الانتخابات الرئاسية الإيرانية: هل يكرر الإصلاحيون تجربة فوز خاتمي مع بزشكيان؟

زاد منسوب الأمل لدى الإصلاحيين الإيرانيين بفوز مرشحهم الرئاسي مسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية الإيرانية يوم الجمعة المقبل في ظل ارتفاع شعبيته في استطلاعات الرأي.

ميدل ايست نيوز: زاد منسوب الأمل لدى الإصلاحيين الإيرانيين بفوز مرشحهم الرئاسي مسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية الإيرانية يوم الجمعة المقبل في ظل ارتفاع شعبيته في استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة، الأمر الذي منح دفعة قوية لهم لتكثيف حملاتهم الانتخابية على أمل إلحاق الهزيمة بالتيار المحافظ ومرشحيه الخمسة، وتكرار تجربة فوز الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي عام 1997.

على الضفة المحافظة في إيران، زادت المخاوف من فوز غريمهم السياسي، مع استمرار الخلافات في هذا المعسكر، لا سيما بين المرشحَين المحافظَين البارزَين محمد باقر قاليباف وسعيد جليلي، ورفض أي منهما الانسحاب لصالح الآخر. وعليه فإن التشتت والخلاف ما زالا يتحكمان بالمشهد الانتخابي المحافظ أو الأصولي حسب التسمية الرائجة في إيران، غير أن الدعوات داخل المعسكر تصاعدت مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية للإجماع على مرشح واحد باعتباره الطريق الوحيد للفوز وهزيمة الإصلاحيين.

انقسامات بين المحافظين قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية

وعن ذلك، قال رئيس تحرير صحيفة هم ميهن الإيرانية الإصلاحية، جواد روح، إن ثمة “فجوة حقيقية” بين قاعدة مؤيدي قاليباف وجليلي وهو ما يجعل من الصعب التحالف بينهما، مضيفاً أنه لا يستبعد أن ينسحب جليلي “بضغوط من الأعلى”، لأن هناك احتمالاً ضعيفاً أن تتجه أصوات قاعدة قاليباف نحو جليلي، كما أنه في حال انسحب قاليباف فإن “جزءاً ملحوظاً من أصواته ستتجه إلى سلة بزشكيان”. وتوقع أن تتجه الضغوط نحو دفع جليلي للانسحاب، لكن أنصاره يبدون مقاومة كبيرة ويمكن أن يرفض جزء منهم التصويت لقاليباف في حال أُجبر جليلي على الانسحاب، وفق قوله.

واستبعد رئيس تحرير “هم ميهن” نجاح المحافظين في حسم النتيجة لصالحهم في حال تحالف قاليباف وجليلي، قائلاً إن هذا التحالف المحتمل يمكن أن يشكّل دافعة أكثر لدى أصحاب الأصوات الصامتة للتصويت لصالح بزشكيان، متحدثاً عن احتمال جولة إعادة للانتخابات الرئاسية في حال كانت المشاركة متدنية، “لكن في حال زادت نسبة المشاركة خلال الأيام القليلة المقبلة بين 5 إلى 10 في المائة ستزداد حظوظ بزشكيان للظفر بالرئاسة في الجولة الأولى”.

ولفت روح إلى أن بزشكيان لديه قواعد تصويتية مختلفة، منها أصوات الإصلاحيين والمعتدلين، وشريحة من المحافظين والقوميات والأقليات المذهبية، والنساء والشباب “المعارضين للضغوط والتدخّلات (الحكومية) خصوصاً في مجال الحجاب والإنترنت”، والنشطاء الاقتصاديين المتضررين من العقوبات الخارجية و”التطرف الداخلي” لحكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، و”الجامعيين والمتنورين ورجال الدين المنتقدين ومحدودي الدخل والمسحوقين”.

وتُظهر نتائج العديد من استطلاعات الرأي حول الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي صدرت في الأيام الأخيرة، تقدّم بزشكيان على منافسيه المحافظين، منها استطلاع لمؤسسة متا الإيرانية، أجرته يومي السبت والأحد الماضيين، وأظهرت نتائجه أن 24.4% من المستطلعة آراؤهم سيصوّتون لبزشكيان، مقابل 23.4% للمرشح قاليباف و21.5% لجليلي. كما أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجرته مؤسسة إيسبا يومي السبت والأحد الماضيين، ارتفاعاً متدرجاً لأصوات بزشكيان الذي حصل على 24.4% من تأييد المستطلعة آراؤهم، وتلاه جليلي بـ24%، ثم قاليباف بـ14.7%.

أي حظوظ لبزشكيان؟

ورجح الناشط السياسي الإيراني، حاكم مدينة شيراز السابق، حسين قاسمي، فوز بزشكيان، لكنه رأى أن هذا الفوز سيحصل في ظروف مختلفة عن عام 1997 حين ظفر خاتمي بالرئاسة. وقال إنه حتى الآن نصف الناخبين (عدد الناخبين هو أكثر من 61 مليوناً) لا يرغبون بالمشاركة في الانتخابات، وربما خلال الأيام المقبلة يقرر بعضهم المشاركة كلما زادت سخونة المشهد الانتخابي، لكن خلال عام 1997 كانت نسبة المشاركة 79.92% وكان المشهد أكثر سخونة من اليوم. ووفق قاسمي، كان المحافظون المعروفون حينها بالتيار اليميني “أكثر انسجاماً والتحاماً” من اليوم، ومجمعين على المرشح المحافظ علي أكبر ناطق نوري، مضيفاً أنهم اليوم يعانون من التشتت والتشرذم، وليس لديهم مرشح متفق عليه مثل ناطق نوري، لافتاً إلى أن شريحة شبابية إصلاحية ما زالت تقاطع الانتخابات بينما كانت نشيطة في انتخابات 1997.

وأضاف الناشط السياسي أنه رغم ذلك فإن شرائح كبيرة من الراغبين بالمشاركة في الانتخابات ستصوّت لبزشكيان الذي أصبح يتقدّم على منافسيه المحافظين، حسب استطلاعات الرأي، من دون أن يستبعد فوزه بالجولة الأولى في حال تشكّلت موجات انتخابية خلال الأيام القليلة المقبلة حتى يوم الانتخابات، “لكن في حال استمر الوضع على ما هو عليه اليوم ستتجه الانتخابات الرئاسية الإيرانية إلى جولة إعادة” بمشاركة بزشكيان وأحد المرشحين قاليباف وجليلي. واعتبر قاسمي أن على السلطات أن تجهز نفسها لفوز بزشكيان، الذي يعكس رغبة شعبية بتغيير خط السياسات الراهنة، مشيراً إلى أن هذه الرغبة مدفوعة بما حصل خلال السنوات الأخيرة، من احتجاجات متكررة، وتقييد الإنترنت، وتصرفات شرطة الآداب والمشكلات الاقتصادية.

وعن أسباب استمرار عزوف شرائح كبيرة عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية رغم الجهود الحثيثة للإصلاحيين لإقناعهم بالتصويت، فعزاها قاسمي إلى جملة عوامل متراكمة، منها تداعيات الاحتجاجات التي تكررت خلال الأعوام الأخيرة، من احتجاجات 2019 بسبب رفع أسعار الوقود، إلى “احتجاجات مهسا أميني” عام 2022، وتراكم المشكلات الاقتصادية بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018، فضلاً عن عاملَي “دعايات الأعداء” وإقصاء المرشحين ورفض أهليتهم للمشاركة في الانتخابات، وهو ما دفع الإصلاحيين إلى عدم المشاركة في انتخابات 2021 الرئاسية، وكذلك الانتخابات البرلمانية خلال مارس/آذار 2024 التي قاطعها التيار الإصلاحي بشكل غير معلن. وقال إن الجيل الجديد أو “جيل زد” يأتي في مقدمة العازفين عن التصويت، وهو جيل “لم يعد يفهم لغة السلطات، كما أن الأخيرة أيضا لا تفهمه”، لافتاً إلى أن رفض أهلية الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد أيضاً له دوره في عزوف شرائح مجتمعية عن المشاركة في الانتخابات “كونه الأكثر شعبية بين السياسيين الإيرانيين حسب استطلاعات الرأي”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 + أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى