بعد أيام من انتخابه رئيسا لمجلس الشورى.. محمد باقر قاليباف يترشح للرئاسة الإيرانية

بعد شدّ وجذب في التوقعات، توجه رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف في آخر أيام الترشح للانتخابات الرئاسية المبكرة في إيران، ليقدّم أوراق ترشحه.

ميدل ايست نيوز: بعد شدّ وجذب في التوقعات، توجه رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف اليوم الاثنين، في آخر أيام الترشح للانتخابات الرئاسية المبكرة في إيران، ليقدّم أوراق ترشحه. ويعدّ قاليباف إحدى أبرز الشخصيات المحافظة، التي قررت خوض السباق الرئاسي المقبل في إيران في 28 الشهر الجاري، إثر وفاة رئيسها إبراهيم رئيسي في الـ19 من الشهر الماضي بسبب سقوط مروحيته شمال غربي البلاد.

وكان 161 مشرعاً من البرلمان الإيراني، قد بعثوا السبت الماضي، برسالة إلى رئيس البرلمان الإيراني قاليباف دعوه فيها إلى الترشح للرئاسة الإيرانية، فضلاً عن نشر وكالات أنباء إيرانية، رسالة أخرى لـ200 ناشط إيراني وجهوا الدعوة نفسها. وفي تصريحات له عقب تسجيل ترشحه للرئاسة الإيرانية، قال رئيس البرلمان الإيراني إنه “قلق” على أمرين: الأول مستقبل البلاد وحياة أبنائها، والقلق الثاني مرتبط بمشهد الانتخابات وهو أن “تتسبب القضايا الهامشية في تهميش أولوية المعيشة وحياة المواطنين”.

وتساءل قاليباف: “من يمكنه تقبل المسؤولية لإتمام الأمور”، قائلا إنه بعد الثقة التي منحها نواب البرلمان ليكون رئيسه، قرر الترشح للانتخابات الرئاسية بدعوة من الشخصيات البارزة في جبهة الثورة. وأضاف أن ترشحه للانتخابات مرده السعي لعدم تكرار “سوء الإدارة” في البلاد، في إشارة غير مباشرة إلى عهد الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، فضلا عن مخاوف من تراجع ما وصفه بـ”الفاعلية” في الإدارة و”حلول المشكلات”.

وأكد محمد باقر قاليباف أنه كان يخشى أن يبقى “العمل الذي بدأناه خلال هذه السنوات لحل القضايا الاقتصادية مبتورا إذا لم أترشح للانتخابات”، مضيفا أنه لم يكن ليترشح لو لم يكن يؤمن بإمكانية حل مشكلات إيران المعيشة والغلاء. ووعد بتشكيل “حكومة فاعلة بإدارة مسؤولة”، دون أن ينفي وقوع أخطاء.

ترشح قاليباف للرئاسة الإيرانية الجديدة، جاء بعدما جدّد المشرعون في مجلس الشورى الإسلامي الجديد (البرلمان)، الثلاثاء الماضي، رئاسته للبرلمان بدورته الجديدة الثانية عشرة بعد حصوله على 198 صوتاً من مجموع 287 صوتاً مشاركاً في عملية التصويت، من أصل 290 عدد نواب البرلمان الإيراني الذي يسيطر عليه المحافظون.

وترشح رئيس البرلمان الإيراني سابقاً ثلاث مرات للانتخابات الرئاسية الإيرانية، إلا أنه أخفق فيها. ورغم أنه شخصية محافظة متنفذة فاز بمقعد عن طهران في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت مطلع مارس/آذار الماضي، لكن مراقبين ووسائل إعلام إيرانية اعتبروه خاسراً فيها، بعدما حل في المركز الرابع في قائمة الفائزين، وتقدمه متشددون محافظون، أمثال حميد رسائي المعارض له. كما أخفق أعضاء قائمته في الفوز من بين ثلاثين نائباً عن طهران. لكنه رغم ذلك تجددت رئاسته للبرلمان الإيراني في مواجهة برلمانيين محافظين آخرين، هما مجتبى ذو النور عن مدينة قم، والذي حصل على 60 صوتاً، ومنوجهر متكي وزير الخارجية الإيراني الأسبق، والذي حصل على خمسة أصوات فقط.

محمد باقر قاليباف المقرّب من قائد فيلق القدس السابق الجنرال قاسم سليماني، يبلغ من العمر 63 عاماً. حاصل على الدكتوراه في الجغرافيا السياسية من جامعة “تربية المدرس” (تربيت مدرس) في طهران. شغل مناصب قيادية في الحرس الثوري الإيراني، منها قيادة السلاح الجوي في الحرس، وقيادة مقر خاتم الأنبياء؛ قبل أن يُعيّن قائداً لقوات الأمن الداخلي (الشرطة) من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي عام 2000، حيث بقي في المنصب لخمسة أعوام. كما ظفر قاليباف عام 2005 بمنصب رئيس بلدية طهران لمدة 12 عاماً خلفاً للرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد الذي انطلق نحو الرئاسة من رئاسة بلدية طهران.

حظوظ محمد باقر قاليباف في الرئاسة

يقول الخبير الإيراني هادي برهاني إن قاليباف لا يحظى بقاعدة جماهيرية كبيرة وشعبية تمكنه من الفوز بالرئاسة الإيرانية بحسب ما أظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مضيفاً أن “الثوريين المقربين من النواة الصلبة للسلطة غالباً يفضلون (سعيد) جليلي (الأمين السابق للأمن القومي) على قاليباف”.

ويوضح برهاني أن رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني يعتبر “خياراً أفضل للمحافظين البرغماتيين” في إيران، غير أنه أكد في الوقت ذاته أن حضور قاليباف في السلطة بوصفه رئيساً للبرلمان وعلاقاته بالنواب الإيرانيين عن المدن والمحافظات الإيرانية “يشكلان فرصة للمناورة”.

محمد باقر قاليباف من قادة الحرب الإيرانية العراقية و”الأوفياء بمدرسة الثورة”، بحسب برهاني الذي قال إنه بات يمثل اتجاهاً محافظاً ثورياً برغماتياً، إذ أصبح هو أكثر برغماتي يبتعد عن “الثورية المثالية” كما هو الحال لدى المتشددين، وذلك في ظلّ خبرته وتجربته طيلة سنوات من حضوره داخل السلطة وتقلده مناصب عليا.

ويخلص الخبير الإيراني إلى أن قاليباف ليس خياراً مفضلاً لدى المحافظين المتشددين الذين قال برهاني إنهم يسعون إلى إقصاء قاليباف من السلطة.

لكن الناشط المحافظ الإيراني هاتف صالحي له وجهة نظر مختلفة عن برهاني حول حظوظ قاليباف في الظفر بالرئاسة الإيرانية، قائلاً إن حظوظه أكبر من غيره من المرشحين، لسببين. الأول هو أنه “القدير” لاستمرارية حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، والسبب الثاني هو أنه قادر من خلال اتباع “نهج معتدل وتدبير وعقلانية وروح جهادية” على حل مشكلات البلاد والحؤول دون تشكل “حلقات أصولية متطرفة” داخل الحكومة.

ويضيف صالحي أن تجدد رئاسة  محمد باقر قاليباف للبرلمان من خلال حصوله على غالبية أصوات البرلمانيين، يشكل “رصيداً جيداً” له، يعزز فرصه إذا ما تبنى خطاباً معتدلاً في حملته الانتخابية وقدّم نفسه بوصفه “شخصية تكنوقراطية ثورية معتدلة”.

ويؤكد الناشط الإيراني أن الخطاب المفضل للشارع الإيراني اليوم هو “خطاب التغيير” وآخر مؤشر على ذلك تمثل في نسبة مشاركة 41 في المائة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة خلال مارس/آذار الماضي مما يعني أن هذه النسبة المتدنية، وفق صالحي أن الشعب لا ينظر إلى الوضع الراهن بـ”إيجابية ويسعى إلى التغيير”.

ويوضح الخبير الإيراني أن محددين لهما تأثيرهما في الانتخابات المقبلة، المحدد الأول هو الرغبة في تغيير ظروف البلاد، والمحدد الثاني هو “التأثر المجتمعي” من رحيل رئيسي المفاجئ، مشيراً في السياق إلى الكلمات والتعبيرات التي استخدمها المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، اليوم الاثنين في مدح الرئيس الراحل.

ويضيف صالحي في السياق أن “خطاب الخدمة” هو المطلوب اليوم للمرشد ويشكل حاجة إيران، لافتاً إلى أن البلاد باتت بحاجة إلى رئيس ومي يشكل حكومة تغيير تتصف بمواطن القوة لحكومة رئيسي، وفي الوقت نفسه يبعد عنها نقاط ضعف كانت موجودة في تلك الحكومة.

وعن نقاط الضعف هذه، يتحدث حول “حلقة مشكلة من شباب عديمي التجربة” محيطة برئيسي في حكومته، مضيفاً أن قاليباف ربما يكون هو المرشح لاستمرارية خطاب رئيسي، في الوقت نفسه، القادر على إحداث التغيير وإبعاد تلك الحلقة عن الحكومة.

ويردف الخبير الإيراني قائلاً إن قالیباف بین المرشحین المحتملین ربما یکون هو الأقدر على الجمع بين خطاب الخدمة واستمراريته في الحكومة المقبلة، وكذلك خطاب التغيير، لكنه في الوقت ذاته في حاجة إلى “فريق قوي وتوظيف طاقات مثل السيد (محمد) مخبر” الرئيس الإيراني المؤقت، وكذلك “إصلاح الانطباع السلبي المشكل في أذهان الشارع عن حكومة السيد رئيسي بسبب وجود أشخاص ومجموعات وحلقات متطرفة” حوله.

وطرح محمد باقر قاليباف قبل سنوات خطاب “الأصولية الجديدة”، بحسب صالحي، الذي أضاف أنه أخفق في شرح هذا الخطاب للشارع الإيراني، وأنه إذا لم يغير فريقه الحالي فلا يمكنه الوصول إلى نتيجة مرضية اذا ما فاز بالرئاسة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى