في ظل تزايد المخاوف من المواجهة.. أين يتداخل الوجود العسكري بين إيران والولايات المتحدة؟
لقد امتدت الحرب بين إسرائيل وحماس بالفعل إلى الشرق الأوسط الأوسع، مع تزايد احتمالات حدوث مواجهة بين القوى الإقليمية والعالمية.
ميدل ايست نيوز: لقد امتدت الحرب بين إسرائيل وحماس بالفعل إلى الشرق الأوسط الأوسع، مع تزايد احتمالات حدوث مواجهة بين القوى الإقليمية والعالمية.
اقتصر القتال وفي جميع أنحاء المنطقة إلى حد كبير على الهجمات الانتقامية بين الجهات المدعومة من إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما من جهة أخرى. لكن التدخل المباشر لكل من إيران والولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة زاد من المخاوف من أن الصراع بالوكالة بين البلدين قد يتحول إلى صراع مباشر.
تجنبت كل من الولايات المتحدة وإيران المواجهة المباشرة بينهما حتى الآن. وقد هاجمت الولايات المتحدة الجماعات المدعومة من إيران في اليمن وسوريا والعراق، في حين استهدفت الجماعات المرتبطة بإيران أفرادًا أمريكيين في العراق وسوريا. كما ضربت طهران ما قالت إنها جماعات مناهضة لإيران في العراق وسوريا وباكستان. وردت باكستان بضربات انتقامية.
لقد أمضت الجمهورية الإسلامية، التي عارضت منذ فترة طويلة وجود القوات الأمريكية فيما تعتبره الفناء الخلفي لها، العقود القليلة الماضية في بناء شبكة من الميليشيات الإسلامية المناهضة للغرب والمعادية لإسرائيل التي تدربها وتمولها وتسلحها. وقد أصبحت هذه الجماعات أكثر عدوانية في الآونة الأخيرة، وخاصة المتمردين الحوثيين في اليمن، الذين عطلوا ممرًا مائيًا دوليًا حيويًا، وألحقوا الضرر بالتجارة العالمية ودفعوا الدول الغربية إلى التدخل. كما أقامت علاقات مع حماس وساعدت في تمويلها، والتي شنت حربها على إسرائيل في السابع من أكتوبر.
تجد الولايات المتحدة التي ظلت تحاول الابتعاد عن الشرق الأوسط لسنوات، نفسها تنجر مرة أخرى إلى المنطقة. وكان لها بالفعل بصمة عسكرية كبيرة في المنطقة قبل الحرب، بأكثر من 30 ألف جندي.
ومع ذلك، منذ بدء الحرب، عززت واشنطن بشكل كبير وجودها العسكري في المنطقة. يتداخل الوجود العسكري الأمريكي في بعض الأماكن، بما فيها العراق وسوريا، مع وجود إيران وحلفائها.
مع تصاعد التوترات في جميع أنحاء المنطقة، هذه هي الأماكن التي توجد فيها إيران أو حلفاؤها، وحيث تتمركز القوات الأمريكية وحيث قام الجانبان بعمليات عسكرية منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس:
لبنان
يعد لبنان موطنًا لأقوى قوة عسكرية غير حكومية في الشرق الأوسط: حزب الله المدعوم من إيران، وهو أحد أكثر الوكلاء الإقليميين فعالية للجمهورية الإسلامية.
وتقع قاعدته الرئيسية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية ويتبادل إطلاق النار مع إسرائيل منذ بدء الحرب في غزة.
وفي حين أن الحجم الدقيق لترسانة الجماعة الإسلامية الشيعية غير معروف، فإن الخبراء يقدرون أن لديه ما بين 150 إلى 200 ألف صاروخ، بالإضافة إلى قذائف الهاون، وبحسب معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، فإن المئات من تلك الصواريخ “عالية الدقة وشديدة التدمير”.
يقول زعيم حزب الله، حسن نصرالله، إن الجماعة لديها 100 ألف مقاتل، بما فيهم الجنود العاملين وجنود الاحتياط. ويعتقد أن إيران هي المورد الرئيسي للأسلحة لحزب الله.
