” للدراسات بواشنطن (wilsoncenter).
ومع اندلاع حرب مدمرة يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، توقف مفاوضات بين السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة بشأن صفقة ضخمة لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب بوساطة أمريكية أمريكية.
ووفقا لتقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية، ترغب السعودية مقابل التطبيع في دعم أمريكي لتشغيل دورة وقود نووي كاملة، بما فيها تخصيب اليورانيوم داخل المملكة، وتوقيع معاهدة دفاع مشترك مع واشنطن، والحصول على أسلحة أكثر تطورا، بالإضافة إلى التزام إسرائيلي بخطوات تقود إلى إقامة دولة فلسطينية.
وقال المذحجي إن “تردد الولايات المتحدة أدى إلى إحباط الجهود السعودية للوصول إلى التكنولوجيا النووية الأمريكية”.
وتابع: “في الوقت نفسه، بدأت الصين بنشاط في دعم الطموحات النووية للمملكة. وربما لا تزال التكنولوجيا الأمريكية هي المفضلة للرياض، ولكن الانتظار قد يزيد من جاذبية التعاون مع القوى النووية الأخرى”.
والدولة الوحيدة التي تمتلك ترسانة أسلحة نووية في الشرق الأوسط، هي إسرائيل ولم تعلن عنها رسميا ولا يخضع برنامجها لرقابة دولية.
المعيار الذهبي
و”في ضوء التطورات السريعة، والمنافسة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، والخيارات المتاحة، يبدو من غير المرجح أن تنجح جهود التوسط في صفقة مماثلة لتلك التي سمحت ببناء مفاعلات نووية أمريكية في الإمارات”، كما أضاف المذحجي.
وأردف أنه “يبدو أن السعودية مترددة في تبني ما يُعرف بـ”المعيار الذهبي 123″؛ فمن شأنه أن يحرم البلاد من دورة وقود نووي كاملة”.
وتنص المادة 123 من قانون الطاقة النووية الأمريكي على أن تتعهد أي دولة تتعاون معها الولايات المتحدة في هذا المجال بالتخلي عن الحق في تخصيب أو إعادة معالجة المواد النووية (كما فعلت الإمارات).
ويهدف هذا التعهد إلى الحيلولة دون تحول البرنامج النووي المدني إلى أغراض عسكرية، لاسيما في حالة السعودية إذا تمكنت إيران من إنتاج سلاح نووي.
المذحجي زاد بأن “هذا التردد قد يتفاقم بسبب المناقشات الدائرة داخل الدوائر الغربية حول احتمال السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم بما يتجاوز عتبة 60%”.
وتمتلك إيران برنامجا نوويا يثير شكوكا عربية وغربية، إذ تواجه طهران اتهامات بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.
وعبر اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، استأنفت السعودية وإيران علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى قطيعة استمرت نحو 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج صراعات عديدة في المنطقة.
وعلى الرغم من هذه المصالحة، أكدت السعودية في أكثر من مناسبة أنها ستسعى إلى امتلاك سلاح نووي إذا امتلك إيران هذا السلاح. وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها.
أمن قومي
و”قضية تخصيب اليورانيوم ترتبط ارتباطا وثيقا بالأمن القومي السعودي”، بحسب الدكتور هشام الغنام، مدير عام الدراسات الاستراتيجية وبرامج الأمن القومي في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض.
وأردف أن لا يوجد حاليا أي تعاون نووي كبير بين السعودية والصين، سواء للتنقيب عن اليورانيوم أو لأغراض أخرى، “لكن الصين تظل أحد الخيارات المحورية الرئيسية لإنتاج الطاقة النووية السلمية في المملكة وتخصيب اليورانيوم”.
الغنام زاد بأن “المملكة، باعتبارها دولة ذات ثقل إقليمي ودولي كبير، لا تميل إلى الاعتماد على دول أخرى في المستقبل، ولا يمكن مقارنة برامج التكنولوجيا النووية في الإمارات والسعودية”.
وشكك الدكتور محمد قواس، محلل سياسي مقيم في لندن، في إمكانية قبول السعودية بـ”المعيار الذهبي”، مضيفا أن “هذا الأمر متشابك أيضا مع مستقبل المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، وتحديدا الخطاب الدائر حول السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم إلى درجة 60%، وهو في حد ذاته فضيحة للغرب”.
واعتبر أنه “طالما استمرت القوى الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، في السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم على مستوى عالٍ، فقد تستشهد الرياض بهذا كنقطة مرجعية في أي مفاوضات نووية مع واشنطن”.
“ووسط هذه التطورات، تظل الصين متيقظة وتراقب عن كثب المفاوضات السعودية مع الولايات المتحدة، والتي يبدو أنها في طريق مسدود”، كما أردف المذحجي.
وأضاف أنه “يبدو أن محادثات التطبيع تراجعت خطوة إلى الوراء في أعقاب الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة، كما تم تعليق آفاق الممر الاقتصادي (بين الهند وأوروبا عبر دول في الشرق الأوسط بينها السعودية وإسرائيل)”.
ومشيرا إلى احتمال أن تتعاون السعودية مع قوة نووية أخرى غير الولايات المتحدة، قال المذحجي إن “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لا يبدو من النوع الذي يحب الانتظار طويلا”.