الانتخابات الرئاسية الإيرانية: دعم إصلاحي متسارع لبزشكيان وتوقعات بانسحابات في صفوف المحافظين
بدأت حملة انتخابية لستة مرشحين للمشاركة في الانتخابات المقررة في 28 يونيو (حزيران)، وسط انتقادات مستبعدين من المشاركة لمجلس صيانة الدستور.
ميدل ايست نيوز: بدأت حملة انتخابية لستة مرشحين للمشاركة في الانتخابات المقررة في 28 يونيو (حزيران)، إثر استشهاد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية، وسط انتقادات مستبعدين من المشاركة لمجلس صيانة الدستور.
وأجاز «صيانة الدستور» لخمسة مرشحين محافظين، بينهم رجل دين متنفذ، ومرشح إصلاحي واحد، خوض الانتخابات المبكرة، من بين 80 مرشحاً وافقت وزارة الداخلية على قبول أوراق ترشحهم الأسبوع الماضي.
ويشرف مجلس صيانة الدستور على تنفيذ الانتخابات، وهو هيئة تنظر في تشريعات البرلمان وقرارات الحكومة، ويتألّف من 6 فقهاء و6 خبراء قانون، يتم اختيار الأولين من قبل المرشد الإيراني ويسمّي الآخرين رئيس الجهاز القضائي، وهو بدوره من المسؤولين الذين يسميهم المرشد.
وبدأت الحملات الانتخابية لكل من رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، والمتشدد المحافظ سعيد جليلي، ووزير الداخلية والعدل الأسبق مصطفى بورمحمدي، والسياسي المحافظ أمير حسين قاضي زاده هاشمي، وعمدة طهران علي رضا زاكاني، بالإضافة إلى مسعود بزشكيان المرشح الإصلاحي الوحيد. ومن المقرر أن يتواجه المرشحون الستة في أول مناظرة تلفزيونية، الاثنين المقبل.
أما الحوارات التلفزيونية، فبدأت اليوم الأول بالحوار الذي أجراه قاليباف، ويليه بزشكيان في القناة الإخبارية الأولى.
بالتفاصيل.. من هم المرشحون الـ6 في الانتخابات الرئاسية الإيرانية؟
وانطلقت حملة بزشكيان برئاسة وزير السكن والتنمية الحضرية الأسبق علي عبد العلي زاده (في عهد محمد خاتمي).
ومع انطلاق الحملة الانتخابية، استدعى المدعي العام الإيراني مسؤولي التحرير لموقعي «بامداد نيوز» و«حاشيه نيوز» الإخباريين.
واختار قالیباف نائبه السابق في البرلمان علي نيكزاد رئيساً لحملته الانتخابية. وكان نيكزاد من بين المرشحين المرفوضة طلباتهم.
وكتب قاليباف على منصة «إكس»: «بلادنا في لحظة مصيرية إما نعود للتخلف في العقد الماضي وإما نواصل مسار الخدمة والتقدم». وكان قاليباف يشير إلى فترة تولي حسن روحاني تحديداً، كما تحمل إشارته إلى مواصلة مسار الخدمة، تعهداً ضمنياً بالسير على نهج إبراهيم رئيسي.
ووقع اختيار المتشدد سعيد جليلي على محسن منصوري نائب الرئيس الإيراني للشؤون التنفيذية ليكون رئيس حملته. وعلى الفور، قدم منصوري طلباً لنائب الرئيس محمد مخبر، للحصول على إجازة عمل حسبما ذكرت وكالة «إيلنا» الإصلاحية.
«صيانة الدستور» يدافع بعد انتقادات
وعلق وزير الطرق والتنمية الحضرية مهرداد بذرباش على رفض طلبه لخوض الانتخابات. وقال: «أتمنى الخير للشخصيات الحاضرة في مجال الانتخابات»، معرباً عن أمله في أن يستمر مسار الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي. وأضاف: «ما زلت جندياً للثورة والشعب».
على خلاف ذلك، انتقد رئيس البرلمان السابق وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام علي لاريجاني «الآليات غير الشفافة» في قرار «صيانة الدستور»، وخاطب الإيرانيين في بيان يسلط الضوء على دوافعه لدخول الانتخابات، واحتجاجه على استبعاده.
وقال في هذا الصدد: «ما جعلني أدخل معترك الانتخابات هو الظروف الخطيرة التي تمر بها إيران، لا سيما في المجال الاقتصادي الصعب والموقف الدولي الحساس»، متحدثاً عن «الضغوط الكبيرة» على معيشة الإيرانيين جراء العقوبات.
وأضاف في رسالة نشرها على منصة «إكس»: «نأمل في تجاوز العقبات لتحقيق التنمية الوطنية، لكن مجلس صيانة الدستور خلق عقبات بآلياته غير الشفافة، على الرغم من الآراء الإيجابية للجهات المسؤولة وحكم السلطة القضائية في بعض القضايا السابقة»، في إشارة إلى رفض طلبه لخوض الانتخابات الرئاسية قبل ثلاث سنوات. وختم رسالته بالقول إن «طريق خدمة الوطن وحل مشكلاته لن يتوقف».
ودخل صهره النائب علي مطهري على خط الاحتجاج أيضاً. وقال: «كان من المفترض أن يُعوّض مجلس صيانة الدستور عن الظلم الذي ارتكبه ضد لاريجاني في الانتخابات الأخيرة بتوجيهات المرشد، وفعلاً قاموا بذلك برفض أهليته مرة أخرى».
وأضاف: «سمعت أن رفضه يعود لمخاوف من استمرار مسار حسن روحاني»، وتساءل عما إذا كان تحديد ذلك على عاتق الشعب أو «صيانة الدستور».
ووصفت المواقع المحافظة بيان لاريجاني الذي ترأس السلطة التشريعية (البرلمان) لمدة 12 عاماً بـ«المزاعم». وكان لاريجاني قد احتج قبل 3 سنوات بشدة بعد رفض طلبه، حتى شقيقه الأكبر صادق لاريجاني قدّم استقالته من «مجلس صيانة الدستور». ويترأس صادق مجلس تشخيص مصلحة النظام. وفي الانتخابات السابقة، انتقد المرشد الإيراني الأعلى ما تعرض له بعض المرشحين.
وسرعان ما فُسرت تصريحات المرشد بأنها تستهدف مجلس صيانة الدستور، خصوصاً ما يتعلق برفض لاريجاني، لكن أحد المتحدثين باسم مكتب المرشد سارع لدحض ربط تلك التصريحات بعملية البت بأهلية المرشحين. وفي خطاب لاحق، حسم المرشد الإيراني الجدل، بتوجيه انتقادات لمنتقدي «صيانة الدستور».
وقال الناشط المحافظ محمد مهاجري إن «رفض أهلية لاريجاني في 2021 كان هدية ثمينة لرئيسي، وفي الوقت الحالي فإنها هدية ثمينة لقاليباف».
ولم يستبعد انسحاب قاضي زاده هاشمي وزاكاني بعد رفض لاريجاني وجهانغيري. وقال: «حضورهما كان موضوعياً لو كان لاريجاني أو جهانغيري حاضراً، لكن الآن غير موضوعي وأستبعد بقائهما»، ومع ذلك توقع تكرار سيناريو الانسحابات في الانتخابات السابقة، وتحديداً في نهاية المناظرات التلفزيونية الخمس التي تبدأ الاثنين المقبل.
بموازاة احتجاج لاريجاني، طالب إسحاق جهانغيري، نائب الرئيس الأسبق، «صيانة الدستور» بتقديم أسباب رفض أهليته لخوض الانتخابات الرئاسية، رغم أنه أكد دعمه لمرشح الإصلاحيين.
وهذه المرة الثانية التي يرفض فيها طلب جهانغيري، الذي تولى مناصب مختلفة في حكومتي علي أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، قبل أن يصبح النائب الأول للرئيس حسن روحاني لمدة 8 سنوات بين عامي 2013 و2021.
وكتب في منشور على منصة «إكس»: «بالإضافة إلى المطالبة بنشر أسباب رفض الأهلية، فإنني أؤكد أنني لن أتردد في أي جهد لتحسين حياة الناس وتقدم إيران».
وكان جهانغيري أحد المرشحين الثلاثة لـ«جبهة الإصلاحات»، الإطار التنسيقي للأحزاب الإصلاحية، إلى جانب المرشح مسعود بزشكيان، والوزير الأسبق عباس آخوندي. ووافق مجلس «صيانة الدستور» على طلب بزشكيان واستبعد آخوندي.
وقال المتحدث باسم «جبهة الإصلاحات» جواد إمام إن «كثيرين من ذوي الكفاءة مُنعوا من التسجيل أو دخول الانتخابات الرئاسية، والبعض الذين نجحوا في التسجيل، استُبعدوا دون شفافية، على الرغم من سجلهم وأهليتهم».
بدروه، احتج آخوندي على رفض طلبه بوصفه «فاقداً للجانب القانوني». وقال: «رفض أهليتي ظلم لي ولجبهة من الأحزاب والمجموعات والشخصيات السياسية الاعتبارية التي رشحتني». وأضاف أن ذلك «تقييد لحق الانتخاب الحر للناخبين الإيرانيين».
وأشار إلى عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية في 2021 والانتخابات البرلمانية في مارس (آذار) الماضي. وقال: «اتخاذ مثل هذه القرارات يضر بالمصلحة الوطنية الإيرانية».
في وقت لاحق، رد المتحدث باسم «صيانة الدستور» هادي طحان نظيف على الانتقادات بشكل ضمني. وقال: «ملفات بعض المرشحين جرى فحصها مرات عدة». وقال: «فحصنا ملفات 80 مرشحاً بدراسة سجلاتهم وخلفياتهم». وتابع: «بعد نهاية الفحص، جرى التصويت السري للغاية على الملفات».
والتزم الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد الصمت إزاء رفض طلبه لخوض الانتخابات الرئاسية، للمرة الثالثة على التوالي.
دعم الإصلاحيين لمسعود بزشكيان
ورغم أن آخوندي وجهانغيري وإلى حد ما لاريجاني كانوا من بين المرشحين الأساسيين للإصلاحيين، فإن وجوه التيار الإصلاحي ووسائل إعلام إصلاحية يسارعون لدعم بزشكيان، الذي شغل منصب وزير الصحة في حكومة محمد خاتمي، قبل أن ينضم إلى البرلمان لخمس دورات متتالية حتى الآن.
وأصدرت أحزاب مشاركة في «جبهة الإصلاحات» بما في ذلك «تجمع قوى خط الإمام»، بيانات منفصلة لدعم مرشح الجبهة مسعود بزشكيان. وانضم وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف إلى قائمة المؤيدين للمرشح الإصلاحي، عبر منشور على منصة «إكس» اقتبس شعار بزشكيان «من أجل إيران»، وأرفقه بصورة لعلم البلاد.
وعقد بزشكيان اجتماعاً مع رؤساء تحرير الصحف الإصلاحية. وأعلن رجل الدين الإصلاحي، محمد تقي فاضل ميبدي، عضو هيئة التدريس في حوزة قم العلمية، دعم بزشكيان، ودعا الجميع إلى تنحية الخلافات جانباً لقطع الطريق على «الرابحين من العقوبات». وقال: «لا فائدة من مقاطعة صناديق الاقتراع».
من جهتها، كتبت صحيفة «جوان» التابعة لـ«الحرس الثوري»: «إذا خسر الإصلاحيون، فلا يلقوا باللائمة على التزوير والتجاوزات، وإذا فازوا، فلا يعتبروا تصويت الناس دليلاً على المطالبة بتغييرات جذرية».
السيناريوهات
وقال المنظر الإصلاحي عباس عبدي، في منشور على «إكس»: «إذا كان الاعتقاد الرسمي أن بزشكيان لا حظوظ له، وفقط يزيد نسبة المشاركة، أقترح إخراجه فوراً من لعبة الانتخابات لتفادي تكرار خطأ 1997 و2013، لأن على الأرجح سينهي الأمر في الجولة الأولى»، وأضاف: «أفترض أنهم اتخذوا مثل هذا القرار وهم على علم تام بالنتائج وملتزمون بعواقبه».
وكان يشير عبدي إلى حظوظ بزشكيان في تكرار فوز محمد خاتمي وحسن روحاني ضد المنافسين المحافظين.
من جهة ثانية، قال المحلل أحمد زيدآبادي إن «أهم سؤال بشأن الانتخابات الحالية هو: لماذا تمت الموافقة على أهلية بزشكيان من قبل مجلس صيانة الدستور؟». وتابع: «هل تم ذلك فقط على أمل زيادة نسبة المشاركة في الانتخابات دون النظر إلى تبعات فوزه المحتمل؟ أم أن هناك استعداداً للتعاون والعمل مع حكومته من أجل إصلاح الوضع الحالي؟».
وخلص زيدآبادي بالقول: «إذا كان الهدف هو الخيار الأول، فما الضمان الذي يضمن أن يتمكن بزشكيان من تنفيذ وعوده ومتابعة برامجه بعد فوزه المحتمل في الانتخابات؟ وإذا كان الخيار الثاني هو الصحيح، فما الدلائل والإشارات والشواهد القاطعة والمشجعة لذلك؟». وتابع: «في رأيي، دون توضيح هذين الموضوعين، لا يمكن اتخاذ قرار مدافع عنه بشأن دعم أو عدم دعم بزشكيان».
وتكهن محمد علي ابطحي، مدير مكتب الرئيس (في عهد خاتمي)، بأن يكون «بورمحمدي ظاهرة المناظرات، إذ إنه ليس مرشح غطاء لأحد المرشحين المتشددين، ولديه معلومات سرية على مدى 45 عاماً»، لكنه قال إن التنافس سيكون محصوراً بين قاليباف وبزشكيان.
على خلاف ذلك، قال وزير الداخلية الأسبق (في حكومة خاتمي)، عبد الواحد موسوي لاري، إن «الانتخابات ستكون ثلاثية الأضلاع بين بزشكيان وقاليباف وجليلي». وأوصى من يهمهم أمر البلاد بالتوجه إلى صناديق الاقتراع. وأضاف: «بعض المرشحين دخلوا الانتخابات لتسخين بازار الانتخابات، وأنهم يعرفون أن لا أحد يعول عليهم»، حسبما أورد موقع «جماران».
ورأى موسوي لاري أن بزشكيان «هو ظاهرة الانتخابات، يجب أن يعمل على جلب أصوات الأكثرية الصامتة لصالحه».