العراق
تتمتع طهران بنفوذ كبير على العديد من الفصائل الشيعية المرتبطة بشكل وثيق بالحرس الثوري الإسلامي الإيراني. وتشمل هذه كتائب حزب الله، وحركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء.
ويقول الخبراء إن بعض الجماعات، مثل كتائب حزب الله، مسؤولة أمام السلطات في طهران أكثر من الحكومة في بغداد. ويعتقد مكتب مدير المخابرات الوطنية الأمريكية أن عدد أعضائها يصل إلى 10 آلاف عضو. ويعد العراق أيضًا موطنًا لمنظمة بدر التي أسسها الحرس الثوري الإيراني، وكذلك عصائب أهل الحق.
ونفذت الجماعات المدعومة من إيران عشرات الهجمات ضد القوات الأمريكية في العراق منذ بدء حرب غزة، والتي ردت عليها الولايات المتحدة بضربات جوية. وقد أصيب في نهاية الأسبوع جنود أمريكيون في هجوم صاروخي باليستي على قاعدة عين الأسد الجوية في العراق. ويبدو أن هذه هي المرة الثانية التي تستخدم فيها الصواريخ الباليستية لاستهداف القوات الأمريكية وقوات التحالف في البلاد منذ 7 أكتوبر.
كان للولايات المتحدة حتى العام 2008، في ذروة حرب العراق، ما يصل إلى 160 ألف جندي في البلاد. يوجد اليوم حوالي 2500 جندي في عدة قواعد، بما في ذلك قاعدة أربيل، قاعدة عين الأسد، وقاعدة “يونيون 3” في بغداد.
وخوفًا من أن تصبح بلاده ساحة انطلاق لحرب إقليمية، قال رئيس الوزراء العراقي هذا الشهر إن بغداد تسعى للخروج من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. في حين أكدت الولايات المتحدة أن قواتها العسكرية موجودة في البلاد بناء على دعوة من الحكومة.
سوريا
تتمتع إيران بوجود مباشر في سوريا، حيث تم نشر فيلق القدس التابع لها، وهو وحدة النخبة التابع للحرس الثوري الإيراني الذي يتولى العمليات الخارجية، بعد انتفاضة العام 2011 لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وعمل أفراده كمستشارين عسكريين وقاتلوا على الخطوط الأمامية لصالح الأسد، إلى جانب الفصائل المدعومة من إيران.
وتستضيف سوريا أيضًا لواء زينبيون ولواء فاطميون، وهو فيصل شيعي مرتبط بالحرس الثوري الإيراني يُعتقد أنه يقوم بتجنيد مقاتلين أفغان وباكستانيين.
للولايات المتحدة 800 جندي في سوريا كجزء من مهمة مستمرة لهزيمة داعش. تتمركز معظم القوات الأمريكية في مناطق حيث تدعم الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية المناهضة للنظام في شمال شرق البلاد. وهناك أيضاً بعض الوجود للقوات الأميركية في جنوب شرق سوريا، حيث تدعم الولايات المتحدة الجيش السوري الحر، الذي يعارض أيضاً النظام السوري. في حين يعتبر النظام الولايات المتحدة دولة غازية.
تعرضت القوات الأمريكية في سوريا لهجمات متزايدة من قبل الجماعات المدعومة من إيران في الأسابيع الأخيرة، والتي ردت عليها الولايات المتحدة بضربات جوية.
اليمن
في قلب الصراع بالوكالة اليوم بين إيران والولايات المتحدة، يوجد المتمردون الحوثيون في اليمن، والذين كثفوا هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، قائلين إنهم ينتقمون من إسرائيل بسبب حربها في غزة.
وتسيطر الجماعة حاليًا على شمال اليمن، وشاركت فيما يقرب من ثماني سنوات من القتال ضد التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة بقيادة السعودية قبل توقف القتال العام الماضي.
تم تجميع أسلحة الحوثيين محلية الصنع إلى حد كبير باستخدام مكونات إيرانية تم تهريبها إلى اليمن بشكل قطع. لكن المجموعة أجرت في وقت لاحق تعديلات أدت إلى تحسينات شاملة كبيرة، حسبما قال مسؤول مطلع على المخابرات الأمريكية لشبكة CNN سابقًا.
ينشر الجيش الأمريكي سفنًا حربية في البحر الأحمر، قبالة الساحل اليمني، حيث تقوم بضرب أهداف للحوثيين. وقد قامت الولايات المتحدة في ديسمبر بتشكيل تحالف يضم أكثر من 20 دولة لحماية الحركة التجارية ضد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
قطاع غزة وإسرائيل
يعتبر قطاع غزة المحاصر موطنًا لحركة حماس المسلحة، التي تعتقد إسرائيل أن عدد مقاتليها كان يبلغ نحو 30 ألف مقاتلًا قبل الحرب. تأسست حماس، وهي منظمة إسلامية ذات جناح عسكري، في عام 1987، وفي 7 أكتوبر شنت هجومًا على إسرائيل أدى إلى مقتل حوالي 1200 شخص واحتجاز 253 آخرين كـ”رهائن”، وفقًا للسلطات الإسرائيلية.
لقد قامت إيران ببناء علاقات أوثق مع الجماعة في السنوات الأخيرة، وعلى عكس جميع حلفاء طهران الآخرين في المنطقة، فإن حماس منظمة إسلامية سنية، وليست شيعية.
ليس هناك من دليل على أن إيران كانت على علم مسبقاً بهجمات 7 أكتوبر، ولا يُعتقد أن إيران تتمتع بنفس القدر من التأثير على حماس مثل حلفائها الآخرين في المنطقة، ولكن تعتقد الولايات المتحدة بأن إيران قدمت تاريخياً ما يصل إلى 100 مليون دولار سنوياً في شكل دعم مشترك للجماعات الفلسطينية المسلحة، بمن فيهم حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، وهي جماعة مسلحة أخرى تتخذ من غزة مقراً لها.
وعلى الجانب الآخر من الحدود، تعد إسرائيل أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأمريكية، حيث ساهمت واشنطن بأكثر من 130 مليار دولار من المساعدات منذ تأسيس الدولة اليهودية في العام 1948.
دول الخليج وتركيا
وفي حين أن الحرب بين إسرائيل وحماس لم تمتد بعد إلى دول الخليج، فإن بعض هذه الدول تشعر بأنها معرضة لأنها كانت مستهدفة من قبل الجماعات المرتبطة بإيران من قبل. تعرضت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لهجوم من قبل الحوثيين في عامي 2019 و2022 على التوالي.
كما تعد دول الخليج المتحالفة مع الولايات المتحدة موطنًا لبعض أكبر عمليات انتشار القوات الأمريكية في العالم.
للولايات المتحدة نحو 13500 جندي أمريكي في الكويت، وهو أكبر وجود عسكري أمريكي في المنطقة. فقط ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية تستضيف قوات أمريكية أكثر من الكويت.
ويوجد ثاني أكبر وجود عسكري للولايات المتحدة بالمنطقة في قطر، التي تستضيف حوالي 10 آلاف جندي أمريكي في قاعدة العديد الجوية، وهي أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط. وتوصلت الولايات المتحدة هذا الشهر بهدوء إلى اتفاق يمدد وجودها العسكري لمدة 10 سنوات أخرى في القاعدة.
وتحافظ قطر على علاقاتها مع حماس، حيث استضافت مكتبها السياسي في العاصمة الدوحة منذ العام 2012.
ويتمركز أكثر من 2700 جندي أمريكي في قاعدة الأمير سلطان الجوية في المملكة العربية السعودية، بينما تستضيف الإمارات 3500 عسكري أمريكي في قاعدة الظفرة الجوية.
وتشمل المراكز الأخرى للوجود العسكري الأمريكي البحرين، التي تستضيف القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية وهي موطن للأسطول الخامس للبحرية، والأردن، الذي يستضيف حوالي 3000 جندي أمريكي. وتستضيف تركيا 1465 عسكريا في قاعدة إنجرليك الجوية.