تقلصت بنسبة 26.8%.. ما دلالات تراجع الصادرات الخليجية لأمريكا؟
تعتبر صادرات دول الخليج إلى الولايات المتحدة أحد المؤشرات الحيوية التي تعكس صحة وقوة العلاقات التجارية بين الطرفين.
ميدل ايست نيوز: في ظل التحولات الاقتصادية والسياسية المتسارعة في العالم، تعتبر صادرات دول الخليج إلى الولايات المتحدة أحد المؤشرات الحيوية التي تعكس صحة وقوة العلاقات التجارية بين الطرفين.
ومع بداية العام الماضي، شهدت هذه العلاقة الاقتصادية تحولاً ملحوظاً، حيث سجلت تراجعاً بنسبة 27% في حجم صادرات الخليج إلى الأسواق الأمريكية.
تراجع ملحوظ
تعتبر دول الخليج من أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، حيث تمتلك موارد طبيعية هائلة وتعمل على تنويع اقتصاداتها بعيداً عن الاعتماد الكلي على النفط والغاز.
ومع ذلك، فإن تراجع الصادرات خلال عام 2023 يشير إلى وجود تحديات قد تكون ذات أهمية استراتيجية للمنطقة وللعلاقات الخليجية الأمريكية.
ووفقاً لبيانات وزارة التجارة الأمريكية، فقد تم الكشف عن تراجع صادرات دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة بلغت 26.8٪ خلال العام الماضي، حيث انخفضت إلى 29.05 مليار دولار، مقابل 39.68 مليار دولار في العام 2022.
وشهدت قيمة واردات العديد من الدول من الولايات المتحدة انخفاضاً بلغ نحو 37.11 مليار دولار خلال العام الماضي، مقارنة بالعام السابق الذي بلغت فيه قيمة الواردات 41.73 مليار دولار في عام 2022، وهذه التحركات أسهمت بشكل كبير في تعديل التوازن التجاري بين البلدان المعنية.
وارتفع الفائض التجاري للولايات المتحدة مع الدول الستة من مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2023، حيث بلغ حوالي 8.066 مليار دولار مقارنة مع تسجيل الولايات المتحدة عجزاً بقيمة 2.055 مليار دولار في العام 2022.
ويشير هذا التغير إلى تحسن في ميزان التجارة الخارجية للولايات المتحدة مع تلك الدول، مما يعكس الزيادة في الصادرات أو تقليل في الواردات أو كلاهما معاً.
دلالات وفرص
ويرى الخبير الاقتصادي أحمد صدام، أن تراجع الصادرات الخليجية إلى الولايات المتحدة وخاصة في عام 2023، مسألة طبيعية، مبيناً أن هذا التراجع ناتج من انخفاض أسعار النفط والغاز المسال الذي يشكل النسبة الأكبر من صادرات دول المجلس التعاون الخليجي.
وفي حديثه مع “الخليج أونلاين” يعتقد بأن انخفاض الصادرات لدول الخليج في هذه الحالة لا يمكن أن يؤثر على مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية مع الولايات المتحدة أو غيرها من الدول.
وحول الفرص الاقتصادية لتعزيز الصادرات الخليجية مع باقي الدول، يتحدث صدام عن الفرص الاقتصادية مع الصين، إذ أنها في طريقها للتوسع إذا ما تم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول المجلس في المستقبل القريب.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن هذه الاتفاقية يمكن أن توسع فرص الاستثمار وحركة التجارة بين الجانبين بشكل أكبر بما يسهم في توسيع السوق الخليجي ورفع مستوى التنافسية في مجال جذب الاستثمارات الصينية وانتقال رؤوس الاموال.
ويعتقد صدام أن اتفاقية التجارة الحرة بين الخليج والصين سوف تعزز من مستوى العلاقات الاقتصادية والسياسية بشكل أكبر في المستقبل بين الجانبين.
مقارنات التبادلات التجارية
تصدرت المملكة العربية السعودية قائمة الدول الخليجية من حيث أعلى قيمة صادراتها خلال العام الماضي، حيث وصلت قيمة صادراتها إلى نحو 15.877 مليار دولار في 2023، مقارنة بـ 23.273 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2022.
وبلغت قيمة واردات السعودية من الولايات المتحدة خلال 2023 نحو 1.145 مليار دولار، مقارنة بـ11.4 مليار دولار في العام 2022.
وتليها دولة الإمارات العربية المتحدة في قائمة الصادرات، حيث بلغت قيمتها 6.578 مليار دولاربـ2023، مقارنة بقيمة صادراتها في العام 2022 التي بلغت 6.883 مليار دولار.
وتجاوزت قيمة واردات الإمارات من الولايات المتحدة في العام السابق حوالي 24.85 مليار دولار، مقارنة بقيمة الواردات في الفترة نفسها من العام 2022 والتي بلغت 20.83 مليار دولار.
وتأتي سلطنة عُمان في المرتبة الثالثة من حيث قيمة الصادرات إلى الولايات المتحدة، حيث بلغت قيمتها 1.651 مليار دولار خلال العام الماضي، بينما كانت قيمة الصادرات في العام 2022 نحو 2.71 مليار دولار.
ووصلت قيمة واردات عُمان من الولايات المتحدة إلى حوالي 1.86 مليار دولار في 2023، مقارنة بقيمة الواردات في العام الذي يسبقه والتي بلغت 1.486 مليار دولار.
وأما صادرات دولة قطر إلى الولايات المتحدة فقد جاءت في المرتبة الرابعة، حيث بلغت قيمتها حوالي 2.047 مليار دولار خلال العام الماضي، في حين كانت قيمة الصادرات في العام 2022 حوالي 2.87 مليار دولار.
وسجلت قطر واردات من الولايات المتحدة خلال العام الماضي تقدر بنحو 4.658 مليار دولار، مقارنة بـ 1.48 مليار دولار في الفترة المقابلة من عام 2022.
وجاءت صادرات دولة البحرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الخامسة، حيث بلغت قيمتها خلال العام الماضي حوالي 1.18 مليار دولار، مقارنة بصادرات العام 2022 التي بلغت 1.9 مليار دولار.
وبلغت قيمة واردات البحرين نحو 1.676 مليار دولار خلال العام الماضي، مقارنة بما كانت عليه في الفترة المقابلة من عام 2022 والتي كانت 950 مليون دولار.
واحتلت صادرات دولة الكويت إلى الولايات المتحدة في المرتبة السادسة، حيث بلغت قيمتها في العام الماضي حوالي 1.72 مليار دولار، مقارنة بـ 2.040 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام 2022.
أما قيمة واردات الكويت من الولايات المتحدة خلال العام الماضي، فقد بلغت نحو 2.92 مليار دولار، مقارنة بـ 3.4 مليار دولار في العام 2022.
عوامل التراجع
تعود أسباب تراجع صادرات الدول الخليجية إلى الولايات المتحدة الأمريكية إلى عدة عوامل متراكمة ومتشابكة.
ومن أبرز هذه العوامل التغيرات في الطلب العالمي، حيث أنه من المحتمل أن تكون العوامل الاقتصادية العالمية، مثل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي أو تغيرات في أنماط الاستهلاك العالمية، قد أثرت على الطلب على المنتجات الخليجية في السوق الأمريكية.
ومن المحتمل أن تكون تقلبات أسعار النفط التي يعتمد عليها اقتصاد دول الخليج قد أثرت بشكل كبير على صادرات النفط والغاز وعلى القدرة التنافسية للسلع الخليجية في الأسواق العالمية.
كما أنّ التوترات الجيوسياسية والصراعات المستمرة في مناطق مثل العدوان الإسرائيلي على غزة أو الحرب الروسية الأوكرانية، وغيرها من الأزمات، لها تأثير كبير على الديناميكيات التجارية العالمية.
فبسبب هذه التوترات، يمكن أن تتعرض سلاسل التوريد العالمية لاضطرابات، مما يؤدي إلى تغييرات في خريطة التجارة العالمية بشكل عام، وخصوصاً بالنسبة لدول الخليج.