كيف تصدر العراق قائمة المستوردين من الأردن؟
أرجع خبراء في الاقتصاد، تصدر العراق هرم مستوردي البضائع من الأردن خلال الشهرين الماضيين، إلى تنفيذ الاتفاقية الاستراتيجية بين الجانبين.
ميدل ايست نيوز: أرجع خبراء في الاقتصاد، تصدر العراق هرم مستوردي البضائع من الأردن خلال الشهرين الماضيين، إلى تنفيذ الاتفاقية الاستراتيجية بين الجانبين، والتي أبرمت عام 2019، وفيها التزم العراق بإعفاء عدد كبير من السلع المستوردة من الأردن من الرسوم الجمركية، وفيما أشاروا إلى أن تصاعد حجم الاستيراد لا يخلو من “جنبة سياسية”، أكدوا أن أغلب تلك البضائع تعود لمستثمرين عراقيين أو تكون مستوردة من قبل معامل أردنية بثمن بخس ويعاد تصديرها للعراق.
ويقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي إن “استيراد العراق للبضائع من الأردن، وتنامي حجم هذه التجارة، يعود إلى الاتفاقية الاستراتيجية بين الجانبين العراقي والأردني عام 2019، والتي أبرمت في زمن حكومة عادل عبدالمهدي، والتي أعطت في حينها امتيازات كبيرة للأردن، منها اعفاء عدد كبير من السلع المصدرة للعراق من الرسوم الجمركية، حيث بلغ عددها 656 سلعة”.
وكانت غرفة التجارة الأردنية، أعلنت في بيان لها يوم أمس الأربعاء، أن العراق جاء اولاً من بين الدول المستوردة للبضائع من الأردن خلال الشهرين الماضيين من عام 2024، بقيمة استيراد 100 مليون دينار أردني (نحو 140 مليون دولار)، تليه مصر بـ16 مليون دينار أردني.
ويضيف المرسومي، أن “العام الماضي بلغ حجم الصادرات الأردنية إلى العراق 640 مليون دولار، وتشكل تقريبا 45 بالمئة من إجمالي الصادرات الأردنية إلى الخارج”، مبينا أن “العراق سوق مفتوحة لكل الدول، سواء لإيران أو تركيا أو الخليج، وبالعكس التجارة الأردنية ضعيفة قياسا بالإمارات أو تركيا، والعراق يفتقد لوجود القاعدة الإنتاجية، ويعتمد على الثقل النفطي بأكثر من 93 بالمئة في استيراد كل ما يحتاجه من سلع”.
ويبين أن “هذا الأمر يولد جمودا للطاقة الإنتاجية لسد حاجة السوق الداخلية، فرؤوس الأموال الوطنية تهرب إلى الخارج، حيث أسس العراقيون العديد من المصانع في الكويت والأردن تنتج لغرض التصدير إلى العراق، بسبب عدم وجود البيئة الاستثمارية في البلاد نتيجة المخاوف الامنية”، موضحا أن “هناك أكثر من 20 مليار دولار تابعة لشخصيات عراقية كاستثمار في الأردن، وأكثر من ذلك في دبي وفي اسطنبول، بالتالي فإن جزءا كبيرا من السلع الأردنية المصدرة إلى العراق هي ممولة برأس مال عراقي من قبل القطاع الخاص”.
وكانت وزارة التجارة في حكومة عادل عبد المهدي، أعلنت آنذاك، أن الاتفاق مع الأردن سينعكس ايجابا على الازدهار والرخاء للشعبين الأردني والعراقي، لما له من اهمية اقتصادية وتجارية للبلدين، وكشفت في حينها أن الحكومة الأردنية قررت إعفاء البضائع العراقية المستوردة عن طريق ميناء العقبة بنسبة 7 بالمئة من الرسوم التي تتقاضاها سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
يشار إلى أن العراق يتصدر بصورة مستمرة، قائمة المستوردين لأغلب السلع التركية والإيرانية والأردنية، وبمستويات متقدمة من الصين، وغالبا ما تصدر بيانات من تلك الدول تفيد بحلول العراق في مراتب متقدمة، إذ يأتي عادة كثاني أو ثالث المستوردين لمختلف أنواع السلع، ومنها المواد الغذائية والمنتجات الزراعية والأخشاب، وحتى المكسرات.
من جانبه، يبين الخبير الاقتصادي رشيد السعدي أن “كل هذه السلع تأتي بسبب الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق والأردن، رغم معارضة عدد كبير من اتحاد الصناعات المحلية وجهات سياسية لهذه الاتفاقية، لكن بعد التوقيع عليها، شكلنا لجانا وأنا عضو في إحداها، وغادرنا إلى عمان، وأجرينا كشوفات على عدد كبير من المعامل، وتبين أن المعلومات التي كانت تعطى من المعامل والشركات الأردنية للعراق، هي خاطئة، فعندما تذهب وتفحص تلك المعامل يتبين أنها غير قادرة على الإنتاج، لكنها تستورد سلعا من دول أخرى، ثم يعاد تصديرها للعراق، تحت يافطة سلع أردنية”.
ويلفت إلى أنه “تم إعفاء 329 مادة أردنية من الرسوم خلال دخولها للعراق، مثل المواد الكيمائية والزراعية والغذائية والبيطرية ومبيدات وأسمدة، ما ساهم بتحجيم الصناعة المحلية”، مضيفا أنه “في وقت التوقيع على هذه الاتفاقية، كان الجانب السياسي حاضر فيها، عبر ضغوطات من بعض الأطراف الفاعلة”.
ويواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، تدهورا كبيرا منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوعة تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن دون تحقيق أي وعد، بل تستمر عجلة التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.
وفضلا عن القطاع الحكومي، فإن مشاريع القطاع الخاص، شهدت توقفا بل وانهيارا كبيرا نتيجة لعدم توفر البنى التحتية للانتاج، من استمرار التيار الكهربائي او الحماية اللازمة، خاصة في ظل الاحداث الامنية التي يعيشها البلد بصورة مستمرة، ما انعكس سلبا على الشارع العراقي الذي تحول الى مستهلك للبضائع المستوردة.
إلى ذلك، يبين الخبير الاقتصادي ضياء رحيم، أن “تجارة العراق مع البلدان الخارجية تحكمها أحيانا سياسة خاصة، وفيما يخص التجارة مع الاردن، فإنها تواجه الكثير من الأسئلة، فهل تعود التجارة إلى الحكومة العراقية أم لأفراد وشركات خاصة داخل البلاد، فإذا كانت إلى الحكومة فتكون فيها جنبة سياسية، أما إذا كانت لشركات وأفراد، فالكثير من التجار انتقل من العراق إلى بلدان أخرى للعمل فيها، وهناك بعض البضائع هي إعادة تصدير من بلد إلى بلد آخر”.
ويشدد على أن “الأردن تعطي تسهيلات للمستثمر وتعفيه من مجموعة الضوابط الخاصة بالنسبة للمواد الأولية الداخلة، وحتى العمالة لديها رخيصة، وبالتالي يسهم ذلك في انخفاض سعرها على عكس العراق، حيث المواد الأولية الداخلة لصناعة سلعة معينة تكون عليها ضرائب كبيرة، وبالتالي يرتفع سعرها”، مبينا أن “دخول هذه البضائع إلى العراق يفتعل كارثة اقتصادية، حيث يؤثر على الاقتصاد المحلي سلبيا”.
ويرجع رحيم توقف الصناعة المحلية، إلى “أسباب سياسية أكثر من كونها اقتصادية، لأن لدى البعض أجندات وارتباطات في الخارج، ومصانع في الخارج أيضا، ما يدفعه إلى التضييق على المنتج المحلي لرفع سعره، حتى يكون المستورد أرخص ثمنا، وبالتالي تعود الفائدة لتلك الجهات المستفيدة، وأغلبها سياسية”.
يذكر أن وزارة الصناعة والمعادن، أعلنت في شباط فبراير 2023، عن مشاركتها في الاجتماعات الفنية للجنة العراقية الأردنية، وفيه جرى بحث ملفات التعاون في مختلف المجالات منها التعاون الصناعي للسير بخطوات إقامة المدينة الاقتصادية المشتركة وملفات التعاون في قطاعات التربية والتعليم والإعمار والإسكان والبلديات والعلاقات الخارجية والعدلية والنقل والاتصالات بالإضافة إلى التجارة والاستثمار والصحة والبيئة والزراعة والمياه والثقافة والسياحة والآثار.