مصادر: شروط إيران للتراجع عن استهداف العمق “الإسرائيلي”

كشف مصدر إيراني مقرب من الخارجية الإيرانية -اشترط عدم الكشف عن هويته- أن طهران تلقت رسالة من الولايات المتحدة تدعو لخفض التصعيد وعدم مهاجمة الكيان الصهيوني.

ميدل ايست نيوز: على وقع طبول الحرب، وإعلان مستشار المرشد الأعلی للشؤون العسكرية اللواء يحيى صفوي أن “السفارات الإسرائيلية في العالم لم تعد آمنة بعد الهجوم علی القنصلية الإيرانية بدمشق”، حطّ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الأحد، رحاله في العاصمة العُمانية مسقط، معلنا عن جولة إقليمية قادته في اليوم التالي إلى دمشق على أن يغادرها لاحقا إلى بيروت في محطته الثالثة.

يأتي ذلك بعد أسبوع فقط على اغتيال 7 من ضباط الحرس الثوري الإيراني، أبرزهم قائد فيلق القدس في سوريا ولبنان العميد محمد رضا زاهدي، ونائبه محمد هادي رحيمي في هجوم صهيوني على القنصلية الإيرانية، حيث توعدت طهران على لسان كبار مسؤوليها بأن “الانتقام آت لا محالة”، ووضعت قواتها المسلحة في “حالة تأهب قصوى”.

وبعد تأكيد الجانبين الإيراني والأميركي تبادلهما الرسائل عقب الهجوم، تأتي زيارة عبد اللهيان إلى عُمان التي اشتهرت بالوساطة بينهما لتؤكد المؤكد أصلا، لكن تزامنها مع تسريب بعض التقارير حول علاقتها بخفض التصعيد في قطاع غزة، يطرح تساؤلات عما يناقشه الوزير الإيراني خلف الأبواب الموصدة في جولته الإقليمية.

رسائل سرية

في غضون ذلك، كشف مصدر إيراني مقرب من الخارجية الإيرانية -اشترط عدم الكشف عن هويته- أن طهران تلقت رسالة من الولايات المتحدة تدعو لخفض التصعيد وعدم مهاجمة الكيان الصهيوني، وذلك ردا على رسالة إيران السابقة بخصوص عزمها مهاجمة الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل مباشر.

وأضاف المصدر أن إيران اشترطت لتراجعها عن عملياتها في العمق الإسرائيلي ضمان واشنطن هدنة دائمة وفورية في غزة وعدم تنفيذ الجيش الصهيوني الهجوم المزمع على رفح، مستدركا أن دبلوماسية الرسائل السرية والوساطة الإقليمية لم تثمر بالكامل بعد، إلا أنها قطعت شوطا يمكن التعويل عليه لوقف العمليات العسكرية في غزة خلال الفترة المقبلة.

واستدرك أن الشروط الإيرانية “لا تعني تخليها نهائيا عن الانتقام لضحاياها من الكيان الصهيوني”، وأن المفاوضات غير المباشرة بين واشنطن وطهران تسعى لثني الأخيرة عن ضرب العمق الإسرائيلي في التوقيت الراهن، مؤكدا أن ما يهم بلاده الآن إنقاذ الأبرياء في غزة على أمل تصفية الحسابات مع العدو لاحقا.

محفزات أميركية

من ناحيته، يرى السفير الإيراني السابق في النرويج وسريلانكا والمجر، عبد الرضا فرجي راد، أن جولة عبد اللهيان الإقليمية على صلة مباشرة بالمفاوضات -عبر وسطاء غربيين وإقليميين- مع الولايات المتحدة، مضيفا أن بعض الأوساط غير الرسمية تتحدث عن محفزات أميركية لثني إيران عن مهاجمة الكيان الصهيوني مقابل معادلة ردع جديدة تضع حدا للعمليات على سوريا والتراجع عن مهاجمة رفح.

ويرى الدبلوماسي الإيراني السابق ضغوطا أميركية وراء سحب الكيان الصهيوني معظم قواتها العسكرية من قطاع غزة مؤخرا، موضحا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ظهر في خطابه الأخير، يوم أمس الأحد، “محبطا وفاقدا الأمل باستعادة الأسرى المحتجزين لدى حماس وأمسى يستجدى صفقة مع حركة المقاومة الفلسطينية”.

ورأى أن ما يحدث في الميدان، لا سيما في غزة يدل على كثافة الدبلوماسية الأميركية للحيلولة دون تفاقم الأمور في المنطقة وتزايد ضغوط واشنطن على تل أبيب رغم حساسية الأوساط السياسية الأميركية تجاه الإدارة الحالية وكيفية تعاطيها مع العدوان على غزة واستهداف المصالح الصهيوأميركية في الشرق الأوسط.

من جهته، أشاد السياسي الرئيس الأسبق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه، بدبلوماسية بلاده لتفويت الفرصة على اليمين الصهيوني المتطرف الذي يسعى لاستدراج إيران إلى حرب مفتوحة مع الولايات المتحدة، معتبرا أن الرد الإيراني المباشر في التوقيت الراهن يصب في مصلحة تل أبيب.

وأشار السياسي الإيراني إلى أن حكومة اليمين الصهيوني تعاني أزمة كبيرة جراء حربها المتواصلة على غزة وأنها تبحث عن ذريعة تنقذها من مستنقع غزة وتعزز اصطفاف حلفائها الغربيين إلى جانبها، ورأى في القنوات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن سبيلا لقطع الطريق على نتنياهو الذي يريد افتعال أزمة أمنية إضافية بالمنطقة.

ورأى المتحدث نفسه، أن الدبلوماسية التي يقودها عبد اللهيان هذه الأيام سوف تعزز العمق الإستراتيجي للجمهورية الإسلامية في الشرق الأوسط وترجح كفة الدبلوماسية على حساب كفة الميدان في ميزان السياسة الخارجية بما يضمن المصالح الوطنية وأرواح المستشارين الإيرانيين في سوريا.

الرد وخفض التصعيد

في المقابل، يذهب بعض المراقبين الإيرانيين إلى أن التراجع عن الانتقام والثأر الذي طالما تغنت به السلطات الرسمية عقب الغارات على قواتها في سوريا قد يؤسس لقواعد اشتباك جديدة بالمنطقة تحفز أطرافا أخرى على مهاجمة أهداف إيرانية.

وبعد أن أخرج الهجوم على القنصلية الإيرانية في سوريا الحرب الدائرة بين طهران وتل أبيب منذ عقود من الظل إلى العلن، يرى أستاذ الجغرافيا السياسية عطا تقوي أصل، أن التراجع عن الانتقام بعد رفع الصوت عاليا قد يفسر على أنه مؤشر على الضعف.

ويرى تقوي أن بلاده أضحت أمام ثنائية تلبية المطالب الشعبية الهاتفة بالانتقام وخفض التصعيد المنسجم مع الحكمة، مؤكدا أنه لا حاجة لطهران بضرب العمق الإسرائيلي بعد أن أضرمت نيران المقاومة في هشيم الاحتلال، مستغربا إطلاق سلطات بلاده وعودا بالانتقام من الكيان الصهيوني رغم أن طهران قد انتقمت من الاحتلال أشد الانتقام طوال 7 أشهر خلت.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى