رسالة تهديد ورد “أقوى مما سبق”.. ماذا وراء الضربات الأميركية في العراق؟

لم يتأخر الرد كثيرا من جانب الولايات المتحدة ليلة، الثلاثاء، بعدما أصيب 3 جنود من القوات الأميركية بهجوم نفذته "كتائب حزب الله العراقي" على قاعدة أربيل الجوية.

ميدل ايست نيوز: لم يتأخر الرد كثيرا من جانب الولايات المتحدة ليلة، الثلاثاء، بعدما أصيب 3 جنود من القوات الأميركية بهجوم نفذته “كتائب حزب الله العراقي” على قاعدة أربيل الجوية.

ووفق ما أعلنت وزارة الدفاع “البنتاغون” تعرضت الفصائل المدعومة من “الحرس الثوري” الإيراني في 3 مواقع لضربات جوية أسفرت عن قتلى وجرحى، ركزت بشكل خاص على أنشطة “الطائرات من دون طيار”.

وأوضح مجلس الأمن القومي الأميركي أن الرد جاء بتوجيه من الرئيس جو بايدن، وفي أعقاب اطلاعه على تفاصيل الهجوم الذي نفذته وتبنته “كتائب حزب الله” بشكل رسمي.

وتابع المجلس في بيان: “لا يضع الرئيس أولوية أعلى من حماية الأفراد الأميركيين الذين يخدمون (..) وستتصرف الولايات المتحدة في الوقت وبالطريقة التي نختارها إذا استمرت هذه الهجمات”.

ورغم أن الهجمات ضد القوات الأميركية، سواء في العراق وسوريا ليست جديدة، وتجاوزت حاجز المئة منذ 17 أكتوبر الماضي، يرى مراقبون أن طبيعة الرد الذي نفذته واشنطن خلال الساعات الماضية يحمل “رسالة تهديد وانتقام”.

ويشيرون أيضا، وبينهم المحلل العسكري، ريتشارد وايتز والباحث العراقي مجاهد الطائي، إلى “معيار” من شأنه أن يفسر أسباب تحوّل وجهة الرد من الساحة السورية إلى العراقية، بعدما كانت سوريا الأساس في توجيه الرسائل والضربات.

“أقوى من ذي قبل”

وعلى مدى السنوات الماضية، شنت جماعات مسلحة تدعمها إيران في العراق وسوريا هجمات متكررة على القوات الأميركية.

وبينما هدأت بموجب هدنة منذ العام الماضي في العراق، عادت لتتصاعد على نحو كبير بعد الحرب التي بدأتها إسرائيل في غزة، في السابع من أكتوبر الماضي.

ويوجد في العراق ما يقرب من 2500 جندي أميركي، بينما ينتشر في سوريا نحو 900 جندي أميركي، وذلك في إطار الجهود التي تبذلها واشنطن لمنع عودة تنظيم داعش الإرهابي.

وأحصت واشنطن حتى الآن 103 هجمات ضد قواتها في العراق وسوريا منذ 17 أكتوبر، حسب حصيلة نقلتها “فرانس برس” عن مسؤول عسكري أميركي.

ويرى المحلل العسكري في معهد هيدسون بواشنطن، ريتشارد وايتز، أن الضربات الأميركية ليلة الثلاثاء جاءت “متناسبة مع الرد وبالصورة العامة تعتبر انتقامية”.

ويوضح حديثه بالقول لموقع “الحرة”: “كاد مواطن أميركي أن يقتل على يد الميليشيا، لذلك كان رد الفعل الأميركي أقوى من ذي قبل”.

ومن السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة قد غيّرت “ساحة الانتقام” من سوريا إلى العراق، وفق وايتز، لكنه يشير إلى أنه لا يستبعد ذلك.

وكانت الولايات المتحدة في السابق تحرص على “ضبط قواعد الاشتباك”، وأن يكون صراعها مع الميليشيات بعيدا عن الأراضي العراقية، في سوريا أو مناطق أخرى، حسب ما يقول الباحث العراقي، مجاهد الطائي.

ويضيف لموقع “الحرة” أن الأمر ارتبط خلال السنوات الماضية بالتزامٍ منها بـ”هدنة غير معلنة”، وكانت ترعاها الحكومة العراقية السابقة.

لكن الضربات التي حصلت ليلة الثلاثاء، والتي سبقتها بأسابيع، تعطي مؤشرا على تغيّر ما حصل.

ويرى الطائي أن “المعيار الأميركي للرد هو سقوط القتيل أو وقوع إصابات أميركية خطيرة، وبهذا يكون الرد حاضرا وبقوة في العراق”.

وطوال الفترة الماضية، وفي جميع الهجمات لم ترد الولايات المتحدة في العراق، حسب ذات الباحث.

لكن بعد الهجمات الأخيرة بالصواريخ البالستية يشير الطائي إلى “حصول نوع من التطور في الهجوم”.

ويتابع أن “الحكومة العراقية أبلغت أميركا بطريقة أو بأخرى بأن هذه الفصائل تقوم بأدوار بعيدة عن الاتفاقيات”.

ويعتقد الباحث السياسي العراقي، جاسم الشمري أن “الضربة لم تكن كبيرة ومؤثرة”، وعليه يقول إنها “تمت لتوجيه رسائل تهديد بأنه في حال التكرار ربما ستكون الاستهدافات المقبلة أشد وأكثر قساوة”.

ويضيف الشمري لموقع “الحرة”: “هذه الرسالة الهادئة ربما لعدم إحراج حكومة بغداد”.

