عُمان تسعى لتجنب القائمة الرمادية المالية وسط مخاوف بشأن علاقتها مع إيران

تستعد سلطنة عمان، الدولة الخليجية المعروفة بحيادها وعلاقاتها الوثيقة مع كل من الولايات المتحدة وإيران، لمراجعة رئيسية من هيئة رقابية عالمية على الأموال القذرة.

ميدل ايست نيوز: تستعد سلطنة عمان، الدولة الخليجية المعروفة بحيادها وعلاقاتها الوثيقة مع كل من الولايات المتحدة وإيران، لمراجعة رئيسية من هيئة رقابية عالمية على الأموال القذرة، على أمل تجنب مصير دولة الإمارات العربية المتحدة المجاورة.

من المقرر أن يقوم وفد من “مجموعة العمل المالي”، ومقرها باريس، بزيارة إلى مسقط في أواخر يناير، مما يمهد الطريق لمراجعة في وقت لاحق من عام 2024. وبعد أن جرى خفض مرتبة الإمارات العربية المتحدة وإدراجها على ما يسمى “القائمة الرمادية” في مارس 2022، بدأ المسؤولون العمانيون في التحرك لتفادي الوصول إلى النتيجة ذاتها.

على عكس دولة الإمارات التي اعتمدت سياسات صديقة للعملات المشفرة ولديها سوق عقارات فاخرة مزدهرة ومفتوحة أمام المستثمرين الدوليين، فإن الاقتصاد العماني أصغر حجماً وأكثر تحفظاً. وهذا، إلى جانب إجراءات الرقابة الأخيرة، يجعل مسقط في وضع جيد لتجنب إدراجها على القائمة الرمادية، وفقاً لأشخاص مطلعين على إجراءات “مجموعة العمل المالي”.

مع ذلك، يعترف المسؤولون المحليون بالمخاوف بشأن علاقات عُمان مع إيران، وهي الدولة التي تواجه عقوبات أميركية قاسية.

قال رئيس البنك المركزي العماني طاهر العامري في مقابلة نادرة من مكتبه في مسقط: “إن أكبر نقطة ضعف هي موقعنا. هذا هو الخطر الرئيسي. وهذا بسبب العلاقة مع إيران”.

استفادت القيادة العُمانية من علاقاتها الوثيقة مع واشنطن وطهران خلال إدارة أوباما، حيث استضافت اتصالات دبلوماسية مهمة مهّدت الطريق في نهاية المطاف للاتفاق النووي لعام 2015. والآن، مع احتدام الصراعات في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، يُنتظر أن يوضع حياد مسقط الجيوسياسي تحت المجهر.

اجتماع الخزانة

أشار العامري إلى أن البنك المركزي العماني قام بترخيص بنكين إيرانيين، وشهد أيضاً بعض التدفقات من الأموال الروسية. وقال إن الحكومة تتخذ نهجاً دقيقاً، وتتابع عن كثب العقوبات الأحادية والمتعددة الأطراف من الخارج، مع الاعتراف بوجود العديد من “الأشخاص الشرعيين” من الدول الخاضعة للعقوبات.

وأضاف: “إذا كانت لديك أموال إيرانية تأتي عبر التجارة، فهل نقول إن كل شخص يحمل جواز سفر أو لديه عمل مرتبط بإيران يخضع للعقوبات؟ الولايات المتحدة لا تقول ذلك. لا ينبغي أن يكون تدفق الأموال الفعلي من المحرمات أو العقوبات، حتى مع روسيا”.

تابع العامري أن بريان نيلسون، وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، زار مسقط أواخر الشهر الماضي لمناقشة التعاون الثنائي بشأن تدفقات الأموال المرتبطة بإيران وروسيا.

قبل أسابيع، فرضت إدارة بايدن عقوبات على مجموعة من الشركات، بما في ذلك شركة الاستثمار المتخصصة “مجموعة تداول المالية”، ومقرها عمان، والتي قالت السلطات إنها استُخدمت لتلقي وإدارة أصول روسية غير مشروعة.

ذكر العامري أن عمليات الشركة قيد المراجعة، وقال: “أينما توجد ثغرات، فإننا نتأكد من إصلاحها”.

الإصلاحات

وجد تقرير صادر عن “صندوق النقد الدولي” أن القائمة الرمادية من قبل “مجموعة العمل المالي” تؤدي إلى “انخفاض كبير ومهم إحصائياً في تدفقات رأس المال”. وقدّر المقرض الدولي الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، أن تدفقات المحافظ والاستثمار الأجنبي المباشر انخفضت في المتوسط بنحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي.

على الرغم من أن اقتصاد دولة الإمارات الذي يبلغ حجمه 509 مليارات دولار نجح في تجاوز تصنيفه بشكل أفضل من معظم الدول، إذ تستعد الدولة للخروج من القائمة في أوائل العام المقبل، فإن عمان، التي يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي حوالي 108 مليارات دولار، والتي تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط والغاز الطبيعي، غير مستعدة للمخاطرة.

وضعت مسقط مؤخراً قائمة عقوبات خاصة بها، وضعت عليها أفراداً من أفغانستان وسوريا ونيجيريا. وتعتبر هذه الخطوة جزءاً من مجموعة من الإصلاحات التي تضمنت أيضاً إرشادات بشأن الأصول الافتراضية والمالكين المستفيدين وتسجيل الشركات.

ربط الريال بالدولار

تطرق العامري أيضاً إلى خطط عمان لتنويع احتياطياتها الأجنبية البالغة 15 مليار دولار تقريباً، وقال إن البلاد تهدف إلى خفض حيازاتها من الدولار إلى حوالي 65% في السنوات الخمس المقبلة من 80%، مع زيادة تعرضها لليورو والجنيه الإسترليني والدولار الأسترالي.

ومع ذلك، أكد مجدداً أن الدولة الخليجية ملتزمة بربط عملتها (الريال) بالدولار.

يأتي ذلك على الرغم من العلاقات المتنامية مع الصين التي يذهب إليها الجزء الأكبر من النفط والغاز الطبيعي العماني. قالت المملكة العربية السعودية، أكبر اقتصاد في المنطقة، إنها منفتحة على إمكانية تسوية بعض التجارة مع بكين باليوان، على الرغم من أن مسؤوليها قللوا من احتمال حدوث ذلك على نطاق واسع.

أضاف العامري: “لقد خدمنا الربط بشكل جيد وأعتقد أن ذلك سيستمر في المستقبل. الأمر الذي قد يجعل الربط غير ذي فاعلية، هو حدوث تحول عالمي أكبر، وهذا ما لا نتوقع أن يحدث قريباً”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الشرق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة + 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى