من الصحافة الإيرانية: وزير الخارجية الإيراني الجديد يواجه ملفات حساسة ومعقدة

يرى مراقبون أن تعيين علي باقري كني قائمًا بأعمال رئيس الشؤون الخارجية من قبل الوفد الحكومي يشير إلى استمرار الميراث الدبلوماسي لحسين أمير عبد اللهيان في الكم والنوع.

ميدل ايست نيوز: تم تعيين علي باقري كني57 عاما، والذي يتمتع بتاريخ حافل في الجهاز الدبلوماسي الإيراني، خاصة بصفته كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين مع الغرب، قائمًا بأعمال رئيس الشؤون الخارجية بشكل مؤقت. وبحسب مراقبين، يبدو أن تعيينه من قبل الوفد الحكومي يشير إلى استمرار الميراث الدبلوماسي لحسين أمير عبد اللهيان في الكم والنوع.

وقالت صحيفة اعتماد في مقال لها، إنه في الأثناء التي يتولى فيها علي باقري كني قيادة الدبلوماسية الإيرانية للخمسين يوماً المقبلة على الأقل، يتكهن المسؤولون الغريبون بعد التوقعات بالنسبة لإيران. وبحسب تقرير صحيفة وول ستريت جورنال، فإن الولايات المتحدة وأوروبا لا تتوقعان رؤية تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية الإيرانية، لكنهما تزعمان أن التوترات مع الغرب ستتصاعد على الأرجح مع تشكيل حكومة جديدة في طهران.

وبدأ باقري كني نشاطه السياسي عام 1989 في أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني. وبعد سنوات قليلة، أي عام 1994، توجه إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية كمحلل سياسي في غرفة الأخبار في إذاعة إيران. لكنه بدأ نشاطه الدبلوماسي رسميًا في الوكالة العربية والإفريقية لوزارة الخارجية الإيرانية ثم في الشؤون الأوروبية عام 2005.

وبعد تعيين سعيد جليلي أمينا لمجلس الأمن القومي الإيراني عام 2007 وتوليه زمام الأمور في ملف المفاوضات النووية، عمل باقري كني أيضا مساعدا له ويعتبر الشخص الثاني في فريق التفاوض الإيراني في الملف النووي.

وفي عهد حسين أميرعبد اللهيان، أصبح كني نائبه السياسي وكان في الوقت نفسه مسؤولاً عن المفاوضات النووية الإيرانية مع الغرب.

وفي الانتخابات الرئاسية عام 2013، أصبح باقري كني رئيسًا للمقر الانتخابي لسعيد جليلي، ورغم أنه لم يكن لديه أي مسؤولية في الحكومة، إلا أنه كان حاضرًا كنائب جليلي في المجلس الأعلى للأمن القومي.

ومع فوز حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية عام 2013، بدأت المفاوضات لحل القضية النووية الإيرانية بشكل جدي، وانتهت أخيرًا في عام 2015 بالتوقيع على خطة العمل الشاملة المشتركة. وهو ما دفع معارضي الاتفاق النووي، بمن فيهم سعيد جليلي وباقري كني، إلى الابتعاد إلى حد ما عن هذه الساحة، رغم إصرارهم على موقفهم المعارض للاتفاق النووي وانتقاداتهم المستمرة.

ومع وصول حكومة إبراهيم رئيسي إلى السلطة، أدت التغييرات في الفريق النووي إلى تولي علي باقري كني مسؤولية فريق التفاوض. وبعد استراحة قصيرة في المفاوضات، اتفقت إيران والاتحاد الأوروبي في 14 أكتوبر من عام 2021 على إجراء مزيد من المحادثات في بروكسل.

استمرت المفاوضات لعدة جولات. لكن في بداية الجولة السابعة، وبينما أبدت جميع الأطراف تفاؤلها بشأن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة وحتى إعداد مسودة في هذا الصدد، وصف علي باقري كني كل ما تم طرحه حتى الآن بأنه مجرد “مسودة” وقدم مشروع طهران الجديد. واعتبر أن هذه المقترحات مبنية على مبادئ مشتركة بين الجانبين وتستند إلى المصالح الإيرانية. ووصف المفاوضون الغربيون مقترحات إيران الجديدة بأنها “غير مقبولة”.

ويبدو أن باقري كني، الذي كان مسؤولاً عن المفاوضات، سعى إلى حل التوترات المتعلقة بالملف النووي بطريقة براغماتية واضحة. بغض النظر عن خلافاته مع سعيد جليلي في هذا المجال.

وكان باقري كني أحد منتقدي خطة العمل الشاملة المشتركة قبل توليه منصب كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، واعتبرها “ضررا جسيما” و”تهديدا للأمن القومي”. لكن من خلال قبوله المسؤولية، فقد استبدل ضمنيا البراغماتية بالانتقادات التي كانت تطال الاتفاق النووي. والآن، في منصبه كوزير للخارجية بالوكالة، تتاح له مرة أخرى الفرصة لحل القضية النووية من خلال الحفاظ على مبادئ وأطر النظام.

ماذا ينتظر باقري كني؟

ويواجه علي باقري كني، بصفته وزيرا للخارجية، قضايا إقليمية ودولية أخرى إلى جانب المفاوضات النووية. ورغم أنه من غير المرجح أن تتغير سياسة إيران الخارجية، إلا أن أولوياتها قد تتغير في ظل الوضع المعقد الذي تعيشه المنطقة.

ويرى مراقبون في المنطقة أن باقري كني يجب أن يكون قادرا على تعزيز دور إيران المهم في دعم فصائل المقاومة في هذا الوقت الحرج. وفي حين يرى الكيان الصهيوني رفح الملاذ الأخير لسكان غزة، فقد زاد أيضًا من التوتر مع حزب الله اللبناني. إن خطر وقوع مذبحة كبرى في رفح وفي مختلف أنحاء قطاع غزة أصبح وشيكاً. ولذلك فإن باقري كني وسياسة إيران الإقليمية الكلية بشكل عام تسعى أولا إلى تعزيز الضغوط اللازمة على المستوى الإقليمي والعالمي ضد تحركات الكيان الصهيوني وثانياً إلى منع تصعيد التوتر الذي يبدو أنه استراتيجية تل أبيب في المنطقة.

وفي غضون ذلك، سيكون تعزيز الحوار مع الدول الأخرى في المنطقة، بما في ذلك السعودية والإمارات، على جدول الأعمال.

وفي هذا الصدد، يبدو أن الدبلوماسية الإيرانية تسعى إلى معالجة المخاوف الأمنية لبعض دول المنطقة مثل السعودية. ويتطلع هذان البلدان، اللذان استعادا علاقاتهما منذ أكثر من عام، إلى مزيد من التفاهم، خاصة في ما يتعلق بأمن مياه الخليج. وهذا هو التحدي الأكبر الذي سيواجهه علي باقري كني في منطقة الخليج في الأشهر المقبلة. وفيما يتعلق بمفاوضات التعاون الأمني ​​بين الولايات المتحدة والسعودية، يبدو أن دبلوماسية إيران ستسعى بنشاط إلى إقناع الرياض بحل المخاوف الأمنية في المستقبل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

16 − سبعة =

زر الذهاب إلى الأعلى