ويتصور الباحث أن “ما تريده واشنطن قد حققته. هي أرسلت رسالة واضحة بأنها خلال ساعات قادرة على الرد على من يستهدفون سلامة قواتها في العراق”.

“ليست جبهة واحدة”

وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها ميليشيات “كتائب حزب الله العراقي” لضربة أميركية، بل سبقتها واحدة في الثالث والعشرين من نوفمبر، وأسفرت عن قتلى وجرحى بين القادة والعناصر.

وجاءت الضربة السابقة بعدما فرضت وزارة الخزانة الأميركية بتاريخ 17 نوفمبر الحالي عقوبات على ستة أشخاص منتمين لكتائب حزب الله، التي سبق وصنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية أجنبية.

وكان من بين المستهدفين عضو في الهيئة الرئيسية التي تتخذ القرارات بالجماعة، ومسؤول الشؤون الخارجية، وقائد عسكري قالت وزارة الخزانة إنه يعمل مع الحرس الثوري الإيراني لتدريب مقاتلين.

ويشير الباحث الطائي إلى أن “الميليشيات في العراق ليست جبهة واحدة ولم تعد كما كانت في السابق كوحدة قرار. هناك عدد من القرارات وهناك تقسيم أدوار بعد اغتيال المهندس وقاسم سليماني”.

ويتحدث عن “نوع من التشتت وتقسيم القرارات وعدم القدرة على اتخاذ قرار واحد، لاسيما أن هناك ميليشيات دخلت في الحكومة، وأصبح من مصلحتها عدم إحداث خروقات كما كان سابقا”.

ودائما ما يكون الرد الأميركي على الميليشيات الأقرب من “الحرس الثوري”، وفق الطائي.

ويتابع: “وخاصة التي تصنف أو تتهم بامتلاكها صواريخ نوعية وتدرب من قبل الحرس الثوري، والأقرب لأهدافه وأدواره وسياقاته وسياساته التي يتعامل فيها مع العراق والمنطقة”.

وتوضح ورقة تحليلية لـ”معهد واشنطن” أن كتائب حزب الله هي الميليشيا الرئيسية في العراق، وتعمل تحت القيادة المباشرة لإيران، ولها مجموعة واسعة من الخلايا المسؤولة عن العمليات الحركية والإعلامية والاجتماعية.

وتُعد بحكم الأمر الواقع فرعا تابعا لـ “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني، وكانت قد تشكّلت من اندماج “جماعات خاصة” بين الفترة الممتدة من 2005 إلى 2007.

وفي عام 2009، أدرجت الولايات المتحدة كتائب حزب الله ضمن قائمة “المنظمات الإرهابية العالمية الخاضعة لإدراج خاص” لمهاجمتها القوات الأميركية وزعزعة استقرار العراق.

ويشير “معهد واشنطن” إلى أنها “الفصيل الأكثر نفوذا في قوات الحشد الشعبي العراقية، وتسيطر على الإدارات الرئيسة (رئاسة الأركان، والأمن، والاستخبارات، والصواريخ، والأسلحة المضادة للدروع)”.

ولا يقتصر نشاط كتائب حزب الله على العراق فحسب، بل في سوريا أيضا، سواء عندما انخرطت في القتال إلى جانب نظام الأسد، أو مؤخرا في أثناء إقدامها على الزج بعناصر، من أجل المشاركة في مهاجمة القوات الأميركية هناك، كما قال مراقبون في تقرير سابق لموقع “الحرة”.

وتُظهر أدلة واضحة ومقنعة أن كتائب حزب الله تابعة لـ “فيلق القدس”، وفق “معهد واشنطن”، وهناك أدلة موثوقة أنها “تنفذ إجراءات محددة بموجب تعليمات أو توجيهات الحرس الثوري”.

ويُظهر رجحان الأدلة أيضا أن إيران تزودها بالمساعدة المالية والعسكرية وتشاطر معها المعلومات الاستخباراتية، فضلا عن المساعدة في اختيار قيادتها ودعمها والإشراف عليها.

“أبو مهدي مهندسها الأول”

وعلى موقعها الرسمي تعرّف كتائب حزب الله نفسها بأنها تشكيل “مقاوم يؤمن بمبادئ الإسلام وينتهج خط الاسلام المحمدي الاصيل وآل البيت الأطهار عليهم السلام في رفض الظلم ومقارعة الظالمين”.  وترى أن “ولاية الفقيه” هي الطريق الأمثل “لتحقيق حاكمية الإسلام في زمن الغيْبة” أي غيْبة المهدي، الإمام الثاني عشر وفقا لمذهب الإثنا عشرية الشيعي.

وتشير تقارير متقاطعة إلى أن مؤسسها الأول هو أبو مهدي المهندس، الذي اغتیل بضربة أميركية قرب مطار بغداد، في عام 2020، وقضى معه قائد “فيلق القدس” سابقا، قاسم سليماني.

ويُقدر عدد مسلحي “الكتائب” بسبعة آلاف عنصر، وفقا لأرقام غير رسمية، ويُعتبر أسلوب عملها شبيها بأسلوب حزب الله اللبناني، كما أشرفت على تدربيها قيادات إيرانية ولبنانية أبرزهم، عماد مغنية، الذي قُتل في سوريا، عام 2015.

وبعد المهندس تولى، حسين الحميداوي، (أحمد محسن فرج الحميداوي)، منصب الأمين العام فيها، ويعتبر أيضا عبد العزيز المحمداوي، الملقب بـ”أبو فدك” أبرز القياديين فيها. وكلاهما مصنف على قوائم الإرهاب الأميركية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الحرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إحدى عشر + 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى