كواليس إنهاء عمل بعثة التحقيق بجرائم “داعش” في العراق

سينتهي عمل بعثة "فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش" (يونيتاد) في العراق في سبتمبر المقبل قبل استكمال التحقيقات.

ميدل ايست نيوز: بعد 7 سنوات على تشكيلها، وتمديد مهمتها عاماً إضافياً في سبتمبر/ أيلول الماضي، سينتهي عمل بعثة “فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش” (يونيتاد) في العراق في سبتمبر المقبل قبل استكمال التحقيقات، وذلك إثر توترات بين إدارة البعثة ومسؤوليها مع أطراف من الحكومة العراقية، من بينها جهات “قضائية”، في مقابل توجيه اتهامات للبعثة مرتبطة بالفساد المالي وإهدار الوقت بسبب البطء في التوصل لنتائج بعض التحقيقات.

ونقلت وكالة “رويترز”، الأربعاء الماضي، عن رئيس البعثة كريستيان ريتشر قوله: “هل جرى إنجاز العمل؟ ليس بعد، وهذا واضح تماماً”، مشدّداً على الحاجة “إلى مزيد من الوقت. وإذا حددنا موعداً نهائياً في سبتمبر 2024، فلن نكون قد أكملنا سير التحقيقات، ولا مشروعات أخرى، مثل عمل أرشيف مركزي لملايين الأدلة”.

ومن شأن إلغاء عمل “يونيتاد”، التي شُكّلت في عام 2017، أن يؤثر بالسلب على ضحايا التنظيم الذين ينتظرون العدالة، رغم أن الحكومة العراقية لم تعر قرار الإلغاء أهمية كبيرة.

وكشفت ثلاثة مصادر مقرّبة من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لـ”العربي الجديد”، أن بعثة التحقيق بجرائم “داعش” لم تكن “مرتاحة ميدانياً منذ انطلاق أعمالها في العراق عام 2017، كما أنها شكت لأكثر من مرة قلة التعاون من قبل بعض المؤسسات الأمنية والقضائية العراقية”.

ووفقاً للمصادر ذاتها، تكررت اتهامات من مسؤولين عراقيين لـ”يونيتاد” باستهلاك وقت طويل والتدخل بملفات أمنية وعسكرية، بالإضافة إلى التأخر في التوصل إلى نتائج ملموسة في تحقيقاتها، ناهيك عن إهدار المال.

انعدام الحاجة إلى بعثة التحقيق بجرائم “داعش”

وقال أحد المصادر الثلاثة إن “لجوء السلطات العراقية إلى الحكم بالإعدام على كثيرين ممن كانوا ضالعين في العمليات الإرهابية ضد المدنيين والدوائر الحكومية وارتكابهم جرائم حرب، كان مصدر قلق بالنسبة للمسؤولين في الأمم المتحدة، بسبب عدم توافر القرائن الكاملة للإدانة، وإصدار حكم الإعدام على أعداد كبيرة من المتهمين بالانتماء لداعش”.

وأوضح أن “السلطات العراقية تعتقد بأنه لم يعد هناك حاجة لفريق التحقيق الأممي، والتعاون بين الجانبين (بغداد والأمم المتحدة) لم يكن بالمستوى المطلوب، كما أن يونيتاد رفضت مشاركة نتائج بعض تحقيقاتها مع الحكومة العراقية، وهذا تمرد على الاتفاقات”.

غير أن الرافضين لقرار العراق بإنهاء عمل بعثة التحقيق بجرائم “داعش” يخشون من تراجع الجهود الرامية لمحاسبة مزيد من أعضاء التنظيم، بعدما ساهم فريق التحقيق في الوصول إلى حقائق وأدلة مختلفة، أبرزها جرائم الإبادة بحق العراقيين الأيزيديين، وجرائم قتل جماعية في تكريت ونينوى، وكذلك جرائم تدمير الآثار.

في المقابل، فإن أطرافاً أخرى، من ضمنها سياسية ومن المنظمات المحلية العراقية، لا يعفون بعثة “يونامي” في بغداد من مسؤولية التماهي مع المسؤولين في العراق عن انتهاكات واسعة وتضييق على الحريات العامة لصالح أحزاب السلطة.

بدوره، رأى النائب عن الطائفة الأيزيدية في البرلمان العراقي محما خليل أن من أسباب إنهاء عمل بعثة التحقيق بجرائم “داعش” قبل “إكمال تحقيقاته أو فتح شيفرات الدواعش والمتعاونين معهم، كان بسبب توتر العلاقة بين العراق والأمم المتحدة”.

وأضاف في بيان أن “إنهاء عمل الفريق غير صحيح، لأنه يمتلك بنكاً متكاملاً من المعلومات، وأن تمديد عمله سيزيد غزارة المعلومات والوثائق حول جرائم داعش، وسيتيح للحكومة أن تكون هذه الوثائق والمعلومات بيدها، واستخدامها في المحاكم الدولية ضد الدول والمنظمات والأطراف التي أتت بالدواعش”.

في موازاة ذلك، أبلغ فولكر بيرتس، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس فريق المراجعة الاستراتيجية لعمل “بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق” (يونامي)، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في لقاء على هامش مؤتمر ميونخ للأمن في ألمانيا في فبراير/ شباط الماضي، بالاستعداد لإنهاء عمل البعثة تدريجياً، من دون الإدلاء بتفاصيل أخرى.

غير أن المكتب الإعلامي للسوداني أصدر بياناً جاء فيه أن “التقدم الحاصل في بسط الأمن والاستقرار الداخلي، هو ما جعل بالإمكان إنهاء الدور السياسي لبعثة يونامي، وأن النشاطات والبرامج المشتركة للمنظمة الأممية يمكن أن تستمر عبر نقل نشاطها إلى المنظمات المختصة”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى