من الصحافة الإيرانية: تعقيد حول إصدار أو عدم إصدار قرار ضد إيران
بحسب الاجتماع السابق للوكالة وبالإشارة إلى نهج واشنطن في التطورات الداخلية والإقليمية والدولية، فإن هناك بالفعل توقعاً بين المحللين بأن أميركا ستكون قادرة على إقناع الشركاء الأوروبيين في النهاية على العدول عن ذلك.
ميدل ايست نيوز: أشير عشية اجتماع الوكالة الذرية إلى أنه إذا أرادت بعض الدول الأوروبية اتخاذ موقف عدائي ضد إيران، فإنها ستواجه ردا جديا وفعالا من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ناهيك عن أن أي زيادة في التوتر مع إيران عقب اقتراح بايدن مشروع سلام لحرب غزة يمكن أن تؤثر بشكل خطير عليها.
ورغم أن صدور القرار يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، إلا أنه لا يمكن تجاهل إمكانية امتداده إلى مجالات أخرى من العلاقات. كما ينبغي أن يأخذ صانعو القرار في هذا البلد في الاعتبار قرب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهو ما يضاعف قلقهم من أي زيادة في التوتر.
وتظهر المعطيات اليوم أن الدول الأوروبية عازمة على اقتراح هذا القرار. وفي وقت سابق، رفض بعض المسؤولين الأميركيين وجود أي خلافات مع الشركاء الأوروبيين في هذا الشأن، وأكدوا على وجود تنسيق، وأيضاً بحسب بعض التقارير، جعلوا إعلان موقفهم مرهوناً بالوضع السائد في الاجتماع. الأمر الذي يسلط الضوء على تقرير في الأيام الماضي وتصريحات رافائيل غروسي الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في بداية الاجتماع الأخير، والذي يجعل من الضروري إعادة النظر في الموضوع.
وفي بداية الاجتماع، انتقد غروسي نوع التعاون الذي تتبعه إيران في هذا الشأن. ووفقا لادعائه، فإن احتياطيات إيران من اليورانيوم المخصب زادت بنسبة 60% ولم يتم إحراز أي تقدم في حل قضايا الضمانات المتبقية. ووفقا له، فقدت الوكالة استمرارية المعرفة فيما يتعلق بإنتاج ومخزون أجهزة الطرد المركزي والدوارات والمياه الثقيلة ومركزات خام اليورانيوم. وبالإضافة إلى هذه الحالات، يشير غروسي أيضًا إلى تصريحات المسؤولين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ويدعي أن الحديث عن تغيير محتمل في العقيدة النووية يزيد المخاوف بشأن دقة واكتمال التصريحات الأمنية الإيرانية. وعليه، يمكن للعديد من التنبؤات والاحتمالات أن تنطرح على الطاولة الآن. الاحتمال الأول الذي يمكن تصوره هو أنه على الرغم من ضغوط الدول الأوروبية الثلاث، فإن الموافقة على القرار ستُحذف من جدول الأعمال في اللحظات الأخيرة. وهذا يعني أن الضغوط الأميركية ربما تكون فعالة، وأن الدول الأوروبية مقتنعة بأن المسار الأميركي المقصود سوف يستمر. وتعني هذه المسألة أن أوروبا لعبت دور الشرطة السيئة، وأمريكا دور الشرطة الجيدة، وتم تحذير إيران في الوقت ذاته من التطورات النووية في المستقبل ونهج الغرب المحتمل ضدها. والنقطة التي يجب الإشارة إليها هنا هي أن أي إجراء يمكن أن يضعف حكومة بايدن على المستوى الداخلي لأمريكا ويؤثر على نتائج الانتخابات الأمريكية سيواجه أوروبا برئيس، على عكس بايدن، لا يدعم كثيرا الحفاظ على تماسك وانسجام العلاقات الأوروبية الأمريكية. وبالطبع، في هذه الظروف، من المحتمل أن نواجه بيانًا قاسيًا ضد طهران.
والاحتمال الثاني هو الموافقة على هذا القرار. وكما يشير العديد من المحللين، فإن جدية الأوروبيين وتوزيعه في أمانة مجلس المحافظين ربما يعني أنه يظهر أن الدول الأوروبية تريد الموافقة على هذا القرار تحت أي ظروف.
في هذه الحالة، قد يحدث موقفان مختلفان فيما يتعلق بتوجه واشنطن: فمن ناحية، قد تضطر أميركا إلى الموافقة على هذا القرار. وتعني هذه الشروط أن الأوروبيين تمكنوا من إقناع أميركا بأنه حتى لو تمت الموافقة على هذا القرار فإن طهران لن تتخذ إجراءات تزيد التوتر بشكل خطير، وإما أن عدم الموافقة على القرار سيؤدي إلى تراجع مصداقية الوكالة والضغط الغربي على صناع القرار الإيراني. أما الموقف الآخر، فمن الممكن أن يرافق أميركا تحرك ثلاث دول أوروبية لتظهر عدم وجود فجوة في العلاقات مع شركائها.
وبالطبع لا بد من الإشارة هنا إلى أنه حتى لو تمت الموافقة على القرار، إذا كانت أميركا تميل إلى عدم زيادة التوتر، فيمكنها نقل موقفها المختلف إلى طهران عبر إرسال رسالة، لإقناع السلطات الإيرانية بالاستمرار في الحفاظ على الوضع الراهن.
ومن ناحية أخرى، قد لا توافق أمريكا على ذلك. وفي مثل هذا الوضع تظهر أميركا رغبتها في عدم الضغط على طهران. ولا يزال من الممكن أن يفتح هذا الموضوع المجال للتفاعل مع طهران.
في المجمل، خلال الأسابيع الماضية، أعلنت ثلاث دول أوروبية عزمها الجاد على إقرار القرار ضد إيران في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورغم اعتراضات أمريكا، بناء على التقارير المنشورة، ورغم بدء الاجتماع ورغم طلب أمريكا، فقد استمروا في هذا الإجراء. لكن إقرار القرار المذكور في النهاية أم لا يعتمد على مدى فعالية الجهود الأميركية الممكنة لإقناع هذه الدول، ومن جهة أخرى سيكون الأمر مرتبطاً بالأجواء السائدة في الاجتماع. لكن بحسب الاجتماع السابق للوكالة وبالإشارة إلى نهج واشنطن في التطورات الداخلية والإقليمية والدولية، فإن هناك بالفعل توقعاً بين المحللين بأن أميركا ستكون قادرة على إقناع الشركاء الأوروبيين في النهاية على العدول عن ذلك.