الإصلاحي والمتشدد.. من يستفيد من الجولة الثانية ويحسم انتخابات إيران؟

يخوض المرشحان للرئاسة الإيرانية، المحافظ سعيد جليلي، والإصلاحي مسعود بزشكيان، جولة انتخابات ثانية، الجمعة، بعدما لم يتمكن أي منهما من حصد أكثر من 50 بالمئة من الأصوات.

ميدل ايست نيوز: يخوض المرشحان للرئاسة الإيرانية، المحافظ سعيد جليلي، والإصلاحي مسعود بزشكيان، جولة انتخابات ثانية، الجمعة، بعدما لم يتمكن أي منهما من حصد أكثر من 50 بالمئة من الأصوات، مما يجعل الأيام القليلة المقبلة معركة حامية لجذب الناخبين، خاصة من لم يشاركوا في الجولة الأولى، لحسم مصير الرئيس الجديد للبلاد.

وأعلنت وزارة الداخلية، السبت، إنه من بين 24.5 مليون ناخب شاركوا في التصويت، حصل بزشكيان على 10.4 مليون صوت، بينما حصل جليلي على 9.4 مليون، وخلفهما جاء رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف بنحو 3.3 مليون صوت.

ورأى محللون أن الطرف الذي سيجذب المزيد من الأصوات التي لم تشارك في الجولة الأولى من الانتخابات، “سيمتلك الفرصة الأكبر” لتحقيق الانتصار.

ولم تكن هناك سوى جولة إعادة واحدة من الانتخابات الرئاسية في تاريخ إيران، وذلك في عام 2005، عندما تفوق المتشدد محمود أحمدي نجاد على الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني.

“تفريط في الانتصار”

قال المحلل السياسي الإيراني، سعيد شاوردي، إن “المحافظين تخلوا عن تحقيق الانتصار، ويمكن القول إنهم قدموه على طبق من ذهب للإصلاحيين، أو اختاروا على الأقل عدم الحسم في المرحلة الأولى، بسبب الانقسام والإصرار على خوض الانتخابات بأكثر من مرشح”.

وأضاف شاوردي: “لو التف المحافظون منذ البداية حول مرشح واحد، لتمكنوا من الفوز بالانتخابات بكل سهولة وتحقيق نسبة أكثر من 50 بالمئة، ويمكن التأكد من ذلك بجمع أصوات جليلي وقاليباف”.

ويعتبر جليلي (58 عاما) من المحافظين المتشددين المعادين للتقارب مع الدول الغربية، وهو واحد من الممثلين للمرشد الأعلى علي خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي.

وسبق أن ترشح جليلي للانتخابات الرئاسية في 2013، ومجددا في 2017، لكنه انسحب لدعم الرئيس إبراهيم رئيسي، الذي توفي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، الشهر الماضي.

أما بزشكيان فهو المرشح الأكبر سنا (69 عاما) للانتخابات الرئاسية، والمرشح الوحيد الذي يمثل التيار الإصلاحي.

ويمثل الطبيب الجراح ذو الأصول الأذرية والمولود في 29 سبتمبر 1954، مدينة تبريز في البرلمان.

كما شغل منصب وزير الصحة في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي بين أغسطس 2001 وأغسطس 2005. وهو معروف بصراحته. واستُبعد من السباق الرئاسي في 2021.

سباق جذب الأصوات الرمادية

رأى المحلل السياسي، جعفر الهاشمي، أن عدد المؤهلين للمشاركة في الانتخابات الإيرانية يتجاوز 61 مليونا، لم يشارك منهم إلا حوالي 24.5 مليونا فقط.

وأضاف: “يعتبر هذا العدد أكثر قليلاً من الأصوات التقليدية التي يتمتع بها المحافظون، مما يعني أن الإصلاحيين لم يتمكنوا من تحريك المنطقة الرمادية التي لم تشارك في الانتخابات، بل إن ما يقارب من نصف أصواتهم حصلوا عليها من مناطق نفوذ المحافظين”.

فيما قال شاوردي إن “هناك نسبة من الإيرانيين لم يشاركوا في الانتخابات، وهذه الأصوات الرمادية يمكن أن تشارك أو يشارك جزء منها في الجولة الثانية، موضحا: “هؤلاء إما سيختارون التصويت لجليلي أو بزشكيان، ومن كان أنجح في جذب هذه النسبة له، فسيكون الرئيس المقبل”.

لكنه أوضح: “لو استمرت نسبة المشاركة كما هي (حوالي 40 بالمئة)، فسينتصر جليلي بحكم أنه سيحصد أصوات أنصار قاليباف”، مضيفًا: “ستكون الأيام المقبلة مصيرية للإصلاحيين والمحافظين، وستكون المنافسة قوية ومحتدمة”.

من الأقرب؟

حظيت حملة بزشكيان الانتخابية بدعم كبير من الإصلاحيين. ونقلت وكالة فرانس برس، أن الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، قال في مقطع فيديو، الأربعاء، إن بازشكيان “يتمتع بعدة مزايا مثل النزاهة والشجاعة والوفاء تجاه الأمة”، تمكّنه أن يصبح رئيساً للجمهورية.

وتابع: “أطلب ممن يريدون إرساء علاقات بنّاءة مع العالم والاعتدال، التصويت لصالح الدكتور مسعود بزشكيان”.

وتمتع الإصلاحيون بنفوذ كبير في إيران، حيث حققوا فوزا كبيرا في الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير 2016، والتي جاءت بعد بضعة أشهر فقط من إبرام الاتفاق النووي لعام 2015.

ثم تلا ذلك، فوز روحاني في الانتخابات الرئاسية لعام 2017، بأكثر من 57 بالمئة من الأصوات.

ومع ذلك، تراجع هذا النفوذ خلال السنوات الماضية، وفقا لتقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، حيث شهد المجتمع الإيراني تغييرات جوهرية على مدى العقد الماضي، مما دفع كثيرين إلى الشك في قدرة الإصلاحيين على إحداث أي تغييرات ذات مغزى في الحكم.

وذكرت المجلة أنه “بالرغم من أن الدستور الإيراني ينص على أن الرئيس المنتخب بالاقتراع الشعبي المباشر هو رئيس الحكومة، فإن المرشد الإيراني، علي خامنئي، نجح في توسيع نفوذه بشكل كبير على مدى العقود القليلة الماضية”.

وفي هذا الصدد، واصل المحلل الإيراني، شاوردي، حديثه قائلا: “حتى الآن لا أعتقد بأن هناك من يمكنه التكهن بشكل دقيق بالفائز. سيكون الدافع قويا للإصلاحيين، وسيشاركون بقوة لدعم بزشكيان”.

واستطرد: “لو كانت لديهم شكوك جعلتهم لا يشاركون في جولة الانتخابات الأولى، فهذه الشكوك زالت وباتوا يشعرون بأنهم على بعد خطوات قليلة من الفوز، وهذا دافع قوي سيتسبب في تصويتهم بشكل كبير”.

كما قال الهاشمي إن الجولة الثانية ستجعل التنافس “أكثر احتداما، ليس بين المتنافسين كأفراد، بل بين التيارين، مما يدفع كل التيار الإصلاحي لتوحيد صفوفه”، في إشارة إلى الانقسام الذي شهدته الجولة الأولى.

وتابع: “لكن بما أن مرشح المحافظين المتبقى ينظر له على أنه سيمثل تهديداً للمصالح العامة للشعب، وخصوصا لو عاد [الرئيس الأميركي السابق دونالد] ترامب للسلطة، فذلك سيجعل البلد على كف عفريت، مما قد يدفع الشريحة التي لم تشارك في المرحلة الأولى إلى التصويت في الثانية”.

وفي السياق ذاته، أكد شارودي أن هناك نسبة كبيرة من المحافظين كانت قد امتنعت عن التصويت في الجولة الأولى، مشيرًا إلى أن الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي كان قد حصل على نحو 19 مليون صوتا وفاز بالانتخابات من أول جولة، من بين إجمالي أصوات وصل نحو 23 مليون ناخب.

وتابع: “حصد جليلي وقاليباف حوالي 14 مليون صوتا فقط، وبالتالي هناك نسبة كبيرة لم تشارك، وحال أقنعهم التيار المحافظ بالتصويت، فستكون هناك فرصة كبيرة لحصد الرئاسة”.

 

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الحرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى