من الصحافة الإيرانية: لماذا باغتت الصين إيران مرة أخرى فيما يتعلق بالجزر الثلاث؟

إن إيران تحاول إلى اليوم تحليل التطورات باستخدام الأدوات الكلاسيكية والتقليدية للعلاقات الدولية، بينما لا يؤدي استخدام هذه الأدوات إلى تحقيق أي تطور جديد.

ميدل ايست نيوز: أيدت الحكومة الصينية مرة أخرى موقف دولة الإمارات بشأن الجزر الثلاث، ودعت في بيان مشترك إلى حل قضية الجزر الثلاث بين إيران والإمارات. غير أن إيران رفضت بشكل قاطع هذا الخلاف واعتبرت هذا الأمر يمس مصالحها الحيوية وخطوطها الحمراء.

واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير الصيني لدى إيران الأحد احتجاجا على “دعم الصين المتكرر” لمزاعم الإمارات التي لا أساس لها من الصحة، وأعلمته أنه “بالنظر إلى التعاون الاستراتيجي بين طهران وبكين، فمن المتوقع أن تقوم الحكومة الصينية بمراجعة موقفها في هذا الشأن”.

لكن بحسب رويترز، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية يوم الاثنين مرة أخرى إيران والإمارات إلى حل “خلافاتهما” من خلال الحوار والتشاور، ووصف موقف الصين من ذلك بأنه “موقف ثابت”.

وسبق أن دعت روسيا عدة مرات إلى حل هذه القضية بين إيران والإمارات.

وتثير مواقف بكين أو موسكو، وهما أهم حلفاء إيران، موجة من الصدمة والاستياء من المسؤولين والمحللين في إيران. لكن في الواقع تجدر الإشارة إلى أن مواقف روسيا والصين من قضية الجزر الثلاث، التي تعتبر من المصالح الحيوية والإقليمية لإيران، تظهر حدثاً جديداً لإيران وتكشف النقاب عن مفهوم جديد في العلاقات الدولية.

وقالت صحيفة دنياي اقتصاد في تقرير لها، إن إيران تحاول إلى اليوم تحليل التطورات باستخدام الأدوات الكلاسيكية والتقليدية للعلاقات الدولية، بينما لا يؤدي استخدام هذه الأدوات إلى تحقيق أي تطور جديد.

وينبغي أن نأخذ في الاعتبار أنه في عالم اليوم الذي يمر بمرحلة انتقالية، حدثت سلسلة من التطورات إن لم تكن غير مسبوقة فهي قليلة الحدوث في تاريخ العلاقات الدولية. ويرتبط هذا التحول بالتحولات والتطورات السريعة في مجال النظام الدولي.

ومن هنا يرى بعض مفكري ومنظري العلاقات الدولية أن التطورات الجديدة لا يمكن تفسيرها وفهمها بالأدوات المفاهيمية القديمة. ولذلك، لكي نفهم التطورات الجديدة، نحتاج إلى ابتكار مفاهيم جديدة حتى نتمكن من فهم هذه التطورات والسلوك المتناقض ظاهريا للقوى العظمى.

وبالإضافة إلى سلوك بكين وموسكو تجاه إيران فيما يتعلق بالجزر الثلاث، والذي لا يفهمه الكثيرون، هناك حقائق أخرى تظهر أن التطورات في عالم اليوم يتم متابعتها بشكل مختلف عن الماضي. على سبيل المثال، فرضت الولايات المتحدة نظام العقوبات الأكثر شمولاً ضد روسيا، لكن بعض اللاعبين المهمين في النظام الدولي لا يلتزمون ببعض هذه العقوبات، وواصلت دول مثل الهند والصين شراء النفط من روسيا.

والسعودية أيضا والتي كانت حليفة لأميركا في المنطقة، تقيم الآن علاقات وثيقة مع الصينيين في المجالات الاقتصادية والصاروخية والعسكرية. ولم يكن من الممكن تصور مثل هذه التطورات إلا قبل عقد من الزمن. وقد استضافت الإمارات الأوليغارشيين الروس، وينشط رجال الأعمال الروس هناك، وتذهب الفوائد بشكل مباشر أو غير مباشر إلى حكومة فلاديمير بوتين.

وإلى جانب هذه التطورات ورغم علاقات إيران الأمنية والسياسية وااعسكرية والاقتصادية مع الصين وروسيا، غير أن الأخيرتان تجاوزتا الخطوط الحمر لإيران عدة مرات فيما يتعلق بالجزر الثلاث وأثارتا ردود فعل إيرانية.

لفهم هذا الوضع المتناقض، يجب استخدام مفهوم جديد يسمى النظام متعدد الانحياز. ووفقاً لهذا المصطلح، فإن القوى الإقليمية مستعدة للعمل مع العديد من الجهات الفاعلة المتنافسة في نفس الوقت. لأنهم يريدون زيادة تفوقهم السياسي والعسكري والأمني. كما ينص هذا المفهوم على أن عصر التحالفات والائتلافات والكتل المستقرة قد انتهى، وأن إمكانية قيام هذه الكتل المستقرة والشراكات الحصرية لم تعد قائمة. ومن الأمثلة على ذلك سلوك الصين في التعامل مع إيران، التي تجاهلت المصالح الإقليمية والحيوية لحليفتها.

إن النظام الدولي والإقليمي اليوم يعتمد بشكل كبير على الاقتصاد، أي أننا إذا رأينا الصين وروسيا تتخذان موقفاً يناهض مصالح إيران الحيوية، فذلك لأن دول مجلس التعاون دفعت ثمن هذا الموقف. في هذا النظام الموجه نحو التبادل والمعاملات، تكون العلاقات قصيرة الأجل للغاية وقاسية وخالية من القضايا الأيديولوجية والمعيارية. وفي غضون ذلك، إذا كانت إيران مجهزة أيضًا بهذه الأدوات المفاهيمية الجديدة ونظرت إلى العالم من خلال عدسة جديدة، فيمكنها فهم هذا المفهوم الجديد والمفاهيم الأخرى المحددة في قلبها، مثل نهاية التحالفات والائتلافات.

وعلى وقع هذا، لم تعد إيران تتوقع من الصين أن تتصرف كحليف مستقر، لأنه في ظل النظام الجديد، يصبح الدعم والتضامن غير ممكنين في كل الظروف. فإذا استخدمت إيران مفهوم الانحيازات المتعددة، فيمكنها استخدام المنافسة بين القوى المتوسطة والكبيرة لزيادة تكلفة المواقف الصينة. ولذلك، فمن خلال تسليحنا بأداة مفاهيمية جديدة، لن نفاجأ بالتطورات، وسيكون لدينا استراتيجية وتخطيط واضحان لسياستنا الخارجية في ظروف شديدة التقلب.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى