من الصحافة الإيرانية: هل رفع التجارة بين إيران وتركيا إلى 30 مليار حلم أم حقيقة؟

يجب أن يدرك الجانب الإيراني أن بعض شركاء طهران التجاريين هم في الأساس منافسون سياسيون لها في المنطقة، ما يعني أنهم قد يقررون في ليلة وضحاها استغلال التجارة كأداة سياسية للضغط على إيران.

ميدل ايست نيوز: زار الرئيس الإيراني الأسبوع الماضي تركيا على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى. وقام رئيس غرفة تجارة إيران بعد أيام قليلة من فوزه بانتخابات الغرفة بمرافقة رئيسي خلال هذه الزيارة، حيث توعد بتهيئة الأرضية لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وإنشاء مناطق تجارة حرة.

وكتبت صحيفة “دنياي اقتصاد” في مقال لها، أنه لطالما كانت علاقات إيران الاقتصادية مع تركيا غاية في الأهمية بالنسبة لها. ففي السنوات الأخيرة وبعد فرض عقوبات على إيران، لعبت أنقرة دورا بارزا في الاقتصاد الإيراني. حيث يتزايد حجم التجارة بين إيران وتركيا منذ عام 2012 ووصل إلى أعلى مستوى له في السنوات الأخيرة.

وبلغ حجم التجارة بين البلدين أكثر من 13.5 مليار دولار في عام 2022، مما يظهر نموًا بنسبة 19٪ تقريبًا مقارنة بعام 2021 وأكثر من 125٪ مقارنة بعام 2012. وتظهر هذه الإحصائية بوضوح أن العقوبات وطدت العلاقات أكثر بين إيران وتركيا.

وتعد تركيا رابع أهم وجهة تصدير لإيران وثالث مصدر للاستيراد. وفي المجمل، وبناءً على قيمة التجارة، تعد هذه الدولة الشريك التجاري الثالث لإيران بعد الصين والإمارات العربية المتحدة.

وخلال زيارة الرئيس الإيراني والوفد المرافق له إلى تركيا، عقد اجتماع مشترك للناشطين الاقتصاديين في البلدين، بحضور إبراهيم رئيسي، ورجب طيب أردوغان. وقال صمد حسن زاده (رئيس غرفة تجارة إيران) في إشارة إلى استهداف 30 مليار دولار للتبادلات المستقبلية بين إيران وتركيا: هذا الرقم يزيد عن ضعف حجم التبادل التجاري الحالي بين البلدين، وهو ما يجب العمل بشكل جاد لتحقيقه، ونحن كممثلين للقطاع الخاص بحاجة إلى أن نكون أكثر إصرارا من ذي قبل، وأن نتخذ خطوات جدية ونقوم بأفضل الإجراءات في سبيل تطوير العلاقات بين البلدين.

وتظهر التغيرات في إحصاءات التجارة مع تركيا، إلى جانب الاتفاق مع الاتحاد الأوراسي وبعض الاتفاقيات والمفاوضات الأخرى، أن إيران لا تعول على المدى المتوسط ​​على رفع العقوبات، بل تخطط لزيادة مستوى تبادلاتها التجارية مع الشركاء التقليديين. وفي هذا الصدد لا بد من طرق عدة نقاط مهمة.

بداية، يجب أن يدرك الجانب الإيراني أن بعض شركاء طهران التجاريين هم في الأساس منافسون سياسيون لها في المنطقة، ما يعني أنهم قد يقررون في ليلة وضحاها استغلال التجارة كأداة سياسية للضغط على إيران.

الملاحظة الأخرى هي النظر في الحقائق أثناء إطلاق الشعارات والتصريحات. على سبيل المثال، تم الحديث عدة مرات أن إيران تهدف إلى رفع مستوى تجارتها مع تركيا لتصل إلى 30 مليار دولار. والحقيقة أن أكثر من 30% من صادرات إيران إلى تركيا في العام الماضي (2023) كانت مرتبطة بالغاز الطبيعي والأسمدة واليوريا والمنتجات المعدنية.

وبالنظر إلى عجز الطاقة الذي أصبح مؤخرا لا يفارق إيران طيلة فصول السنة، وبما أن معظم صادرات إيران إلى الدول الأخرى تشمل منتجات منخفضة التقنية، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي تنوي إيران تصديره بالضبط لزيادة حجم تجارتها مع تركيا إلى هذا الرقم؟ فالمحتوى التجاري هو دالة على الاقتصاد الداخلي لإيران، وفي ظل بطء عجلة الإنتاج وغياب الاستثمار المحلي والأجنبي، فإن إمكانية تحقيق هذه الأرقام بعيدة للغاية.

الأمر الذي ينبغي لصناع السياسات في إيران أن يسعوا إليه في ظل الحظر الأجنبي هو تيسير المسار التجاري. فإذا لم تكن التبادلات المالية متاحة للتجار ولم تكن الأوضاع مواتية للاستثمار، فلن تتحقق الأهداف التجارية سواء مع تركيا أو الاتحاد الأوراسي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 − واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى