من الصحافة الإيرانية: هل تخسر إيران حرب ممرات الترانزيت؟

لطالما كان موقع إيران الجغرافي الفريد على مر التاريخ ميزة جيوسياسية مهمة للبلاد، لكن يبدو أن فرصة استغلال هذا الموقع في السنوات الأخيرة قد ضاعت.

ميدل ايست نيوز: لطالما كان موقع إيران الجغرافي الفريد على مر التاريخ ميزة جيوسياسية مهمة للبلاد. لكن يبدو أن فرصة استغلال هذا الموقع في السنوات الأخيرة قد ضاعت، بل وأصبح الامتياز الجيوسياسي الذي تتمتع به إيران يمثل تهديدًا ضد البلاد بسبب إهماله على شتى الأصعدة.

يأتي هذا في وقت يحذر الخبراء الجيوسياسيون من الحذر فقدان “الفرص الطبيعية” لإيران من حيث الميزة الجيوسياسية وإخراج إيران من المعادلات الإقليمية.

وفي بداية شهر مايو الجاري، أفادت تقارير أن دول المنطقة، تركيا والعراق والإمارات وقطر، اتفقت على تنفيذ طريق الترانزيت الذي يربط الشرق الأوسط بأوروبا. وهي خطوة تعني بشكل واضح تجاهل الموقع الجيوسياسي لإيران، وتنفيذ هذا الاتفاق يظهر أن دول المنطقة “يمكنها” استبعاد إيران من مشاريع الترانزيت الخاصة بها.

ويحتوي “طريق التنمية” على خطين للسكك الحديدية والسيارات يمران عبر أراضي تركيا والعراق. وقالت السلطات التركية إنه مع تنفيذ هذا المشروع، سيتم تقليل وقت نقل البضائع بنحو 25 يومًا. يمكن أن يحل هذا الطريق محل المسار الحالي لقناة السويس والبحر الأحمر. وبحسب التقديرات، سيتم الانتهاء من هذا المشروع بالكامل بحلول عام 2050، على أن تنتهي مرحلته الأولى في عام 2028.

إعادة النظر في ساحة ممرات الترانزيت

يقول شعيب بهمن، الباحث والمحلل في العلاقات الدولية، لصحيفة فراز الإلكترونية: في السنوات الماضية، حدث إهمال خطير في ساحة الترانزيت الإيراني، ونظرا لفقدان نظرة كلية للتطورات الدولية، فشلت إيران في أن يكون لديها تصميم استراتيجي في قضايا الممرات والترانزيت. الأمر الذي أدى إلى عدم وجود خطة مقننة وكلية واستراتيجية في الداخل لدفع هذا المشروع، ومن ناحية أخرى، تستغل الدول الجارة هذا الإهمال ويسعون لتفعيل قدراتهم وإمكانياتهم الجيوسياسية.

وأوضح: إن تفعيل القدرات الجيوسياسية لدى الدول المجاورة أدى وسيؤدي لاستنزاف القدرات الجيوسياسية لإيران. من الضروري إعادة التفكير في تصميم مشروع ضخم في مجال ممرات الترانزيت وخاصة الممرات الاقتصادية في إيران، ويجب إدراج هذا الإجراء بشكل جدي في جدول أعمال المؤسسات ذات الصلة بمجال السياسة الخارجية.

وقال عن تجاهل دول المنطقة لموقع إيران الجيوسياسي: إلا أن الإهمال الداخلي وعدم التخطيط لمشاريع واسعة النطاق في هذا المجال دفع بلداناً أخرى إلى استغلال هذه الظروف والمضي قدماً بمشاريعها. وعلى الرغم من تفوق موقع إيران الجيوسياسي على جيرانها في العديد من المجالات، إلا أن قلة الاهتمام والاستثمار في البنية التحتية جعل الآخرين يفكرون في مسارات بديلة.

وواصل: ما يجب أن يعلمه الجميع أن الاقتصاد الدولي لا يتوقف إطلاقا بسبب ما يجري في بلد ما، بل يتبع مسارات أخرى لإنقاذ نفسه. لذلك، إذا كانت إيران، على سبيل المثال، تؤخر إنجاز مشروع ممر شمال-جنوب منذ أكثر من 20 عاماً، فعليها أن تنتظر اللحظة التي يتم إنشاء ممرات بديلة حولها. ومن ناحية أخرى، إذا لم تتخذ إيران قراراً استراتيجياً بالمشاركة في مبادرة الحزام والطريق الصينية، فسوف يستخدم الجيران قدراتهم. علما أن جغرافية وجيوسياسية الدول الجارة قد لا تكون مشابهة لجغرافية إيران، أو قد تتسبب في إبعاد الطرق وستكون كفاءتها الاقتصادية أقل مقارنة بمسار إيران.

ضرورة حدوث تحول جدي داخل إيران

وقال هذا الخبير في الختام: لا ترغب إيران في تعطيل الطرق التجارية لجيرانها، وسيتم تنفيذ مشروع “طريق التنمية” إذا وصل إلى المرحلة النهائية. وذلك لأنه طريق ترانزيت وتجارة ولا يمكن لأي دولة تعطيله، وإيران لا تنتهج مثل هذه السياسة أيضًا. والقضية الأساسية هي قدرات الدول التي تتعاون في هذا المشروع. فلا يمكن مقارنة موانئ الإمارات وقطر بالبنية التحتية لموانئنا، وللأسف، في السنوات الماضية، لم يتم إيلاء اهتمام جدي لتطوير البنية التحتية للموانئ في إيران، تمامًا كما لم يتم تطوير البنية التحتية للسكك الحديدية والنقل البري أيضا.

وتابع: في وقت نقف عاجزين عن إحداث هذه القدرات وفي تطور بنيتنا التحتية، فإن بلدانا أخرى ستغتنم هذه الفرصة. وفي الوضع الذي ترغب فيه جميع الدول، بما في ذلك إيران، في إرساء الأمن في المنطقة ودعم الاستقرار فيها، فمن الممكن تشكيل ممرات بديلة. لذا، يجب أن يكون هناك تغيير جدي داخل إيران فيما يتعلق بهذه المشاريع، ويجب أن تدخل إيران في مراحل التنفيذ. وعلى إيران أن تتوقف عن كونها مجرد متفرج في حروب الممرات وطرق المواصلات في المنطقة، وأن تتصرف بنشاط أكثر.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى