من الصحافة الإيرانية: كيف سيكون شكل الانتقام… حرب محدودة أم واسعة النطاق؟

بالنظر إلى الخسائر والمخاطر الجسيمة للانتقام الإيراني، وكذلك الخسائر التي يمكن أن تترتب على الامتناع عن الانتقام، فإن الحل الوسط يمكن أن يكون هجوماً محدوداً ومنضبطاً على غرار الهجوم على القاعدة الأميركية في عين الأسد.

ميدل ايست نيوز: نقل تلفزيون سي بي إس عن مسؤول أمريكي قوله إن الهجوم على إحدى السفارات الإسرائيلية أمر محتمل إذا كان من المقرر أن يكون الرد الإيراني مناسب. لكن في الوقت نفسه، تحدث هؤلاء المسؤولون أيضًا عن احتمال شن هجمات بموجات من صواريخ كروز والطائرات بدون طيار على إسرائيل.

بعد مضي أسبوع على الهجوم الإسرائيلي على القنصلية في السفارة الإيرانية في دمشق، يفترض جميع الأطراف أن إيران ستتخذ إجراءات انتقامية ضد إسرائيل. ونُقل عن مسؤولين في الجمهورية الإسلامية قولهم إنهم يعتزمون الانتقام بشكل مباشر.

كما نقلت وسائل إعلام أميركية عن بعض المسؤولين الذين لم تذكر أسمائهم قولهم إن هجوما “كبيرا” من جانب إيران ضد إسرائيل أمر “حتمي” سيشن بحلول نهاية شهر رمضان، وأن هذا الهجوم كان أحد المواضيع الرئيسية في المكالمة الهاتفية بين بايدن ونتنياهو يوم الثلاثاء الماضي.

إلى ذلك، أخذت إسرائيل هذا الخطر على محمل الجد واتخذت التدابير اللازمة. ورغم اتفاق المراقبين على طبيعة الهجوم، لكن الشيء المهم المختلف عليه هو كيفية وآلية ومدى هذا الرد.

وفي حال تم تنفيذ هذا الهجوم، فسيكون بالفعل ما حاولت إيران والولايات المتحدة وحزب الله اللبناني تجنبه حتى الآن، وتريد إسرائيل أيضًا تجنبه خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر بعد عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول سينفذ على الأرض. بالإضافة إلى ذلك، فإن إحجام حزب الله اللبناني عن الانخراط في حرب واسعة النطاق له جذوره أيضاً في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان.

ويعد حزب الله حزباً سياسياً مهماً في السياسة الداخلية للبنان حيث يمتلك 12 مقعداً في البرلمان اللبناني ويشارك في الائتلاف الحاكم بما لا يقل عن 70 مقعداً، ولا يمكنه تجاهل معارضة الرأي العام والقوى اللبنانية الأخرى لقيام حرب مدمرة. ولكن يبدو أن سياسة إسرائيل قد تغيرت منذ (أواخر ديسمبر).

ومنذ نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كان من الواضح أن هناك نوعاً من الجمود قد نشأ في غزة وأن أهداف نتنياهو الثلاثية لا يمكن تحقيقها. وفي الوقت نفسه، واجه نتنياهو ثلاثة ضغوط واسعة، هي: 1- ضغوط داخلية مكثفة، 2- ضغوط الحكومات والرأي العام الدولي، و3- ضغوط المنظمات الدولية. بالإضافة إلى ذلك، كان دائمًا يتعرض لضغوط لعدم وجود استراتيجية سياسية وعسكرية للأزمة التي تتعرض لها دولة الكيان.

من الممكن الآن أن يكون اليمين المتطرف في إسرائيل، بسبب مزيج من الجمود في غزة، والضغوط الداخلية والخارجية، والضعف الاستراتيجي، قد تبنى مشروع الصراع بالتناوب مع أعضاء جبهة المقاومة منذ (ديسمبر). مشروع يمكن أن يتحول في نهاية المطاف إلى حرب إقليمية واسعة النطاق.

وفي هذا السياق فإن اغتيال العسكريين الإيرانيين في سوريا والقادة الميدانيين لحزب الله في لبنان يمكن أن يكون له هدفين: 1- تعطيل عمل محور المقاومة في المنطقة تمهيدا لحرب واسعة النطاق 2- تحريض إيران وحزب الله على مهاجمة إسرائيل بهدف تبرير مثل هذه الحرب في نظر المجتمع الدولي. إضافة إلى ذلك، منذ بداية الأزمة الحالية، كان هناك دائماً رأي مفاده أنه نظراً لتجربة هجوم 7 أكتوبر، قررت إسرائيل استهداف أعضاء جبهة المقاومة واحدًا تلو الآخر، ومن المحتمل أن يكون مهاجمة حزب الله والصراع مع إيران على جدول أعمال الكيان الصهيوني منذ 7 أكتوبر. ولعلّ إخلاء المناطق الشمالية من إسرائيل من السكان والخسائر الاجتماعية والاقتصادية في عمق الكيان هي أكبر دليل على صحة هذا التحليل. ناهيك عن انسحاب القوات الهجومية الإسرائيلية من غزة وتعليق الهجوم على رفح في الأيام القليلة الماضية.

ما يهم الآن هو كيفية تعامل إيران وحزب الله مع هذه المؤامرة الإسرائيلية. لا شك أن قادة الجمهورية الإسلامية واجهوا أحد أصعب الخيارات في تاريخهم. فبالنظر إلى الخسائر والمخاطر الجسيمة للانتقام، وكذلك الخسائر التي يمكن أن تترتب على الامتناع عن الانتقام، فإن الحل الوسط يمكن أن يكون هجوماً محدوداً ومنضبطاً على غرار الهجوم على القاعدة الأميركية في عين الأسد.

لكن المشكلة هي أن إسرائيل اليوم في وضع لا يمكن مقارنته على الإطلاق بموقف أمريكا في ديسمبر 2020. وقد تحول إسرائيل ولو هجوماً محدوداً إلى ذريعة لتوسيع الحرب. مع افتراض أنه في حالة نشوب حرب واسعة النطاق، فإن أمريكا ستهرع بالتأكيد لمساعدتها.

وفيما يتعلق بإيران، فبالإضافة إلى الالتفات إلى الأجواء العالمية والإقليمية، فإن سلطاتنا مضطرة إلى إشراك الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل البلاد في المعادلة والأخذ في الاعتبار أن التجارب التاريخية أثبتت أن انعكاس الحرب الخارجية لا يؤدي دائما إلى وحدة أكبر في الداخل كما هو متوقع.

 

كوروش أحمدي
دبلوماسي إيراني سابق لدى الأمم المتحدة وخبير في العلاقات الدولية

 

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − 17 =

زر الذهاب إلى الأعلى