ما هي تداعيات رحيل إبراهيم رئيسي وأمير عبد اللهيان على السياسة الخارجية الإيرانية

أثار رحيل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان تساؤلات عن وجهة السياسات الإيرانية بشكل عام، والسياسة الخارجية بشكل خاص، خلال الفترة المقبلة.

ميدل ايست نيوز: أثار رحيل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان تساؤلات عن وجهة السياسات الإيرانية بشكل عام، والسياسة الخارجية بشكل خاص، خلال الفترة المقبلة، وما إذا كانت هذه السياسات ستستمر على ما كانت عليه في عهد رئيسي بنفس التوجهات والتكتيكات، أو أنها ربما تشهد تغييرات في الأمرين مع الإبقاء على الخطوط العريضة للسياسات الإيرانية التي يرسمها المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي، ولا تتغير هي بتغير الرؤساء والحكومات.

في السياسة الخارجية، التزم إبراهيم رئيسي بالخطوط العريضة للنظام الإيراني مع رسم توجهات وتكتيكات تتوافق معها، عكس سلفه حسن روحاني الذي تبنى توجهات وتكتيكا مختلفا في سياسته الخارجية، حيث اتجه نحو الغرب للتقارب معه وعقد مع المجموعة الدولية وبالذات الولايات المتحدة الاتفاق النووي عام 2015، وحاول أن يتجاوز ذلك نحو اتفاقيات أخرى تحت عنوان “الاتفاق الـ2″ و”الاتفاق الـ3” باتجاه استئناف العلاقات مع أميركا، لكن المرشد لم يسمح له.

ونالت سياسات روحاني تحفظات وملاحظات من آية الله خامنئي، الذي عبر عنها في أكثر من مناسبة بشكل أو آخر، وكذلك التيار المحافظ الذي ظل ينتقده، لكن بعد تولي رئيسي الرئاسة عام 2021 انسجمت التوجهات والتكتيكات في السياسة الخارجية الإيرانية مع خطوطها العريضة، وهو ما لقي استحسانا من المرشد الإيراني، مرات عدة.

لم ينقلب إبراهيم رئيسي على مبدأ المسار التفاوضي مع الغرب في إطار المساعي لإحياء الاتفاق النووي، فخاض جولتين من المفاوضات مع الولايات المتحدة استكمالا لجولات سابقة تمت في عهد روحاني، لكن بتوجه مختلف من خلال عدم ربط وضع البلاد بمصير هذه المفاوضات وإدارة وجهة السياسة الخارجية الإيرانية نحو الشرق وتطوير العلاقات مع الجيران وروسيا والصين.

وكانت حكومة إبراهيم رئيسي ووزارة خارجيته في عهد الوزير الذي رحل معه في نفس الحادثة، حسين أمير عبد اللهيان، المقرب من الحرس الثوري، الأكثر انسجاما وتوافقا مع “الميدان” الذي يمثله “فيلق القدس” في المنطقة وهو الذراع الإقليمية للحرس.

وفي السياق، يقول المحلل الإيراني المقرب من الخارجية، عباس أصلاني إن غياب إبراهيم رئيسي وحسين أمير عبد اللهيان يحصل في ظروف حساسة مهمة إقليميا ودوليا، وخاصة في ظل التطورات الإقليمية جراء الحرب على غزة، مشيرا إلى أن فقدان رئيس ووزير خارجيته “مهم وليس بأمر يمكن تجاهله”.

لكن عملية اتخاذ القرار في السياسة الخارجية الإيرانية، وفق أصلاني، رغم تأثيرات الرئيس الإيراني ووزير خارجيته الراحلين عليها ستبقى مستمرة بلا تأثر إذ إن الهياكل التي تجري فيها هذه العملية قائمة، مستبعدا أن تشهد السياسات الإيرانية تغييرا برحيل الشخصيتين، “رغم دورهما وتأثيرهما المهمين” في صناعة القرارات المرتبطة بالسياسة الخارجية الإيرانية.

ويضيف الخبير الإيراني أنه لم يمر يوم على الحادث حتى تم تعيين علي باقري كني على رأس وزارة الخارجية بشكل مؤقفت، فضلا عن تسليم محمد مخبر إدارة السلطة التنفيذية حسب الدستور، لافتا إلى أن الرئيس الإيراني هو أحد الأطراف المؤثرة في رسم السياسة الخارجية، كما أن وزير الخارحية أيضا ينفذ السياسات العليا التي يتبناها المجلس الأعلى للأمن القومي وأجهزة أخرى.

وعليه، يستبعد أصلاني أن تشهد السياسة الخارجية في عهد سلف إبراهيم رئيسي “تغييرا ملحوظا”، متوقعا استمرار هذه السياسات اذا فازت شخصية محافظة بالرئاسة المقبلة، وإذا تولتها شخصية معتدلة أو إصلاحية، فالتغيير أيضا ربما يكون نسبيا وبسيطا. وإجمالا، يرى أصلاني أن الرئيس الإيراني المقبل سيواصل سياسات رئيسي الحالية في ظل الاستدارة الحالية نحو الشرق والتعاون مع دول المنطقة، وكذلك تعثر إحياء الاتفاق النووي وتدهور العلاقات الإيرانية الغربية.

ويؤكد أصلاني أن البلاد لن تدخل في حالة فراغ وأزمة بعد رحيل إبراهيم رئيسي، مشيرا إلى تصريحات المرشد الإيراني، أمس الأحد، وطمأنته الشارع الإيراني بأنه لن يحدث أي خلل في إدارة البلاد وسياساتها. ويتوقع الخبير الإيراني أن تدخل إيران أجواء التنافس الانتخابي خلال الأسابيع المقبلة وأنها ستتجاوز الظروف الراهنة.

وما اذا كان غياب رئيسي وأمير عبد اللهيان، سيترك تأثيرات على استمرار المفاوضات النووية غير المباشرة مع أميركا وكذلك العلاقات مع الجوار والحراك الدبلوماسي الرامي لوقف الحرب على غزة، يؤكد أستاذ جامعة طهران، الخبير هادي برهاني لـ”العربي الجديد” أن “لا سبب لتغيير هذه السياسات”، قائلا إن ضحايا الحادث، أي الرئيس ووزير الخارجية “لم يكن لهما دور فريد في هذه التحركات والملفات”.

ويشير إلى أن هذه التحركات والتطورات “هي حصيلة قرار النظام ككل، كما أن هذه السياسات أثبتت نجاحها” في عهد رئيسي، “حيث اتضح أن التعامل مع أميركا يضع أمام إيران فرصا جديدة”، في إشارة إلى المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين، و”يشكل ضغطا على الطرف الإسرائيلي المعارض لهذا التعامل”.

ويقول برهاني إن طهران وواشنطن بحاجة إلى هذا التعامل في الشرق الأوسط لضبط التوترات، كما أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على أعتاب انتخابات مصيرية، تتهددها أوضاع الشرق الأوسط على وقع الحرب على غزة، مشيرا إلى أن سياسة الجوار وتطوير العلاقات مع الجيران سيظلان أولوية، وهو يعد “من نجاحات حكومة السيد رئيسي”، الأمر الذي أدى إلى تطورات إيجابية على طريق العلاقات مع الدول العربية وخاصة السعودية والإمارات.

تحسن علاقات إيران مع دول المنطقة، عززت، وفق برهاني، الجبهة المعادية لإسرائيل، كما أن “سياسة إيران بشأن غزة زادت من مصداقيتها وشعبيتها داخليا وخارجيا ولا مبرر لتغيير هذه السياسات”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 − تسعة =

زر الذهاب إلى الأعلى