الكويت.. ملفات سياسية واقتصادية على طاولة الأمير الجديد
في يوم 16 ديسمبر 2023 تولى الشيخ مشعل الأحمد الصباح منصب الأمير في الكويت بعد وفاة شقيقه الشيخ نواف الأحمد، الذي رحل عن عمر يناهز 86 عاماً.
ميدل ايست نيوز: في يوم 16 ديسمبر 2023 تولى الشيخ مشعل الأحمد الصباح منصب الأمير في الكويت بعد وفاة شقيقه الشيخ نواف الأحمد، الذي رحل عن عمر يناهز 86 عاماً.
الشيخ مشعل، البالغ من العمر 83 عاماً، يأتي بخلفية واسعة في تعزيز البنية التحتية الأمنية والدفاعية في الكويت، علاوة عن تجربته بحل الأزمات السياسية الداخلية، وقدرته على تجاوز التحديات الاقتصادية.
وأصبح الشيخ مشعل ثالث أمير للكويت خلال ما يزيد قليلاً على ثلاث سنوات، حيث شغل هذا المنصب 14 عاماً حتى عام 2020 من الشيخ صباح الأحمد.
وعلى طاولة الأمير الجديد عدة تحديات وملفات تنتظره ليتعامل معها، خاصة على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
ملفات سياسية
ومن أبرز الملفات التي سيعمل عليها الأمير الجديد الحفاظ على علاقة قوية مع السعودية.
كما من المتوقع أن يكون التزامه بدعم السياسات الخارجية الكويتية الرئيسية، ومن ضمنها دعم وحدة دول الخليج العربية، ذا أهمية بالغة، وفق مراقبين.
وبالإضافة إلى تعزيز العلاقات مع الحلفاء التقليديين، قد يستكشف الشيخ مشعل أيضاً توسيع علاقات الكويت مع الصين، لا سيما بعد دور بكين في تطبيع العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية في مارس الماضي.
وتؤكد الاتفاقيات الاقتصادية التي تم التوقيع عليها خلال زيارة الشيخ مشعل للصين في سبتمبر الماضي، نهجه الاستباقي في العلاقات الدولية.
ولعل من أكثر ما يقلق الشيخ مشعل هو عدم الاستقرار الإقليمي واحتمال تصعيد الصراعات، خاصة في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، والتداعيات التي ستنتج عن هذه الحرب على الصعيد الإقليمي والدولي.
وعلى الصعيد الداخلي، يواجه الشيخ مشعل التحدي المتمثل في إدارة التوترات بين الحكومة والبرلمان.
يذكر أن مجلس الأمة في الكويت يتمتع بنفوذ كبير، مما يؤدي إلى تعديلات وزارية متكررة وحل البرلمان.
وشهد المشهد السياسي في عهد الشيخ نواف تشكيل ثماني حكومات، وإجراء ثلاثة انتخابات برلمانية في العامين الأولين.
وفي عام 2022، تدخل الشيخ مشعل في الخلاف بين الحكومة والبرلمان، وحل مجلس الأمة، ودعا إلى انتخابات جديدة، وجرى استبدال رئيس الوزراء.
التحديات الاقتصادية
الخلافات السياسية الداخلية بالكويت أعاقت بشكل أو بآخر تنفيذ الإصلاحات التي كان يحتاج إليها اقتصاد البلاد لتنويع موارده بدلاً من الاعتماد بشكل كبير على النفط.
وبعدما أصبح أميراً للبلاد، سيتعين على الشيخ مشعل الأحمد أن يتعامل مع التوتر طويل الأمد بين الحكومة والبرلمان.
وأدى عدم الاستقرار السياسي في الكويت إلى إضعاف شهية المستثمرين في بلد يعدّ أحد أكبر مصدري النفط في العالم.
واعتبر صندوق النقد الدولي في تقرير أصدره في أغسطس الماضي، أن تأخر الكويت في الإصلاحات المالية والهيكلية اللازمة يمكن أن يؤدي إلى تضخيم مخاطر السياسة المالية المسايرة للدورة الاقتصادية وتقويض ثقة المستثمرين.
ومن شأن مثل هذا التأخير أيضاً أن يعيق التقدم نحو تنويع الاقتصاد، وهو ما يجعله أكثر عرضة لمخاطر التحول المناخي وتفضيل العالم للطاقة النظيفة.
وأشار الصندوق إلى استفادة الكويت من ارتفاع أسعار النفط، حيث زاد الناتج المحلي الإجمالي 8.2% في عام 2022.
وبينما من المتوقع أن يتراجع النمو النفطي في عام 2023 بسبب تخفيضات إنتاج النفط، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي سيظل قوياً، مدفوعاً بالطلب المحلي، ومن المتوقع أن يظل ثابتاً على المدى المتوسط.
يذكر أن ميزانية الكويت العامة تعتمد على إيرادات النفط الخام بنسبة 88%، وفق بيانات وزارة مالية الدولة الخليجية.
أما عن معدل التضخم فإنه كان قد بلغ ذروته عند 4.7% على أساس سنوي في أبريل 2022، ثم تراجع إلى 3.7% في مايو الماضي بفضل تشديد السياسة النقدية.
ومعادلة التضخم ستكون أيضاً من أبرز الملفات التي يجب التعامل معها خلال الفترة المقبلة.
وضمن الملفات الاقتصادية التي ستكون حاضرة على طاولة الأمير الجديد دراسة فرض ضريبة قدرها 15% على الشركات الكويتية الكبرى متعددة الجنسيات، تطبيقاً لقواعد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وذلك لمنع التهرب الضريبي والتوجه إلى دول ذات معدلات ضريبية أقل.
ومن الملفات التي يحتاج إلى مواجهتها الأمير مشعل الأحمد البطالة التي بلغت 2.2%، ولكنه ليس تحدياً ملحاً فالمواطن الكويتي يعد من أغنى أغنياء العالم من حيث متوسط الدخل.
وتملك الدولة الخليجية حوالي 8% من احتياطات النفط الموجودة بالدول الأعضاء في منظمة “أوبك” حتى نهاية عام 2022.
كيف يطبق الإصلاحات؟
يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش، إن “العديد من المهام السياسية الاقتصادية ستكون مطروحة على طاولة أمير الكويت الجديد”.
ويضيف عايش، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “اقتصاد الكويت يقع تحت وطأة أسعار النفط التي تشهد تقلبات حادة، فبعد أن حققت مكاسب على الأسعار في 2022 مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية عادت لتتراجع هذا العام”.
ويتابع: “هذا يؤثر بشكل مباشر على اقتصاد الكويت ولذلك يحتاج الشيخ مشعل لتنفيذ الإصلاحات المرتقبة منذ سنوات لتنويع مصادر الإيرادات العامة”.
وأشار إلى أن الاقتصاد الكويتي سينكمش في العام الجاري بنسبة 0.6% بسبب تراجع أسعار النفط، وسيعود للنمو بنسبة 3.6% خلال العام المقبل بسبب التوقعات بزيادة الإنتاج وزيادة الطلب العالمي على النفط.
وذكر أنه لتجاوز التحديات الاقتصادية والبدء بتنفيذ الإصلاحات يجب إنهاء الخلافات السياسية الداخلية.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، رأى عايش أن الأمير الجديد سيحافظ على الدور السياسي البارز للكويت في المنطقة الخليجية والإقليم بشكل عام.
وأشار إلى أن الشيخ مشعل سيعمل على نسج علاقات جديدة مع العديد من البلدان خاصة الصين وهذا سيعمل على جذب استثمارات أجنبية كبيرة إلى البلد.
والشيخ مشعل الأحمد ولد عام 1940، وبدأ تعليمه في المدرسة المباركية إحدى أقدم المدارس في الكويت، ثم استكمل دراسته في المجال الأمني الشرطي، حيث تلقى تعليمه في كلية “هندن” للشرطة في بريطانيا وتخرج فيها عام 1960.
وفي 7 أكتوبر 2020 أصدر أمير الكويت الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمراً أميرياً بتزكية أخيه الشيخ مشعل ولياً للعهد، فبايع مجلس الأمة الشيخ مشعل الأحمد ولياً للعهد في اليوم التالي، وأدى القسم في اليوم ذاته أمام الأمير ومجلس الأمة.