في الذكرى الـ 45 لفسخ العلاقات الإيرانية المصرية.. كيف ساهمت إسرائيل في خلق فجوة بين طهران والقاهرة؟
إن الظلام المسيطر على العلاقات السياسية والدبلوماسية والتشنج الحاصل بين إيران ومصر جاء بعد صداقة شاه إيران مع إسرائيل.
ميدل ايست نيوز: إن الظلام المسيطر على العلاقات السياسية والدبلوماسية والتشنج الحاصل بين إيران ومصر جاء بعد صداقة شاه إيران مع إسرائيل ومن ثم الأحداث التي دارت في عهد جمال عبد الناصر، وصولا إلى توقيع كامب ديفيد في عهد محمد أنور السادات.
ويصادف الـ 29 من أبريل، الذكرى الـ45 لفسخ العلاقات السياسية والدبلوماسية بين إيران ومصر عام 1974.
مصر والحقبة البهلوية
شهدت العلاقات السياسية والدبلوماسية بين حضارتي إيران ومصر العديد من التقلبات على مدى آلاف السنين. حيث ساد هذه العلاقات أجواء مظلمة مرتين على الأقل خلال نصف القرن الأخير.
وتحسنت العلاقات السياسية والدبلوماسية بين مصر وإيران بين عامي 1938 و1945 مع زواج فوزية، شقيقة ملك مصر فاروق من محمد رضا بهلوي، شاه إيران، لكنها عادت إلى البرودة مرة أخرى مع طلاق الاثنين عام 1948.
وزاد فتور العلاقات بعد انقلاب أغسطس 1952 الذي قام به جمال عبد الناصر ومحمد نجيب، ضباط الجيش المصري، ضد ملك هذا البلد آنذاك وإقامة نظام جمهوري بدلا من النظام الملكي.
عادت الأوضاع لتستقر قليلا بين طهران والقاهرة مع وصول جمال عبد الناصر إلى سلطة مصر وتحسين العلاقات السياسية بين البلدين، ولكن عقب اعتراف محمد رضا شاه بهلوي بدولة إسرائيل وعاصمتها القدس بشكل رسمي في أغسطس 1960، فرضت الجامعة العربية عقوبات على “إيران”، وأيد الرئيس المصري آنذاك هذا القرار في سبتمبر 1960، مما دفع مصر إلى فرض عقوبات عليها وقطع العلاقات السياسية والدبلوماسية مع طهران.
واستمر هذا الوضع عقدًا من الزمن حتى وفاة جمال عبد الناصر في سبتمبر 1970، ليتسلم أنور السادات سدة الحكم، وقد أدت الصداقة التي أبرمها مع شاه إيران إلى ذوبان صقيع العلاقات السياسية والدبلوماسية بين إيران ومصر.
علاقات مصر وإسرائيل
وفي 17 سبتمبر من 1978، وقع الرئيس المصري آنذاك محمد أنور السادات اتفاق كامب ديفيد بوساطة الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر، حيث قضى بالاعتراف الكامل بالكيان الصهيوني وإقامة علاقات سياسية ودبلوماسية مع إسرائيل، مقابل استعادة صحراء سيناء. وبعد 189 على هذه الاتفاقية، سارع السادات إلى توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل في 26 مارس 1979، ومنذ ذلك الحين أقام علاقات سياسية ودبلوماسية واقتصادية جيدة مع هذا الكيان.
موقف إيران من كامب ديفيد
مع انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية في يناير من عام 1979، قال آية الله الخميني زعيم هذه الثورة في نوفمبر من ذات العام في نوفيل لوشاتو بفرنسا، ردا على سؤال مراسل وكالة أسوشيتد برس الذي سأل، هل تعارض اتفاقية كامب ديفيد على غرار زعماء الدول الإسلامية الأخرى؟ ووصف اتفاقية كامب ديفيد وغيرها من الاتفاقيات الموقعة بين رؤساء الدول الإسلامية والكيان الصهيوني بأنها “مؤامرات لشرعنة عدوان الكيان الصهيوني الغاصب الذي يغير الأوضاع لصالح إسرائيل وعلى حساب العرب والفلسطينيين”. وأكد: أن “هذا الوضع لن تقبله شعوب المنطقة”.
وفي رسالة إلى ياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية آنذاك، فسر كريم سنجابي، أول وزير خارجية للحكومة الإيرانية المؤقتة بعد الثورة، اتفاق كامب ديفيد بأنه “طعنة للفلسطينيين في الظهر” وأعرب عن تعاطفه مع عرفات.
وبعد 78 يوما من تأسيس النظام السياسي الجديد في إيران، أمر الإمام الخميني الدكتور إبراهيم يزدي، وزير الخارجية الثاني في الحكومة المؤقتة، بقطع العلاقات الدبلوماسية بين الحكومة الإيرانية والحكومة المصرية.
وكانت هذه الخطوة رد فعل على توقيع اتفاقية كامب ديفيد في منزل جيمي كارتر الرئيس الأمريكي آنذاك بين الرئيس المصري محمد أنور السادات ومناخيم وولفوفيتش بيغن، رئيس الوزراء السادس لإسرائيل وأول رئيس وزراء من حزب الليكود.
وعزا مراقبون رد فعل الإمام الخميني الحاد إلى مكانة مصر وتأثيرها بين الدول العربية على العالم الإسلامي.
واعتبر الإمام الخميني هذا الحدث -اتفاقية كامب ديفيد- بمثابة خيانة الحكومة المصرية آنذاك لوحدة العالم الإسلامي والانتفاضة الفلسطينية.
آخر المستجدات؟
عقب الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية في ديسمبر 2023، وفوز عبد الفتاح السيسي المجدد رئيساً للبلاد، هنأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي نظيره المصري عبر مكالفة هاتفية جاءت بعد انقطاع دام 44 عاما بفوزه بالانتخابات، وسرعان ما ضجت وسائل الإعلام بهذا الخبر وتحدثت عن تطبيع وشيك للعلاقات بين البلدين.
لكن على الرغم من التصريحات المتكررة للمسؤولين السياسيين الإيرانيين والمصريين حول ضرورة إقامة علاقات رسمية بين إيران ومصر وجهود الوسطاء مثل عمان لتسهيل هذه العملية، إلا أن هناك خلافات جدية بين الجانبين في بعض المجالات. ومن أهمها قضية فلسطين وإسرائيل. أي القضية التي قطعت العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين منذ أكثر من أربعة عقود.
وبينما تدين الجمهورية الإسلامية أي علاقة مع الكيان الصهيوني وتؤكد ضرورة الدعم الشامل لفلسطين والسعي للقضاء على إسرائيل، فإن مصر تتمتع بعلاقات جيدة مع هذا النظام وحتى خلال حرب غزة اتخذت عدة إجراءات تصب في صالح إسرائيل.