إيران… عدوى انقطاع الكهرباء تنتقل من القطاع الصناعي إلى المنزلي والإداري
لم يقتصر عجز الكهرباء هذا العام في إيران على تقييد إمدادات الكهرباء عن الشركات الصناعية فحسب، بل قطعها أيضا عن القطاع المنزلي وتعطيل بعض المحافظات لتخفيف استهلاك الكهرباء.
ميدل ايست نيوز: في السنوات القليلة الماضية، واجهت إيران عجزًا متزايدًا في الكهرباء في ذروة الصيف، لكن هذا العام، لم يقتصر الأمر على تقييد إمدادات الكهرباء عن الشركات الصناعية فحسب، بل قطعها أيضا عن القطاع المنزلي وتعطيل بعض المحافظات لتخفيف استهلاك الكهرباء.
ويقدر العجز في الكهرباء في إيران هذا الصيف بنحو 14 ألف ميغاوات. وهو رقم كبير، وفق خبراء، يعادل ضعف إجمالي إنتاج الكهرباء في جمهورية أذربيجان، وهي الدولة التي صدرت العام الماضي ثلاثة تيراواط ساعة من الكهرباء (أي ما يعادل 10% من الكهرباء المنتجة) بقيمة 402 مليون دولار إلى أربع دول: روسيا وجورجيا وإيران وتركيا.
بمعنى آخر، حتى مع افتراض وجود 14 ألف ميغاواط من فائض الكهرباء في الدول المجاورة والبنية التحتية الجاهزة لاستيراد الكهرباء، فإن إيران تحتاج إلى شراء أكثر من ثمانية مليارات دولار من الكهرباء لمدة ثلاثة أشهر من الصيف فقط.
وبحسب التقديرات السابقة لوزارة الطاقة ومركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني، كان على إيران إضافة خمسة آلاف ميغاوات (سبعة بالمئة) إلى إنتاجها من الكهرباء سنويا لتجنب العجز الكهربائي.
لكن كما تظهر الإحصائيات الرسمية، فإن هذا الهدف لم يتحقق في السنوات الماضية.
بالإضافة إلى ذلك، تم أيضًا إيقاف تشغيل بعض محطات الطاقة القديمة في البلاد. وفي الوقت نفسه، لا تعمل محطات الطاقة الكهرومائية في البلاد بكامل طاقتها بسبب الجفاف الذي تتعرض له إيران.
على سبيل المثال، في عام 2023، كانت إيران تهدف إلى إطلاق أكثر من 6000 ميغاوات من محطات الطاقة الكهربائية الجديدة، ولكن تم تحقيق أقل من ثلث هذا الرقم.
وكانت المرة الأخيرة التي نجحت فيها إيران في إنشاء محطة جديدة لتوليد الكهرباء بقدرة 5000 ميغاوات في عام 2010، وبعد ذلك لم يتحقق هدف نمو توليد الكهرباء على الإطلاق. والنتيجة هي أن صافي تصدير الكهرباء (الفرق بين التصدير والاستيراد) ارتفع من موجب ثمانية تيراواط ساعة في عام 2014 إلى واحد تيراواط ساعة في عام 2022.
ويقول المسؤولون الإيرانيون إن الميزان التجاري للكهرباء في البلاد ظل يحوم حول الصفر منذ الصيف الماضي.
ويتحدث أرشيف إحصاءات وزارة الطاقة أيضًا عن النمو الكبير في الواردات وتراجع صادرات البلاد من الكهرباء منذ عام 2020. حيث منعت هذه الوزارة الوصول إلى التقارير الشهرية لحالة الكهرباء في البلاد منذ يونيو 2023.
وبعيداً عن عدم النجاح في تحقيق الأهداف المتعلقة بنمو إنتاج الكهرباء، فإن استمرار تبعاته الواسعة يغذي أيضاً أزمة الطاقة في البلاد.
وتشير الإحصائيات الرسمية لوزارة الطاقة ومركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني إلى أن 13% من الكهرباء المنتجة في إيران تهدر في شبكة النقل والتوزيع؛ ويعادل هذا الرقم الكبير 40% من إجمالي استهلاك الكهرباء المنزلي في البلاد.
كما يعد انخفاض كفاءة محطات الطاقة الحرارية في إيران أحد العوامل الأخرى المشاركة في تفاقم أزمة العجز في الكهرباء.
ومنذ أكثر من عقد من الزمن، كانت إيران تهدف إلى تحويل محطات توليد الطاقة بالغاز والحرارة إلى محطات طاقة ذات دورة مركبة من أجل زيادة كفاءة محطات الطاقة من حوالي 30-33٪ إلى 45٪. ولكن لم يتحقق هذا الهدف فحسب، بل كانت معظم محطات الطاقة التي تم إنشاؤها في السنوات القليلة الماضية من نوع التدفئة أو الغاز المنخفض الكفاءة.
ومن ناحية أخرى، أصبح عدم الالتفات للطاقة النظيفة مشكلة أيضًا تواجه البلاظ. بحيث تبلغ حصة محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الإيرانية في إنتاج الكهرباء في البلاد حوالي واحد بالمائة فقط.
يأتي هذا في وقت تتمتع إيران بـ 300 يوم مشمس، وهو ما يجعله مثالية في تطوير الطاقة الشمسية.
وفي عام 2023، حددت الحكومة الإيرانية هدفًا يتمثل في إنشاء 2850 ميغاوات من محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الجديدة، ولكن تم تحقيق 2% فقط من هذا الرقم.