قصة فشل عملية “مخلب النسر” الأمريكي في إيران
رافق سوء الحظ خطة "مخلب النسر" الأمريكية لتحرير الرهائن في إيران في أبريل عام 1980، وتحولت في إحدى مراحلها الهامة إلى مطاردة شاحنة صهريج تتبعها شاحنة صغيرة وسط الصحراء.
ميدل ايست نيوز: رافق سوء الحظ خطة “مخلب النسر” الأمريكية لتحرير الرهائن في إيران في أبريل عام 1980، وتحولت في إحدى مراحلها الهامة إلى مطاردة شاحنة صهريج تتبعها شاحنة صغيرة وسط الصحراء.
تقرر تكليف وحدة كوماندوز تابعة لصفوة القوات الخاصة “الدلتا” التي كانت تأسست في عام 1977 بتنفيذ العملية التي بدت مشابهة تماما لسيناريوهات أفلام هوليوود، وأنيطت قيادتها بمؤسس هذه القوة العقيد تشارلز بيكويث، الذي كان اشتهر في حرب فيتنام.
خطة “مخلب النسر” على الورق:
نصت هذه الخطة على نقل القوات الخاصة الأمريكية والوقود بواسطة ست طائرات نقل عسكرية من طراز “سي–130” هرقل إلى قاعدة جوية بريطانية سابقة مهجورة في الصحراء الإيرانية، وبعد ذلك تلحق بها ثماني طائرات مروحية من طراز “أر إتش -53 دي”.
بعد نزول قوات الدلتا الخاصة وتزويد المروحيات بالوقود، كان على طائرات النقل العسكرية “هرقل” أن تعود إلى قواعدها فيما تنقل المروحيات افراد القوات الخاصة إلى ملجأ بالقرب من طهران، وأن تنتظرهم في مكان متفق عليه مسبقا.
كان من المخطط أيضا أن يتم نقل مجموعة من قوات “الدلتا” الخاصة إلى مبنى السفارة الأمريكية في طهران، وأخرى إلى مبنى وزارة الخارجية الإيرانية بواسطة شاحنات أعدتها مسبقا الاستخبارات المركزية الأمريكية. هذه الشاحنات كان سيقودها أفراد من أصل إيراني، وبصحبة جنرالين من نظام الشاه كانا فرا من إيران بعد الثورة الإسلامية. دور هذين الجنرالين يتمثل في التدخل في حالة التعرض لحواجز أمنية وتقديم نفسيهما على أنهما ضابطان عاملان في الجيش الحالي.
بعد السيطرة على مبنى السفارة الأمريكية، كان يفترض أن يتم نقل الرهائن إلى ملعب رياضي قريب من المكان كان يسمى “أمجاديا”، ويطلق عليه الآن اسم “شهيد شيرودي”.
قوة خاصة أمريكية تتكون من 13 فردا كلفت باقتحام مبنى وزارة الخارجية الإيرانية لتحرير القائم بالأعمال الأمريكي بروس لينغ ومرافقيه فيكتور تومسيت ومايكل هاولاند، ونقلهم إلى الملعب.
من هناك كان يفترض أن يتم نقل الرهائن الأمريكيين الثلاثة والخمسين بواسطة المروحيات إلى القاعدة الجوية العسكرية المهجورة، ومنها يتم إجلاءهم بواسطة طائرات النقل العسكرية “سي – 130” تحت غطاء من الطائرات المقاتلة الأمريكية.
سخّر البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية كل ما في ترسانتيهما من تكنولوجيا وخبرة، حتى أنهم أرسلوا الرائد في سلاح الجو جون كارني إلى إيران على متن طائرة تجسس خفيفة للتأكد من ثبات التربة في القاعدة الجوية المهجورة وقدرتها على تحمل هبوط طائرات النقل “سي – 130”.
علاوة على ذلك، رصدت أقمار التجسس الأمريكية على مدى 90 يوما تلك المنطقة النائية في صحراء “دشت كوير”، والتي كانت القاعدة لعملية إجلاء الرهائن بعد تحريريهم. تبين بعد المراقبة الطويلة أن سيارتين فقط مرتا على طول الطريق المؤدي من قم إلى مشهد.
عمليا ما أن هبطت طائرة النقل العسكرية “هرقل” الأولى، حتى خرج منها أفراد القوة الخاصة صحبة سيارة جيب ودراجات نارية. رأوا على الفور شاحنة صهريج ترافقها شاحنة صغيرة تسير على طريق مهجور.
أفراد الكومندوز قرروا على الفور التعامل مع هذا الحادث الطارئ الذي يهدد بكشف العملية السرية، فقام أحدهم بإطلاق صاروخ مضاد للدبابات على شاحنة الصهريج. الشاحنة انفجرت واشتعلت بها النيران وتحول الليل إلى نهار. أحد ركاب الصهريج تمكن من مغادرة قمرة القيادة والصعود إلى الشاحنة الصغيرة.
لم تنته المتاعب عند هذا الحد، فقد تفاجأت القوة الخاصة الأمريكية بحافلة كبيرة مليئة بمواطنين إيرانيين مذهولين مما رأوا. أطلق الأمريكيون عليها الرصاص وأجبروها على التوقف. أخرجوا منها 40 إيرانيا وقاموا بتفتيشهم. تبين أنهم مواطنون عاديون في رحلة بين مدينتي يزد وتاباس. تقرر الاحتفاظ بالإيرانيين حتى نهاية عملية “مخلب النسر”.
الخطة الأمريكية التي رُسمت على الطريقة الهوليوودية تعثرت منذ البداية. تحطمت إحدى المروحيات الثمانية وسقطت في الماء بجوار حاملة الطائرات. مروحية ثانية تاهت في الصحراء بسبب عاصفة رملية ثم عادت أدراجها. 6 مروحيات فقط وصلت إلى القاعدة المهجورة، وهبطت خلف طائرات النقل “سي – 130”.
فجأة احتكت إحدى المروحيات بشفرة طائرة نقل وانفجرت الطائرتان، ما أدى إلى مصرع ثمانية من أفراد الكومندوز والطاقم، فيما فقد الوقود بكامله.
في ذلك اليوم 25 أبريل 1980، لم تجد صفوة القوات الخاصة الأمريكية طريقة لمعالجة الوضع المتأزم إلا الفرار على متن طائرات النقل المتبقية، تاركة وراءها في الصحراء خمس طائرات مروحية بخزانات وقود فارغة.