الآفاق المستقبلية لبرنامج الفضاء الإيراني

تستهدف طهران تنفيذ خطة طويلة الأمد لإنشاء منظومة متصلة من الأقمار الصناعية، وذلك حسب تصريحات أصدرها مؤخراً قائد فرقة الجو فضاء في الحرس الثوري الإيراني.

ميدل ايست نيوز: طرأت خلال العام الجاري تطورات متسارعة ومهمة على البرنامج الفضائي الإيراني، سواء في ما يتعلق بالمستوى المادي واللوجيستي، أو على المستوى الاستراتيجي، بشكل يمكن من خلاله القول إن هذا البرنامج – الذي تعثر لسنوات طويلة وتجمّد سنوات متتالية – بات على موعد مع وتيرة متسارعة من التطور خلال المدى المنظور، تستهدف البناء على ما نجحت طهران في التوصل إليه في هذا البرنامج خلال العقد المنصرم، بعد احتلالها المركز التاسع عالمياً في مجال الأقمار الصناعية، بعد كل من روسيا والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا واليابان والصين والمملكة المتحدة والهند والكيان الإسرائيلي.

تأسست وكالة الفضاء الإيرانية، مطلع عام 2004، وفقاً للمادة 9 من قانون المهام والصلاحيات لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي أقره البرلمان الإيراني في 10 كانون الأول/ديسمبر 2003، وتم تكليفها بالإشراف على تنفيذ الأنشطة الإيرانية المتعلقة بالتطبيقات السلمية لتكنولوجيا الفضاء، بما يشمل تطوير الصواريخ المدارية وإنتاجها، وتصنيع الأقمار الصناعية وتطويرها وإطلاقها، وذلك تحت رقابة وإدارة المجلس الأعلى للفضاء، الذي يرأسه رئيس الجمهورية الإيرانية، تحت إشراف المرشد الأعلى للثورة، وهذه الرقابة بالتحديد، جعلت أوضاع البرنامج الفضائي الإيراني وتطوراته خاضعة للأولويات المالية والسياسية لرؤساء الجمهورية الإيرانية المتعاقبين منذ حقبة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد وحتى الآن.

الصفحة الافتتاحية لهذا البرنامج الفضائي تمثلت في إطلاق طهران قمرين صناعيين بمساعدة خارجية، الأول تم إطلاقه من روسيا في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2005، عبر صاروخ من نوع “كوزموس -3 أم”، والذي حمل قمراً صناعياً روسياً -إيرانياً مشتركاً يسمّى “سينا-1″، وأصبحت إيران بذلك الدولة رقم 43 عالمياً التي تمتلك قمراً صناعياً خاصاً بها في مدار حول الأرض. في السادس من أيلول/سبتمبر 2008، تم إطلاق قمر صناعي مشترك بين كل من إيران والصين وتايلاند، باسم “إنفيرومنت-1″، على متن صاروخ صيني من نوع “لونج مارش-2 سي”، وهو خاص بالرصد البيئي والجيولوجي.

مرحلة “تفعيل” البرنامج الفضائي الإيراني

يمكن تقسيم المراحل التي مر بها البرنامج الفضائي الإيراني إلى ثلاث مراحل أساسية، وهي مرحلة التفعيل النشط في فترة حكم الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، ومرحلة التجميد الجزئي في فترة حكم الرئيس الأسبق حسن روحاني، ثم مرحلة إعادة التفعيل في فترة حكم الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.

وقد كانت حقبة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، بمنزلة انطلاقة أولى للبرنامج الفضائي الإيراني، إذ تم خلال تلك الفترة تنفيذ إحدى عشرة عملية إطلاق لصواريخ فضائية، تضمّنت ثلاث منها إرسال ثلاثة أقمار صناعية إلى مدارات منخفضة حول الأرض، يتراوح ارتفاعها بين 120 و200 كيلو متر، بجانب إرسال كبسولة اختبارية، ومسبار للرصد، وكانت تلك العمليات تتم جنباً إلى جنب مع إطلاقات اختبارية للصواريخ الفضائية، وتحديداً صواريخ عائلة “كاوشكرا”، وعائلة “سفير”، والتي تعتمد في جوهرها على صواريخ “شهاب” الباليستية.

من أبرز عمليات الإطلاق في تلك الفترة، العملية التي تمت في شباط/فبراير 2008، حين أطلقت إيران بنجاح للمرة الأولى، الصاروخ شبه المداري ثنائي المراحل العامل بالوقود الصلب، “كاوشكرا-1″، من منصة الإطلاق الفضائية في “شاهرود” بالقرب من بحر قزوين شمال شرق البلاد، وهي عملية الإطلاق الأولى من هذه المنصة التي أصبحت لاحقاً المقر الأساسي للقسم التابع لحرس الثورة في البرنامج الفضائي الإيراني، وأصبحت كذلك الموقع الرئيسي لوكالة الفضاء الإيرانية، لإطلاق الصواريخ الفضائية العاملة بالوقود الصلب، وقد حمل هذا الصاروخ مسباراً إلى الغلاف الجوي للأرض، تمت استعادته لاحقاً بمظلة، وهو ما حدث بالنسبة إلى تجربة إطلاق صاروخ “كاوشكرا-2″، في تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه، حيث حمل إلى الغلاف الجوي مسباراً مماثلاً، تمت استعادته لاحقاً.

ما هي الأقمار الصناعية التي نجحت إيران بإطلاقها إلى الآن؟

في مطلع عام 2009، حققت طهران نقلة نوعية في برنامجها الفضائي، بعد تمكنها من إطلاق القمر الصناعي المحلي الأول، المتخصص في معالجة البيانات والاتصالات “أوميد”، على متن الصاروخ “سفير-2″، وقد ظل هذا القمر في مداره لمدة شهر، وبهذا أصبحت إيران الدولة التاسعة التي تضع قمراً صناعياً محلي الصنع في مدار حول الأرض.

وفي شهر شباط/فبراير من العام التالي، 2010، حقق البرنامج الفضائي الإيراني نقلة أخرى عبر إطلاق الصاروخ الفضائي “كاوشكرا-3″، حاملاً كبسولة بيولوجية بداخلها عدة قوارض وسلحفاة ومجموعة من الديدان، وأصبحت بهذا إيران الدولة السادسة التي ترسل حيوانات إلى الفضاء.

خلال عامي 2011 و2012، زادت بشكل ملحوظ عمليات إطلاق الصواريخ المدارية الإيرانية، إذ تمت عام 2011 ثلاث عمليات، تم في إحداها إطلاق كبسولة بيولوجية اختبارية، لكن لم تحتوِ على كائنات حية، أما الثانية فتم خلالها إطلاق القمر الصناعي الثاني محلي الصنع “رصد-1″، عبر الصاروخ الفضائي “سفير-2″، وهو قمر متخصص في التصوير الجوي، تم وضعه في مدار منخفض يبلغ ارتفاعه 260 كيلو متراً، ويلتقط صوراً تبلغ دقتها 150 متراً، وقد ظل في مداره لمدة ثلاثة أسابيع.

أما عملية الإطلاق الثالثة، فتم خلالها إطلاق كبسولة بيولوجية بداخلها قرد، في رحلة مدارية استمرت 20 دقيقة، لكن فشلت هذه الرحلة، وتسببت حينها في تعليق القسم المأهول من البرنامج الفضائي الإيراني.

أما عام 2012، فقد شهد عمليتي إطلاق لقمرين صناعيين، الأول هو القمر الصناعي “يا مهدي”، وهو قمر صناعي تجريبي، ظل في مداره لمدة شهرين، قبل أن يدخل الغلاف الجوي للأرض ويضمحل، والقمر الصناعي الثاني هو القمر الصناعي “نويد”، الذي تم إطلاقه عبر صاروخ من نوع “سفير-2″، ليصبح ثالث قمر محلي الصنع متخصص في التصوير الفضائي، واستمر في مداره أيضاً لمدة شهرين، دار خلالهما حول الأرض 945 مرة، على ارتفاعات تتراوح بين 250 و375 كيلو متراً.

شهد البرنامج الفضائي الإيراني في كانون الثاني/يناير 2013، نقلة مهمة حين أطلقت وكالة الفضاء الإيرانية كبسولة “بيشكام” البيولوجية، وبداخلها قرد حيّ، وقد تمّت استعادة هذه الكبسولة بعد وصولها إلى ارتفاع 120 كيلو متراً، وبذلك أصبحت إيران الدولة السادسة التي ترسل حيواناً إلى الفضاء الخارجي. وقد تم أواخر العام نفسه، إطلاق كبسولة أخرى في رحلة تحت مدارية، استمرت 15 دقيقة، تم انتشاله بعدها بنجاح من الكبسولة التي كان بداخلها.

التجميد “المؤقت” للبرنامج الفضائي الإيراني

بالإضافة إلى ما سبق، أعلنت حكومة أحمدي نجاد مطلع عام 2013، عن خريطة طريق خاصة بالبرنامج الفضائي الإيراني، ترسم مسار هذا البرنامج حتى عام 2025، تتضمن تصميم وإطلاق حاملات أقمار صناعية وأقمار صناعية، بما فيها أقمار صناعية تلتقط صوراً للأرض مشغلة عسكرياً. كما بدأت وكالة الفضاء الإيرانية في تلك الفترة، النظر في إمكانية إرسال إنسان إلى الفضاء في مركبة مصممة خصيصاً لهذه الغاية، بحلول عام 2016، غير أن التكلفة الأولية المقدّرة بنحو 8.5 مليارات دولار، تسببت في تجميد هذه الفكرة، وبنهاية حقبة أحمد نجاد، وبداية حقبة الرئيس الأسبق حسن روحاني، دخل البرنامج الفضائي الإيراني في حالة “شبه جمود”.

في تلك المرحلة، التي دامت بين عامي 2014 و2019، تم تنفيذ ست عمليات إطلاق لصواريخ مدارية، إذ أجريت تجربة واحدة لإطلاق الصواريخ الفضائية مطلع 2014، تم خلالها تمرير قمر الاتصالات الصناعي “فجر” في مدار منخفض، وظل هذا القمر البالغ وزنه 52 كيلو غراماً، يدور في مدار على ارتفاع 450 كيلو متراً فيه لمدة شهر واحد فقط، لكن توقفت بعد ذلك بشكل شبه كامل العمليات المرتبطة بالبرنامج الفضائي الإيراني نتيجة لاعتبارات تتعلق بالمفاوضات حول الاتفاق النووي. لكن، رغم هذا، استمرت بشكل أو بآخر، عمليات الإطلاق الصاروخي الفضائي لكن بوتيرة أقل بكثير من حقبة أحمد نجاد، وكانت حالة الفشل غالبة على هذه التجارب، خاصة التجارب التي تمت عام 2019، الذي كان عاماً كارثياً بالنسبة إلى البرنامج الصاروخي الإيراني، حيث شهد ثلاث عمليات إطلاق فاشلة.

خلال المرحلة الأخيرة من حقبة الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، بدا أن حرس الثورة تلمس حالة التباطؤ التي شابت البرنامج الفضائي الإيراني، فدخل عملياً في هذا البرنامج في نيسان/أبريل 2020، عبر عملية إطلاق ناجحة لأول قمر صناعي إيراني عسكري، وهو القمر الصناعي “نور-1″، المصمم للاستشعار والاستطلاع، الذي تم إيصاله بنجاح عبر أول صاروخ فضائي إيراني ذي ثلاث مراحل “قاصد”، إلى مدار على ارتفاع 462 كيلو متراً من سطح الأرض، وظل في هذا المدار حتى مطلع عام 2022.

البرنامج الفضائي الإيراني يدخل مرحلة التنشيط الكامل

بعد تولي الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي الحكم منتصف عام 2021، أعلن بشكل رسمي إعادة تفعيل البرنامج الفضائي الإيراني، وشهد شهر كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه، عملية إطلاق صاروخ من نوع “سيمورغ”، حاملاً ثلاثة أقمار صناعية صغيرة، لكن بعد الإطلاق، فشل الصاروخ في وضع الأقمار الثلاثة في مدارها المحدد، بسبب عدم وصوله إلى السرعة المطلوبة، وقد كان واضحاً أن عملية الإطلاق تم التعجل في تنفيذها، ارتباطاً بعوامل سياسية منها عودة التفاوض حول الاتفاق النووي.

شهد العام التالي 2022عمليتي إطلاق لأقمار صناعية، تمت الأولى في شهر آذار/مارس، وخلالها أرسل حرس الثورة ثاني الأقمار الصناعية العسكرية الإيرانية “نور-2″، إلى مدار يصل ارتفاعه إلى 500 كيلو متر فوق سطح الأرض، على متن الصاروخ ثلاثي المراحل “قاصد”، وما زال هذا القمر في مداره حتى الآن، وقد نشرت وسائل الإعلام الإيرانية في أيار/مايو من العام نفسه، صوراً ملتقطة بدقة 10 أمتار، لقاعدة الأسطول الخامس الأميركي في البحرين. عملية الإطلاق الثانية تمت من قاعدة “بايكونور” الفضائية في كازاخستان، حيث أرسلت طهران القمر الصناعي “الخيام”، إلى مدار منخفض، على متن الصاروخ الروسي “سويوز”.

في عام 2023، نفذت طهران ثلاث عمليات لإطلاق صواريخ فضائية، أولها تم خلالها الإطلاق الأول للصاروخ ثلاثي المراحل “القائم-100″، حاملاً على متنه قمراً صناعياً مخصصاً للاتصالات يسمى “ناهيد-1” تبلغ زنته 50 كيلو غراماً، لكن فشلت عملية الإطلاق وانفجر الصاروخ.

العملية الثانية تمت في شهر أيلول/سبتمبر، وأطلق خلالها حرس الثورة ثالث الأقمار العسكرية الإيرانية، وهو القمر الصناعي “نور-3″، الذي تم إرساله إلى مدار على ارتفاع 450 كيلو متراً، على متن الصاروخ المداري “قاصد”، ويبلغ وزن هذا القمر 24 كيلو غراماً، ويلتقط صوراً يتراوح وضوحها بين 4.8 و6 أمتار.

أما عملية الإطلاق الثالثة، فتمت في شهر كانون الأول/ديسمبر، وخلالها أطلقت إيران كبسولة بيولوجية باستخدام صاروخ جديد تمت تسميته “سلمان”، وبلغ وزن هذه الكبسولة نصف طن، وتم إطلاقها على ارتفاع 130 كيلو متراً من سطح الأرض، وكانت عملية إطلاقها بمنزلة اختبار لتقنيات الفضاء في مجالات الإطلاق والاسترداد، والأنظمة المتعلقة بالتحكم في الظروف البيولوجية.

أما في ما يتعلق بعام 2024، فقد شهد حتى الآن ثلاث عمليات إطلاق لصواريخ مدارية، الأولى والثانية تمتا في كانون الثاني/يناير، وفي الأولى تم إطلاق قمر الاستشعار عن بعد “ثريا”، بواسطة الصاروخ المداري “قائم-100″، والمهم في هذه العملية، أن المدار الذي تم وضع هذا القمر فيه، يبلغ ارتفاعه نحو 750 كيلومتراً من سطح الأرض، وكانت هذه العملية الأولى من نوعها التي تنجح فيها إيران في وضع قمر صناعي في مدارات أعلى من 500 كيلومتر.

أما العملية الثانية، فتم خلالها إطلاق صاروخ من نوع “سيمورغ”، حاملاً ثلاثة أقمار صناعية بنجاح، لأول مرة في تاريخ البرنامج الفضائي الإيراني، وهي أقمار “مهدي – كيهان1 – هاتف1″، والتي تم إطلاقها في مدار يبلغ ارتفاعه 450 كيلو متراً.

عملية الإطلاق الثالثة هذا العام، تمت أواخر شباط/فبراير، وجرى خلالها إطلاق قمر صناعي إيراني للأبحاث، يسمى “بارس-1″، على متن الصاروخ المداري الروسي “سويوز”، من قاعدة “فوستوشني” الفضائية الروسية، ويبلغ وزن هذا القمر نحو 140 كيلو غراماً.

الموقف المستقبلي للبرنامج الفضائي الإيراني

من المنظور العام، يمكن القول إن هناك ارتباطاً مباشراً بين برنامج الفضاء الإيراني، وتطوير القدرات الصاروخية الباليستية لطهران، حيث تصب الأبحاث المتعلقة بمحركات الوقود الصلب والسائل، وكذلك آليات التوجيه ونقل الحمولات، في ما يتعلق بالبرنامج الفضائي، في المصب نفسه الذي تصب فيه الأبحاث المتعلقة بالصواريخ الباليستية بعيدة المدى، رغم أن تطبيق كامل التصاميم المتعلقة بالصواريخ الفضائية على الصواريخ ذات المسارات الباليستية، ليس ممكناً في معظم الأحيان. لكن، تكمن أهمية البرنامج الفضائي الإيراني على المستوى الاستراتيجي، في تطوير القدرة على تصنيع الأقمار الصناعية، وإرسالها إلى مدارات متوسطة في المجال الجوي للأرض، لأن إطلاق هذه الأقمار وتراكمها، سيزودان إيران بقدرات مدنية وعسكرية مهمة.

وقد حققت طهران بالفعل خلال المراحل الثلاث لبرنامجها الفضائي، بين عامي 2004 و2024، عدة إنجازات أساسية، يتمثل أولها في البدء في إنتاج أقمار صناعية محلية الصنع، ووضع أقمار مدنية وعسكرية في مدارات حول الأرض، وإطلاق كبسولات تحمل كائنات حية إلى مدارات منخفضة حول الأرض، ورفع ارتفاعات مدارات الأقمار التي ترسلها إلى الفضاء، ما دون 500 كيلو متر، إلى حدود 750 كيلو متراً، وأخيراً إطلاق عدة أقمار صناعية في الوقت نفسه والصاروخ الحامل نفسه.

على مستوى الأهداف المستقبلية للبرنامج الفضائي الإيراني، بدأت وكالة الفضاء الإيرانية عام 2023، مرحلة جديدة في هذا البرنامج، عبر التوسع في دعم صناعة الفضاء من خلال بناء منصات الإطلاق، وتطوير البنية التحتية للأقمار الصناعية.

وتعمل طهران حالياً على بناء محطتي إطلاق جديدتين، الأولى في ميناء تشابهار جنوب شرق البلاد، وهي المنطقة التي تم التفكير فيها في بداية البرنامج الفضائي الإيراني، لبناء محطة رئيسية للعمليات الفضائية، وسيتسنى لهذه المحطة بعد الانتهاء من تشييدها، إطلاق عدة أنواع من الأقمار الصناعية، بما في ذلك الأقمار الصناعية المتزامنة مع الشمس والأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض، بما يسمح بوضع الأقمار الصناعية في المدارين القطبي والاستوائي على حد سواء.

المحطة الثانية الجاري إنشاؤها، هي محطة “سلماس” الفضائية، في محافظة أذربيجان الغربية، وفي حالة إتمام هاتين القاعدتين، ستضافان إلى قاعدتي الإطلاق الأساسيتين القائمتين حالياً، وهما القاعدة التابعة لحرس الثورة، في منطقة “شاهرود” بالقرب من بحر قزوين شمال شرق البلاد، و”مطار الإمام الخميني الفضائي”، في مقاطعة سمنان جنوب شرق العاصمة الإيرانية، الذي تديره بشكل أساسي المجموعة الفضائية “سيران”، التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية.

تستهدف طهران أيضاً تنفيذ خطة طويلة الأمد لإنشاء منظومة متصلة من الأقمار الصناعية، وذلك حسب تصريحات أصدرها مؤخراً قائد فرقة الجو فضاء في حرس الثورة، علي جعفر آبادي، التي قال فيها إن حرس الثورة يعمل على تكوين شبكة تضم ما بين خمسة إلى 500 قمر صناعي.

هذا التوجه تحدث عنه عام 2022، رئيس وكالة الفضاء الإيرانية، حين تحدث عن وجود تفكير إيراني لبناء نظام أقمار صناعية مشابه لنظام “ستارلينك” على المدى القصير، وأشار حينها إلى أن طهران ستحتاج إلى تشكيل كونسورتيوم دولي للتعاون مع الدول المهتمة بهذا العمل، مضيفاً أن وكالة الفضاء الإيرانية لديها بالفعل برنامج يتعلق ببناء أنظمة الأقمار الصناعية.

على مستوى العمليات الفضائية المأهولة، أعربت طهران مراراً عن رغبتها في إرسال رواد إلى الفضاء، وقد كشفت عام 2015، عن نموذج أولي لسفينة فضاء مأهولة قادرة على نقل رواد فضاء، علماً أن عمليات إطلاق الكبسولات البيولوجية عامي 2010 و2011، بمنزلة خطوات في هذا المسار، بيد أن فشل عملية الإطلاق عام 2011، تسبب في تجميد الجزء المأهول من البرنامج الفضائي الإيراني، وتم إنهاء العمل به بشكل كامل عام 2017، لكن البحوث في هذا الإطار عادت مرة أخرى عام 2021، وتم استئناف عمليات الإطلاق المرتبطة بهذا البرنامج عام 2023، عبر إطلاق ناجح لكبسولة بيولوجية، بلغ وزنها نصف طن، وتعمل وكالة الفضاء الإيرانية حالياً على تطوير نسخة أكبر من هذه الكبسولة، تصل زنتها إلى طن ونصف الطن، والتي من خلال إطلاقها سيكون من الممكن إرسال رواد إلى الفضاء مستقبلاً، حيث تستهدف طهران إرسال أول رائد فضاء إلى الخارج خلال خمس سنوات.

صاروخياً، تعمل طهران في الوقت الحالي على تطوير أجيال جديدة من الصواريخ المدارية “قائم”، تحت أسماء قائم-105 وقائم-110 وقائم-120، خاصة صاروخ قائم-105، الذي ستبدأ الاختبارات على إطلاقه العام المقبل، ليكون أول صاروخ ذي أربع مراحل في الترسانة الإيرانية. كذلك تستهدف طهران بدء الاختبارات على صاروخي قائم-110 وقائم-120، خلال ثلاث سنوات.

كما تعمل وكالة الفضاء الإيرانية حالياً، على تطوير عائلة صواريخ “سروش 1 – سروش-2″، ليكون الصاروخ المداري الأكبر في الترسانة الإيرانية، بقدرة على نقل حمولات تبلغ 8 و15 طناً إلى الفضاء، خاصة أن طهران تستهدف على مستوى الأقمار الصناعية، تطوير أقمار تبلغ زنتها 1 طن، قادرة على العمل على ارتفاعات تصل إلى 1000 كيلو متر، بما ينقل مدارات الأقمار الصناعية الإيرانية إلى مستويات جديدة عن المستويات الحالية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الميادين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

10 − أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى