كيف ستبدو العلاقات الإيرانية الكويتية في عهد الشيخ مشعل؟

يترقب الكثيرون تأثير المجريات في الكويت على علاقاتها مع أكبر الدول المطلة على مياه الخليج ألا وهي إيران.

ميدل ايست نيوز: دهش العالم من الوفاة المفاجئة لملك الكويت فهو لم يكمل عامه الثالث حاكماً لهذا البلد الذي يعد سادس أكبر احتياطي نفطي معروف في العالم، فعدا أهمية هذا الحدث وخلافة الملك الجديد وما سيتبعه من تطورات جديدة محلية وخارجية، يترقب الكثيرون تأثير هذه المجريات على علاقات هذه الدولة الخليجية مع أكبر الدول المطلة على مياه الخليج ألا وهي إيران.

وتوفي ملك دولة الكويت نواف الأحمد الجابر الصباح، السبت، وخلفه أخوه غير الشقيق الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح. وتولى نواف الأحمد الحكم قبل أكثر من عامين عن عمر يناهز 84 عاما.

عقد متقلب

وفي نوفمبر من عام 2022، وبعد قطيعة دامت سبع سنوات، انعقدت اللجنة القنصلية المشتركة لإيران والكويت لأول مرة بحضور مسؤولي وزارة الخارجية لكلا البلدين، وذلك بعد تقليص العلاقات بين طهران والكويت إلى المستوى الدبلوماسي منذ يناير 2015.

توترت العلاقات بين البلدين مرة أخرى في عام 2016 إبان اتهام إيران بالتدخل في ملف جماعة تدعى “مجموعة العبدلي”. حيث زعمت الكويت أنها اعتقلت أعضاء هذه المجموعة المقربة من إيران في مدينة العبدلي وبحوزتهم عدد كبير من الأسلحة والذخائر.

وطالبت الكويت إيران غداة هذه الأحداث بخفض عدد دبلوماسييها في البلاد وأدانت 21 شخصا بتهم “التجسس لصالح إيران وحزب الله اللبناني” و”القيام بأعمال تضر بوحدة الكويت الإقليمية”.

وبعد استئناف العلاقات بين إيران والسعودية وإعادة فتح سفارتي البلدين في طهران والرياض، رفعت الكويت علاقاتها مرة أخرى إلى مستوى السفارة بالتماشي مع خطوة الرياض، وقامت بتعيين بدر عبدالله المنيخ سفيرا جديدا لطهران.

من غير المحتمل أن يكون لانتخاب الشيخ مشعل حاكما للكويت تأثير كبير على تطور العلاقات مع إيران. فعندما كان مشعل وليا للعهد لم يبادر الجانب الكويتي باتخاذ خطوات استباقية لتحسين العلاقات بين طهران والكويت، طبعا باستثناء تغيير نهج بلاده عندما توترت العلاقات السعودية الإيرانية.

وعلى النقيض من ذلك، حاولت إيران بشكل دائم على الرغم من العلاقات العدائية مع جيرانها الخليجيين، الحفاظ على مستوى علاقاتها الدبلوماسية مرتفعًا مع الكويت. على سبيل المثال، عندما كانت الكويت تطرد الدبلوماسيين الإيرانيين واحداً تلو الآخر، وتسعى لإغلاق الملحقية الثقافية الإيرانية واستدعاء سفيرها من طهران، لم ترد إيران حينها على الإطلاق واكتفت بابقاء علاقاتها على مستوى السفراء. وهو ذات النهج الذي اتبعته تجاه أذربيجان منذ العام الماضي في أعقاب الهجوم على سفارة باكو في طهران.

ثغرة في نقطة الخلاف؛ هل تستغلها إيران؟

وعلى وقع هذا، ينبغي تحليل العلاقات المستقبلية بين طهران والكويت في إطار العلاقات بين إيران والسعودية، ولكن ليس بالأبعاد المجملة وإنما في القضية التي تخلق تضاربا خطيرا في المصالح بين البلدين ألا وهي حقل آرش/الدرة الغازي. ومهما كانت وجهة النظر الكويتي متقاربة مع جارتها السعودية، إلا أن الأمر أيضا قابل للمناقشة بشكل ثنائي، أي بين إيران والكويت.

ويعد حقل الدرة الذي تم اكتشافه في مياه الخليج عام 1967 موضع خلاف بين الكويت وإيران منذ مدة طويلة، حيث تقول الأخيرة إنها تشترك في جزء من حقل الدرة مع الكويت التي قامت بالاتفاق مع السعودية على تطويره والاستفادة منه، العام الماضي، معتبرة أنه “كويتي سعودي خالص”.

وفي 21 مارس 2022، وقعت السعودية والكويت وثيقة بقيمة 7 مليارات دولار لتطوير الحقل، تنص على قيام شركة عمليات الخفجي المشتركة، وهي مشروع مشترك بين “أرامكو لأعمال الخليج” و”الشركة الكويتية لنفط الخليج”، بالاتفاق على اختيار استشاري “يُجري الدراسات الهندسية اللازمة لتطوير الحقل”.

إلا أنه في 26 مارس، اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أن الاتفاق بين السعودية والكويت لتطوير حقل “آرش/ الدرة” للغاز خطوة “غير قانونية”، مؤكدة احتفاظ إيران بحق الاستثمار في الحقل المشترك بين الدول الثلاث.

ورغم المحادثات العديدة التي أجرتها إيران والكويت على مدى السنوات الماضية حول هذه المنطقة الحدودية، إلا أن أي منها لم يتوصل إلى نتيجة. كما فشلت الجولة الجديدة من الجهود الرامية إلى إحياء هذه المحادثات هذا الصيف، ليأتي جواد أوجي (وزير النفط الإيراني) في أغسطس الماضي ويهدد بأنه “إذا لم تكن هناك رغبة في التفاهم والتعاون، فإن إيران لن تتسامح مع انتهاك حقوقها”.

وإبان هذه التصريحات خرجت السعودية والكويت ببيان مشترك أعلنتا فيه حقهما الشرعي والمشترك في حقل آرش الغازي، غير أنهما أكدا استمرار المفاوضات مع إيران، لكنهما لم يعترف بحق إيران على هذا الحقل الذي يطلقون عليه اسم “الدرة”.

وفي عام 2013، أنشأت شركة النفط الوطنية الكويتية (KPC) وأرامكو السعودية تحالفًا (KGO) لتطوير حقل آرش (الدرة) النفطي الغازي، بل وحفرت بئرًا استكشافيًا لتطوير هذا حقل المشترك، غير أن الخلافات بين هذين البلدين حول مكان الاستخراج وطريقة المشاركة في الغاز المنتج، حال دون الاستمرار في التعاون.

لذلك، ربما تتمكن إيران من استغلال فرصة الخلاف بين الكويت والسعودية حول كيفية الاستفادة من هذا الحقل للتوصل إلى اتفاقيات منفصلة مع كل من هاتين الدولتين من شأنها تعظيم مصالح إيران، إلا أن التصريحات المشتركة الأخيرة للكويت والرياض (خلال ولاية عهد الشيخ مشعل) تحمل في طياتها تاريخا متينا من التعاون مع السعودية، وبالنظر إلى أداء حكومة رئيسي في ظل الأوضاع الراهنة فمن غير المرجح الوصول إلى مثل هذا الهدف.

إقرأ أكثر

برلماني إيراني: احتياطي حقل الدرة ليس بالمستوى الذي يسوّغ الخلاف مع الجيران

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر + تسعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى