التجارة الخارجية غير النفطية لإيران تدق ناقوس الخطر من انخفاض الواردات

يظهر تحليل التجارة الإيرانية غير النفطية العام الماضي أن زيادة حجم الواردات وانخفاض حجم الصادرات قد خلق عجزا تجاريا كبيرا وغير متوقع.

ميدل ايست نيوز: يظهر تحليل التجارة الإيرانية غير النفطية العام الماضي أن زيادة حجم الواردات وانخفاض حجم الصادرات قد خلق عجزا تجاريا كبيرا وغير متوقع. وواجه الميزان التجاري الإيراني عجزا قدره 17 مليار دولار العام الماضي. أي أنه تضاعف ثلاث مرات في عام واحد فقط.

وكتبت صحيفة اعتماد في تقرير لها إن هذا الوضع يشير إلى الحاجة الملحة للإصلاح والتحسين في السياسات والأساليب التجارية للبلاد. ووفقا لبيانات مركز الإحصاء الإيراني، كان منتج التصدير الرئيسي لإيران في العام الماضي “بدون احتساب النفط” الذي صدرته إيران لأكثر من قرن وكان دائمًا مصدرًا كبيرا للدخل، هو المنتجات المعدنية، أي المنتج “الخام” الذي حولته دول أخرى إلى منتج أفضل وأرسلته إلى دول أخرى مرة أخرى بقيمة مضافة أعلى.

وفي عام 2023، زادت التجارة غير النفطية لإيران للعام الثالث على التوالي مع انخفاض سرعة النمو وشهدت نموًا بنسبة 1.1% مقارنة بعام 2022. لكن هذا النمو يتم الحصول عليه بشكل رئيسي من جهة الاستيراد، ومن ناحية أخرى، انخفضت صادرات البلاد غير النفطية.

وبحسب الإحصاءات الجمركية، صدرت إيران نحو 136 مليون طن من السلع غير النفطية بقيمة نحو 50 مليار دولار، كما تم استيراد 39 مليون طن من البضائع بقيمة نحو 66 مليار دولار إلى البلاد. وتسبب ذلك في مواجهة الميزان التجاري الإيراني لعجز قدره 17 مليار دولار، وهو ما زاد ثلاث مرات مقارنة بالعام السابق.

وفي العام الماضي، انخفضت صادرات إيران غير النفطية بنسبة 9% مقارنة بالعام السابق، ويمكن أن يعزى السبب الرئيسي لذلك إلى انخفاض قيمة صادرات الغاز الطبيعي المسال والبولي إيثيلين. في المقابل، ارتفعت واردات البلاد بنسبة 10%، والسبب الرئيسي لذلك هو زيادة واردات الذهب والهواتف الذكية.

وتشير الإحصائيات إلى أن المنتجات المعدنية تحظى بالنصيب الأكبر بحصة تعادل 36% من إجمالي قيمة الصادرات غير النفطية، مما يدل على عدم التنوع في محفظة صادرات البلاد. وتأتي المعادن النفيسة ومصنوعاتها بنسبة 20% ومنتجات الصناعات الكيماوية بنسبة 14% من إجمالي قيمة الصادرات غير النفطية في المراتب التالية. ويشير هذا التركيز العالي على عدد محدود من قطاعات التصدير إلى ضعف هيكل تنويع قطاعات التصدير.

ومن حيث الواردات، استحوذت قطاعات الاستيراد الستة الأولى في عام 2023 على 71% من إجمالي قيمة الواردات، وهي الآلات والأجهزة الميكانيكية والأجهزة الكهربائية وقطعها بنسبة 27%. وبعد هذا القطاع تأتي المنتجات النباتية ومنتجات الصناعات الكيماوية.

وتوجهت حوالي 90٪ من الصادرات الإيرانية العام الماضي إلى 13 دولة مختلفة. وكانت وجهات التصدير الرئيسية الخمس للبلاد هي الصين والعراق والإمارات وتركيا والهند. وشكلت هذه الدول 73% من إجمالي قيمة الصادرات الإيرانية العام الماضي.

لكن النقطة المثيرة للاهتمام هي أنه من بين الوجهات الخمس الأولى العام الماضي، انخفضت صادرات إيران غير النفطية إلى ثلاث دول هي الصين، والعراق، وتركيا، بنسبة 5%، و10%، و45% على التوالي، أي أن الدائرة الصغيرة لوجهات التصدير الإيرانية أصبحت أضيق وأن مبيعات البضائع الإيرانية أصبحت أقل. وأدت هذه المسألة إلى تراجع مكانة تركيا من ثالث أهم وجهة تصديرية عام 2022 إلى رابع أهم وجهة تصديرية خلال عام 2023.

إن التنوع المنخفض لوجهات التصدير الإيرانية يجلب تحديات متخصصة ومعقدة تتطلب تحقيقًا دقيقًا وحلولًا جديدة. أحد التحديات الرئيسية هو المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية الناجمة عن تركز الصادرات في عدد قليل من البلدان المحدودة. وهذا الوضع يعرض إيران لتغيرات مفاجئة في السياسات التجارية والعقوبات الاقتصادية.

على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تشديد العقوبات الاقتصادية أو تغيير سياسات الاستيراد في إحدى هذه البلدان بسرعة إلى انخفاض كبير في عائدات التصدير الإيرانية. وهذا الاعتماد على أسواق محددة يقلل من قدرة إيران على المناورة الاقتصادية ويغذي عدم الاستقرار الاقتصادي.

تراجع في الميزان التجاري مع الصين والهند

أما في مجال الاستيراد فالوضع ليس جيداً للغاية. ففي العام الماضي، قامت 120 دولة بتزويد إيران باحتياجاتها من الواردات، وتم توفير 90٪ من البضائع المستوردة من قبل 14 دولة. وبلغت حصة أول 5 مصادر موردة العام الماضي 77% من إجمالي قيمة الواردات.

ومن بين المصادر الخمسة المهمة لواردات البلاد العام الماضي، انخفضت الواردات من الهند مقارنة بعام 2022 وكانت سلبية بنحو 35%. وبعد انخفاض الصادرات إلى الصين والهند وزيادة الواردات من هذين البلدين باعتبارهما أهم الشركاء التجاريين للبلاد، فقد ضعف الميزان التجاري الإيراني مع هذين البلدين أكثر من العام الماضي.

وعلى فرض أن الميزان التجاري الإيراني السلبي مع الصين والهند كان بسبب قوة وعظمة هاتين الدولتين الاقتصادية، فلم أيضا تراجع هذا الميزان مع دول مثل روسيا وتركيا وقطر والإمارات؟ وإلى ماذا يشير هذا العجز التجاري غير اعتماد إيران الكبير على الواردات من هذه الدول، وهو ما يمكن أن يخلق نوعاً من الضعف الاقتصادي بسبب وجود شركاء إيران التجاريين الثلاثة الرئيسيين.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة + 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى