الإمارات تطمح لريادة العلاقات الخليجية مع أمريكا الجنوبية.. ومنافسة قطرية تلوح في الأفق

سلط الزميل غير المقيم بمعهد دول الخليج في واشنطن، روبرت ماسون، الضوء على قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة لتطوير العلاقات الخليجية مع دول قارة أمريكا الجنوبية.

ميدل ايست نيوز: سلط الزميل غير المقيم بمعهد دول الخليج في واشنطن، روبرت ماسون، الضوء على قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة لتطوير العلاقات الخليجية مع دول قارة أمريكا الجنوبية، مشيرا إلى أن علاقات الإمارات بالقارة تطورت منذ قمة دول أمريكا الجنوبية والدول العربية في عام 2005، وهي مبادرة قادها الرئيس البرازيلي، لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، لتعزيز التجارة.

وذكر ماسون، في تحليل نشره بموقع المعهد أن الانخراط الإماراتي تجلى بشكل خاص مع تسارع جهود التنويع الاقتصادي بمنطقة الخليج في السنوات الأخيرة، ما حفز أبوظبي للسعي إلى زيادة التجارة الدولية والاستثمار والفرص الاستراتيجية.

وارتفعت التجارة بين أمريكا الجنوبية والدول العربية من 11 مليار دولار في عام 2008 إلى 30 مليار دولار في عام 2012، وبعد عقد من الزمن بلغ حجم التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي وأمريكا اللاتينية حوالي 20 مليار دولار في عام 2020.

وجاء هذا النمو التجاري الكبير على خلفية زيادة واردات الخليج من دول أمريكا الجنوبية، والتي بلغت 9.6 مليار دولار في عام 2016، وارتفعت إلى 17.2 مليار دولار في عام 2019 قبل أن تتراجع قليلاً إلى 15.4 مليار دولار في عام 2020.

وبلغت حصة البرازيل من هذه الواردات إلى دول الخليج ما يقرب من النصف، ووصلت التجارة غير النفطية بين الإمارات والبرازيل وحدها إلى 4.3 مليار دولار في عام 2022.

وفي الوقت نفسه، استثمرت دول مجلس التعاون الخليجي 4 مليارات دولار في أمريكا اللاتينية بين عامي 2016 و2021، جاء 77% منها من الإمارات.

وتطمح أبوظبي إلى بناء مراكز تجارية في أمريكا الجنوبية، وتهدف إلى أن تصبح مركزًا رئيسيًا لاستيراد خام الحديد والنفط والذهب من أمريكا الجنوبية. كما تأمل في دعم وتوسيع الاستثمارات في الشركات المحلية بأمريكا الجنوبية.

وعلى المستوى الأمني، قدمت بعض دول أمريكا الجنوبية والوسطى دعما عسكريا مباشرا للإمارات، ففي عام 2015، أفادت التقارير بأنت الإمارات نشرت 450 مرتزقًا من كولومبيا للقتال في اليمن، كما استوردت الإمارات أسلحة كولومبية لاستخدامها ضد تنظيم الدولة في العراق والشام.

صفقات الأسلحة

وكانت الصفقات مع شركات الأسلحة البرازيلية الأكثر أهمية بالنسبة للإمارات، والتي تمثل عروضا ذات قيمة أعلى من حيث نقل التكنولوجيا والمشروعات المشتركة.

وهناك اهتمام إماراتي إضافي بتعزيز الأمن الغذائي، إذ تنسق حكومتها وأكثر من 12 شركة إماراتية في إطار “تحالف الأمن الغذائي” الذي تأسس في عام 2015، واستثمرت هذه الشركات في 19 دولة، بما في ذلك بعض الدول في أمريكا الجنوبية.

وزارت وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي الإماراتية، ريم الهاشمي، فنزويلا وغويانا في يونيو/حزيران الماضي لمناقشة شؤون الطاقة والاستثمار والعلوم والتكنولوجيا والأمن الغذائي.

وتؤثر وجهات النظر القيادية المشتركة بشكل مباشر على التعاون بين دول الخليج وأمريكا الجنوبية، فعلى سبيل المثال: كان اصطفاف الرئيس البرازيلي السابق، جايير بولسونارو، مع سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط، وخاصة ما يتعلق بعزل إيران واحتواء الجماعات الإسلامية العنيفة، مثل حزب الله، وتعزيز العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج، ينسجم بشكل جيد مع الأولويات الأمنية لدولة الإمارات لكنها كانت خروجًا عن سياسات العديد من أسلافه.

وتزامنت ولاية بولسونارو مع تعزيز الإنتربول لوجوده عام 2019 في منطقة الحدود الثلاثية بين البرازيل والأرجنتين وباراغواي، وهي مركز لمختلف الأنشطة غير المشروعة التي يقوم بها حزب الله المدعوم من إيران. ويرأس الإنتربول اللواء الإماراتي، أحمد ناصر الرئيسي، منذ عام 2021.

ومن خلال العمل مع البرازيل، من المتوقع أن تكتسب الإمارات نفوذا في الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع دول “ميركوسور”، وهي الكتلة السياسية والاقتصادية المكونة من البرازيل والأرجنتين وباراجواي وأوروغواي.

ومن شأن التوصل إلى اتفاق مع دول ميركوسور أن يعمق العلاقات الاقتصادية والسياسية الإماراتية في أمريكا الجنوبية بشكل كبير.

ورغم أن البرازيل أبدت تركيزا على إبرام اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن ذلك لم يضعف نية الإمارات لبناء علاقات اقتصادية بدول أمريكا الجنوبية، وهو ما يتضح من سعي أبوظبي المستمر إلى إبرام اتفاقيات ثنائية مع دول أخرى بالقارة، مثل كولومبيا.

شراكة اقتصادية

ويشير ماسون في هذا الصدد إلى أن إبرام اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع دول ميركوسور سيكون بمثابة متابعة منطقية للتوافق السياسي والاقتصادي الوثيق لدولة الإمارات مع البرازيل والأعضاء الآخرين في الجنوب العالمي، والذي عززته أبوظبي من خلال الانضمام إلى مجموعة بريكس في أغسطس/آب الماضي، والانضمام كشريك للحوار مع منظمة شنغهاي للتعاون في مايو/أيار الماضي.

ويعتمد رفع العلاقات الإماراتية مع دول أمريكيا الجنوبية على العلاقات الثنائية الوثيقة التي تطورت منذ الزيارة الرسمية الأولى التي قام بها “لولا” إلى أبوظبي في عام 2003، ولا تزال تتسم بالنمو المستمر، خاصة مع عودة “لولا” رئيسا.

وحتى الآن، لم تسفر الحرب الروسية الأوكرانية إلا عن تعزيز مخاوف البرازيل بشأن النظام العالمي، والتي يقابلها رد فعل من بعض دول الخليج ضد الضغوط الأمريكية لحملها على الوقوف بقوة إلى جانب أوكرانيا.

وإضافة لذلك، يشير ماسون إلى أن البرازيل ودول الخليج لديها وجهة نظر مماثلة بشأن الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، إذ دعا رئيس البرازيل إلى وضع حد لـ “جنون الحرب”.

ومع ذلك، يلفت ماسون إلى مخاطر يمكن أن تقوض العلاقات التجارية المبنية على آفاق عالمية وإقليمية متوافقة بشكل عام، إذ لا تزال أمريكا الجنوبية تشهد نمواً اقتصادياً منخفضاً، ومن الممكن أن يؤدي المزيد من التغييرات على مستوى الزعامة في المنطقة إلى إعادة توجيه العلاقات نحو نهج أكثر أيديولوجية بدلا من نهج أكثر عملية.

وأضاف أن الوساطة الأخيرة لقطر في الصراع بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، روجت لها كوسيط محتمل في النزاع الحدودي المتصاعد بين فنزويلا وغويانا، ما قد يمنح الدوحة جاذبية ونفوذًا أكبر في كل من دول أمريكا الجنوبية ويعيد تنشيط منافستها لأبوظبي.

لكن ماسون يرجح استمرار الإمارات والبرازيل في التعاون عبر شراكة إدارة علوم وتكنولوجيا الفضاء الجوي التابعة للقوات الجوية البرازيلية مع مجموعة “إيدج” الإماراتية لتطوير أنظمة الدفاع وتكنولوجيا الفضاء.

وأشار إلى أن الإمارات والبرازيل قادتا حواراً وزارياً رفيع المستوى حول بناء أنظمة غذائية قادرة على مقاومة المياه، ووقعتا اتفاقية بشأن تغير المناخ، وذلك في الفترة التي سبقت استضافة الإمارات لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ، كوب 28.

لكن مع انتقال قيادة ميركوسور من البرازيل إلى باراجواي في النصف الأول من عام 2024، فإن نافذة الفرصة للتفاوض على اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة قد تغلق بسبب علاقات الإمارات العربية المتحدة الأقل تطوراً مع باراجواي.

وإزاء ذلك، يرجح ماسون أن تستمر الإمارات في التأكيد على توسيع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية في أمريكا الجنوبية للتوصل إلى اتفاق تجارة حرة، ما يزيد من تعزيز إمكانات التجارة والاستثمار لجذب دول القارة اللاتينية نحو تعاون أوثق في السنوات القادمة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 + اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى