تحليل: ماذا ينتظر السياسة الخارجية الإيرانية في العام الإيراني الجديد؟
تقع إيران في منطقة غارقة بالأزمات والاضطرابات والتي تفرز على الدوام علامات تهديد على المستويات التكتيكية والاستراتيجية والجيوسياسية ضد الأمن القومي الإيراني.

ميدل ايست نيوز: تقع إيران في منطقة غارقة بالأزمات والاضطرابات والتي تفرز على الدوام علامات تهديد على المستويات التكتيكية والاستراتيجية والجيوسياسية ضد الأمن القومي الإيراني. يشير العديد من الخبراء إلى أن إيران تعيش في أجواء تغمرها التهديدات الجيوسياسية.
تشير المجريات الأخيرة إلى أن الكثير من الدلالات الإقليمية خلال العام الإيراني الجاري سوف تتكاثر وتتصاعد في عامها الجديد (يبدأ في 20 مارس المقبل). وهذا يعني أن السياسة الخارجية الإيرانية لن تكون في طريق التوازن والسلام والتعاون المتبادل بين الدول في المستقبل القريب.
احتمال حدوث أزمات إقليمية في العام الجديد
جزء كبير من أزمات العام الإيراني المقبل تشكلت هذا العام وستستمر، بما في ذلك الأزمات الإقليمية في منطقة الخليج، والشرق الأوسط، وجنوب غرب آسيا والتي اتسمت بالطابع الثقافي والإيديولوجي والتاريخي. واستمرار هذه الأزمات سيكون سببه الاختلافات الثقافية والصراعات الاستراتيجية والاشتباكات التي لا نهاية لها بين الجهات الفاعلة الإقليمية والقوى العظمى.
يتطلب أي أمن إقليمي فهماً دقيقاً للتكوينات الثقافية والمحيط الجيوسياسي. ما يعني أن الأزمات المتصاعدة والمتكررة ستنتج في العام المقبل. والسبب هو أن العديد من مؤشرات وعلامات توازن القوى الإقليمية الاجتماعية والثقافية وغير المستقرة تموج فيها.
الدور الإقليمي لإيران
سيستمر دور إيران الإقليمي في دعم فصائل المقاومة. لكن السؤال هو ماذا سيكون مستقبل هذه الفصائل بعد الحرب العنيفة والجرائم التاريخية التي ارتكبتها إسرائيل بحق أهل غزة. استخدم هذا الكيان في حربه ضد حماس أعنف آليات القوة العسكرية.
سوف تظل الأزمة الفلسطينية القضية الاجتماعية والأمنية الأكثر أهمية في السياسة الخارجية الإيرانية في عامها المقبل. ولهذه القضية تأثيرها على الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى وكيفية ارتباطها بإيران في أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا.
إن القضية الأهم في الوقت الحالي هي تحسين قدرات الردع لدول المنطقة والفصائل المدعومة من إيران. فزيادة القدرات وحدها لا تكفي لتحسين القوة الإقليمية لأي دولة. إن القضية الأهم بالنسبة لإيران ودول جبهة المقاومة وحركات التحرر يجب أن تأخذ الردع التكتيكي وغير المتماثل بعين الاعتبار.
لقد أدت الحرب التي شنتها إسرائيل ضد حماس وغيرها من الجهات الإقليمية الفاعلة إلى وضع قضية الردع النسبي وغير المتماثل الذي تتمتع به إيران في هالة من عدم اليقين. وفي الوقت نفسه، تحاول إسرائيل شن حرب جديدة ضد حزب الله.
في العام المقبل لإيران، ستكون الصراعات أكثر عنفا. ستحاول إسرائيل خلق حروب إقليمية جديدة وتوسيع حرب غزة إلى المنطقة المحيطة. وهذا سيترك حتما آثاره التكتيكية والاستراتيجية فيما يتعلق بإيران.
ورغم أن سياسة الجوار الإيرانية قد تركت نتائج جيدة للغاية في عملية خفض التصعيد الإقليمي في العام السابق، إلا أن هذه القضية ستصاحبها بوادر تحديات وتهديدات ناجمة عن الأزمات الإقليمية.
إن أهم موضوع للسياسة الخارجية الإيرانية في العام المقبل هو تقديم مفهوم عمل تكتيكي جديد للسيطرة على الأزمات الإقليمية، كتحسين مستوى التعاون الإقليمي والسياسة الخارجية التعاونية.
وسيكون على إيران أن تختبر مستوى جديدا ونمطا من التعاون الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والاستراتيجي مع دول المنطقة في العام المقبل.
وأي ترديد في هذا النهج سيؤدي إلى ظهور المزيد من التحديات الأمنية للجمهورية الإسلامية ودول المنطقة، فإيران حاليا بأمس الحاجة إلى تعاون متعدد الأطراف للحؤول دون وقوعها في تلك التحديات، حيث يمكن للتعددية أن ترفع مستوى التعاون الإقليمي.
وبدون التعاون الإقليمي والدولي، لن تتمكن إيران من تشكيل مستوى فعال من المشاركة والتعاون البناء في بيئة جنوب غرب آسيا. وسوف يتطلب التعاون الإقليمي شكلاً جديداً من العمل التفاعلي على المستوى الدولي.
إبراهيم متقي
رئيس كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة طهران