هل سيدعم أنصار قاليباف سعيد جليلي في الجولة الثانية من الانتخابات؟
يبدو أنه إذا ظلت نسبة المشاركة ثابتة، فإن أنصار قاليباف والآراء الباطلة سيلعبون دورا مركزيا في صنع رئيس إيران المستقبلي.
ميدل ايست نيوز: طرقت الانتخابات الرئاسية الإيرانية أبواب الجولة الثانية بأقل نسبة إقبال شعبي في تاريخ البلاد. ويبدو أنه إذا ظلت نسبة المشاركة ثابتة، فإن أنصار قاليباف والآراء الباطلة سيلعبون دورا مركزيا في صنع رئيس إيران المستقبلي. لكن هل يمكن أن تختفي الخلافات الجوهرية بين جليلي وقاليباف خلال مدة أقصاها أسبوع؟
ويتصارع مسعود بزشكيان، المرشح الوحيد للتيار الإصلاحي، مع سعيد جليلي، أحد مرشحي الجبهة الثورية على كرسي الرئاسة في إيران لعام 2024، حيث انتقلا إلى الجولة الثانية بعد فرز أصوات المرشحين الآخرين (قاليباف وبور محمدي) اللذين حالا دون بقاء الانتخابات ضمن الجولة الواحدة.
وفي محاولته الثالثة للوصول إلى سدة الرئاسة، تمكن محمد باقر قاليباف (رئيس البرلمان الحالي) من حصد أقل عدد من الأصوات مقارنة بالفترات السابقة. والتي حصل فيها على أكثر من 4 و6 ملايين صوت في انتخابات 2013 و2017 لكنه حصل على 3 ملايين و300 ألف صوت في دورة 2024.
وإذا افترضنا أن نسبة المشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات ستبقى كما هي عند 40%، فإن أصوات قاليباف والأصوات الباطلة (غير الصحيحة) وأصوات بور محمدي يمكن أن تحدد الرئيس المقبل. صحيح أن أصوات بور محمدي والأصوات الباطلة تتجاوز 1.5 مليون صوت، لكن لقاليباف وجماعته الدور الأكثر أهمية في تحديد مصير الفائز.
ورغم إعلان رئيس البرلمان الإيراني في بيان نشره عقب إعلان نتائج الانتخابات دعمه لجليلي للجولة الثانية، إلا أن آلية تقسيم أصوات المرشح لا تتم بناء على رغباته.
ماذا تقول استطلاعات الرأي عن الجولة الثانية؟
لم يتم نشر أي استطلاع حتى الآن يتعلق بالجولة الثانية من الانتخابات والمنافسة بين بزشكيان وجليلي. وكانت استطلاعات الرأي التي أجرتها المؤسسات المعتبرة في البلاد قبل الانتخابات قریبة جدا من مجرى الانتخابات والنسب المعلنة من قبل وزارة الداخلية الإيرانية. وبحسب استطلاع “إيسبا” في 26 تموز/يوليو الجاري، حصل بزشكيان على 33%، وجليلي 28%، وقاليباف 19%، وبلغت نسبة المشاركة 43%.
وفي النتائج النهائية كانت نسبة المشاركة أقل بقليل من الاستطلاعات (40%). وبسبب انسحاب المرشحين بعد 26 تموز/يوليو، ارتفعت نسبة أصوات المرشحين قليلا، حيث حصل بزشكيان على 42%، وجليلي على 38%، وقاليباف على 13%. كانت المسافة بين بزشكيان وجليلي وترتيب الأصوات متسقة مع استطلاعات الرأي.
لكن ما يبقى مهم حاليا هو الأصوات في الجولة الثانية من الانتخابات. فقد نشرت بعض المؤسسات تقييمًا آخر قبل الجولة الأولى من الانتخابات. وقدر مركز تابع لجامعة الإمام الصادق، حالة أصوات المرشحين في حال انسحب قاليباف. وزعم هذا المركز أنه في حال انسحاب قاليباف فإن 40.8% من أصواته ستذهب لسلة جليلي، و21% لسلة بزشكيان، و39% من أصواته ستذهب لسلة المرشحين الآخرين.
وتوقع مركز استطلاع الرأي التابع لإيسكانيوز زيادة طفيفة في الأصوات لحقيبة بزشكيان إذا انسحب قاليباف. وقال هذا المركز إن 28% من أصواته ستذهب إلى صندوق بزشكيان و37% إلى صندوق جليلي.
وقدر بعض الخبراء هذه الأرقام وقالوا إن ثلث أصوات قاليباف على الأقل ستذهب للمرشح الرئاسي مسعود بزشكيان.
كل هذه التقييمات تعود إلى الجولة الأولى وقبل تصاعد الخلافات بين الأصوليين. فما حدث في الأيام الأخيرة كان بمثابة استعراض لمعركة دامية بين مرشحي الجبهة الثورية.
معركة دامية بين أنصار جليلي وقاليباف
تشير التقارير إلى أنه في 26 يوليو الجاري، أي قبل يومين من الانتخابات، عُقد اجتماع توافقي سري بين قاليباف وجليلي في مشهد. ونشر علي غفاريان مدير “صراط نيوز” خبر الاجتماع الاستثنائي الذي حضره اسماعيل قاآني وسعيد جليلي وقاليباف وأحد قادة فصائل المقاومة.
لم تصل الأطراف المجتمعة في هذا الاجتماع إلى نتيجة موحدة ولم ينسحب أحد لصالح الآخر كما كان متوقعا. وبعد دقائق من فشل هذا الاجتماع، خاطب أمير حسين ثابتي، وهو شخص مقرب من جليلي، وسائل الإعلام التي ادعت انسحاب جليلي لصالح قاليباف، أنه سيقاضيهم جميعًا.
يقول المحللون إن جماعة سعيد جليلي هم المسؤولون عن إفشاء أسرار قاليباف وعائلته في السنوات الأخيرة. وخاطب عبد الرضا داوري، وهو شخصية مقربة من أحمدي نجاد، أنصار جليلي على تويتر قائلا: لقد دمروا قاليباف بالكامل لمدة عشرين عامًا. ولم يظهروا أي رحمة لزوجة قاليباف وأولاده. لقد ارتكبوا بحقه أبشع الأفعال. والآن بعد أن رأوا أنفسهم بحاجة إلى الأصوات، قالوا لننسى الماضي ولنتحد.
وكتب محسن علي بور، أحد أنصار قاليباف: لا عهد لنا معكم، ضحيتم بالحزب من أجل عقدكم، إن بزشكيان هو الخيار الأفضل. فهو انقلابي أكثر من جليلي ولا يضحي بالوطن لإرضاء عقده.
وقبل يومين من الانتخابات، هاجم أنصار قاليباف سعيد جليلي أمام جامعة طهران. وفي هذا اللقاء الانتخابي قال المتحدث باسم قاليباف بلهجة حادة: لقد نسي السادة الحساسيات بين جليلي والحاج قاسم سليماني. اذهبوا وانظروا لتروا ما إذا كان المرشد الأعلى قد قال أي خطاب بحق هذا الشخص؟ يستمر في القول إنني ممثل المرشد هنا وهناك. حسنًا، حسن روحاني ظل في الحكم لمدة 23 عامًا، وعلي شمخاني لمدة 16 عامًا. وأنت لا تمثل شيئا أمامهم فلماذا هذه الادعاءات؟ يقول (ويقصد جليلي) بأن لديه برامج رئاسية استثنائية لا يملكه غيره، فلماذا لم يوكلك المرشد الأعلى بإنجاز أي أمر؟
وقال نقوي حسيني، عضو البرلمان السابق: إن أنصار جليلي ومسؤولي مقرهم الانتخابي أطلقوا ألفاظ قاسية ضد قاليباف، ووضعوا حدودا بينهم وبينه ووصفوها بالحدود بين الإسلام والكفر!
وبعد فرز الأصوات والكشف عن نتائج الجولة الأولى من التصويت، هاجم أنصار جليلي قاليباف ورأوا أن سبب فشل الأول أمام بزشكيان هو إصرار قاليباف على عدم الانسحاب. وكانت هجماتهم على قاليباف شديدة لدرجة أن مالك شريعتي، وهو نائب برلماني مقرب من قاليباف، أخذ زمام الأجواء وكتب على إكس: أوضحت النتائج أن انسحاب قاليباف كانت ستجعل بزشكيان يفوز. لذلك علينا أن نشكر قاليباف.
في أي حالة سينتصر بزشكيان؟
على وقع هذا الخلاف بين أنصار جليلي وقاليباف، يبدو أن الأجواء في الجولة الثانية من الانتخابات ستكون لصالح بزشكيان في سيناريوهين: الأول، ارتفاع نسبة المشاركة إلى أكثر أو حتى بالقرب من 50%، والثاني الدعم السلبي من جانب جزء من ناخبين قاليباف لبزشكيان.
وإذا لم يحدث السيناريو الأول ولم تكن نسبة المشاركة في الجولة الثانية أعلى من الجولة الأولى، بحسب الاستطلاعات، فإن نحو 30-35% من أصوات قاليباف ستذهب إلى بزشكيان و65% إلى سلة جليلي. وبهذا تكون أصوات كلا المرشحين نحو 11.5 مليوناً، وستحدد النتيجة النهائية الأصوات الباطلة والأصوات الفردية التي يجهل الكثيرون أهميتها.
إقرأ أكثر
الانتخابات الرئاسية الإيرانية: ماذا يريد الناخب الإيراني من رئيسه المقبل؟