العراق: تحريات أمنية بانخراط عمال أجانب في عصابات الجرائم المنظمة
تنشغل السلطات الأمنية في العراق منذ أيام بالبحث عن العمّال الآسيويين الذين دخلوا البلاد بطرقٍ سرية، لا سيما بعد حادثة إطلاق النار في منطقة الأعظمية وسط العاصمة بغداد.
ميدل ايست نيوز: تنشغل السلطات الأمنية في العراق منذ أيام بالبحث عن العمّال الآسيويين الذين دخلوا البلاد بطرقٍ سرية، لا سيما بعد حادثة إطلاق النار في منطقة الأعظمية وسط العاصمة بغداد، من قبل باكستاني جرى اعتقاله فيما بعد، وهي الحادثة التي فتحت أبواب التساؤل عن احتمالات انخراط عمالة أجنبية في عصابات الجماعات والعصابات المنظمة.
والأسبوع الماضي، أقدم شخص باكستاني الجنسية على إطلاق النار على مواطنين خلال حفل إفطار جماعي بالقرب من جامع الإمام أبو حنيفة، في منطقة الأعظمية وسط العاصمة بغداد، مستخدماً مسدساً، لكنه لم يصب أحداً، فيما جرت ملاحقته واعتقاله في أحد الأزقة، لكنه وأثناء الملاحقة أصاب أحد عناصر الشرطة بطلقٍ ناري.
على إثر ذلك، أطلقت السلطات الأمنية في بغداد، حملة أمنية لمتابعة وملاحقة العمالة الأجنبية التي دخلت البلاد عبر التهريب. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد مقداد ميري، أمس الثلاثاء، إنّ “قوة من وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، استخبارات الفرقة الخامسة شرطة اتحادية، تمكنت من إلقاء القبض على (262) عاملاً آسيوياً في مناطق (مدينة الصدر، والشعب، والحميدية) دخلوا العراق بصورة غير شرعية، وستتخذ الإجراءات القانونية بحقهم حسب جهة الاختصاص”.
وسبق ذلك، إصدار بيان من الوزارة، أكد أن “مديرية شؤون الإقامة بالاشتراك مع جهاز المخابرات الوطني العراقي واستخبارات الشرطة الاتحادية شرعت بحملة كبرى في عدد من مناطق العاصمة بغداد، أسفرت عن إلقاء القبض على (555) مخالفاً لشروط وضوابط الإقامة من مختلف الجنسيات”.
وأضافت أن “هناك جهوداً مكثفة من قبل الدوائر الأمنية المختصة لإلقاء القبض على المخالفين في بغداد والمحافظات وستستمر هذه الحملة من قبل المفارز المنتشرة”، داعية أصحاب المشاريع والشركات إلى “إكمال متطلبات منح الإقامة، من خلال دفع الرسوم إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومراجعة مديرية شؤون الإقامة، وتقديم المعلومة والإبلاغ عن أي حالة مخالفة لشروط الإقامة وعدم إيوائهم خدمة لأمن البلاد”.
وبحسب مصادر من جهاز الأمن الوطني، فإن “أغلبية العمالة الأجنبية تدخل إلى العراق بصورة غير شرعية عبر طريقين: الأول من خلال المنافذ الحدودية الجنوبية مع إيران، والثاني الحدود الشمالي مع إيران من جهة محافظة السليمانية (إقليم كردستان)”، مبينة لـ”العربي الجديد”، أن “العمالة الآسيوية تستغل أوقات الزيارات الدينية التي يتدفق خلالها الإيرانيون إلى العراق، ويدخلون معهم بحجة أنهم يرغبون في زيارة العتبات الدينية”.
وأضافت المصادر أن “هناك الآلاف من العمال الآسيويين في العراق، وهم بلا إقامة، وتقوم الجهات التي تستغلهم للعمالة بإخفائها ومنعهم من التحرك بحرية كاملة في مناطق عملهم”، مؤكدة أن “بعض العمّال بلا حماية قانونية، بالتالي فإن احتمالات استغلالهم في أعمال عصابات الجريمة المنظمة واردة”.
من جانبه، بيَّن الناشط المدني قاسم حميد، أن “العراق يحوي عمالة أجنبية تفوق الحاجة، ومنهم من بات يلجأ إلى أعمال أخرى، غير الخدمة في المطاعم أو الشركات، بعضهم بات يبحث عن عمله الخاص ومشاريعه، وهو أمر اعتيادي إذا كان ينسجم مع القانون وشروط الإقامة، لكن ما يحدث في بعض المناطق، وتحديداً العاصمة بغداد، يفوق ذلك، إلى أن شهدنا أخيراً محاولات اعتداء وقتل العراقيين على يد أحد الباكستانيين”.
وأكمل حميد، في حديثٍ مع “العربي الجديد“، أن “شركات عراقية تمارس عمليات تهريب واستيراد وتصدير العمال الآسيوية والأجنبية بالاحتيال وخارج القانون، وأن بعض هذه الشركات تستند إلى ثقل سياسي أو لها ارتباطات بجهات مسلحة نافذة”، مؤكداً أن “هناك حاجة لرقابة فعلية على هذا الملف، لأنه بات يهدد أمن العراقيين”.
وتتهم السلطات العراقية شركات ومكاتب أهلية باستقدام العاملين، وأغلبهم من جنسيات آسيوية وعربية للعمل في العراق، وإدخالهم سوق العمل بأجور تنافس العمالة المحلية. وتنشط العمال الأجنبية في قطاع الخدمات والتنظيف والإنشاءات والنفط، وأغلبهم من الجنسية الآسيوية، إلى جانب جنسيات أخرى، أبرزها الإيرانية، والسورية، والباكستانية، والأفغانية.
وبحسب القانون العراقي، فإن العامل الأجنبي عليه أن يحصل على إذن للعمل والإقامة، وفي حال قيامه بأي نشاط تجاري أو مالي يعتبر مخالفاً لشروط الإقامة، بينما تتولى وزارة العمل إصدار تراخيص العمل للأجانب مع رسوم مسبقة تفرضها على المستقدم والعامل نفسه، وهو ما يجعل من مسألة وجود أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية غير المرخصة مشكلة واضحة في سوق العمل المحلية.