هل يتسبب الإيرانيون في أزمة كهرباء في البلاد؟

تظهر التقارير أن متوسط ​​استهلاك الكهرباء في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، واليابان أعلى بكثير من المواطنين الإيرانيين.

ميدل ايست نيوز: في خضم أزمة الكهرباء التي تجتاح إيران صيف وشتاء كل عام، لامت الحكومة الإيرانية مواطنيها ودعتهم إلى ترشيد استهلاك التيار الكهربائي وهددت المسرفين بفواتير كبيرة وقطع كامل للكهرباء، لكن هل يستهلك الإيرانيون حقاً الكثير من الكهرباء؟

وتظهر الإحصائيات الرسمية لوزارة الطاقة الإيرانية أن استهلاك الكهرباء المنزلي في إيران بلغ حوالي 100 تيراواط/ساعة العام الماضي. فيما تظهر الإحصائيات الرسمية لتركيا وألمانيا، الدولتين اللتين يتشابهان في عدد سكانهما مع إيران، أن استهلاك مواطنيهما من الكهرباء المنزلية أعلى بنسبة 35% من استهلاك الإيرانيين.

لكن رئيس معهد أبحاث توزيع الكهرباء التابع لوزارة الكهرباء الإيرانية قال يوم أمس السبت إن “استهلاك التيار الكهربائي في إيران وحدها يزيد عن نصف استهلاك 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي”، إلا أن التقارير تظهر أن “متوسط ​​استهلاك الكهرباء في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، واليابان أعلى بكثير من المواطنين الإيرانيين”.

ويظهر أرشيف إحصاءات وكالة الطاقة الدولية في العقد الماضي أيضا، على سبيل المثال، أن استهلاك الكهرباء المنزلية في ألمانيا ودول أوروبية أخرى والولايات المتحدة في عام 2011 كان أعلى بكثير من استهلاك الإيرانيين.

ورغم وجود العديد من الإحصاءات والتقارير الشفافة عن مدى استهلاك شعوب دول العالم من التيار الكهربائي، إلا أن الحكومة الإيرانية وتقارير وسائل الإعلام المقربة منها لا تزال تلقي اللوم على المواطنين في التسبب في عجز الكهرباء.

ووفقا لإحصاءات وزارة الطاقة الإيرانية، فإن حصة القطاع المنزلي في استهلاك الكهرباء في البلاد بلغت نحو 31%، وهو رقم طبيعي كما يراه خبراء.

السبب الرئيسي لعجز الكهرباء في إيران

السبب الأهم لعجز الكهرباء في إيران هو عدم التزام الحكومة بزيادة إنتاج الكهرباء السنوية بنسبة 7% منذ بداية العقد الماضي، بحيث لم تلتزم أي من الحكومات بهذا البرنامج منذ عام 2011، ولم يتم تحقيق سوى نصف أهداف نمو إنتاج الكهرباء.

وتواجه الحكومة الإيرانية الآن عجزًا في الكهرباء بنسبة 20٪، ما تسبب بانعدام تصدير الكهرباء، والاعتماد على كهرباء الدول المجاورة الشمالية، أي تركمانستان وجمهورية أذربيجان، والانخفاض الشديد في تحقيق أهداف نمو إنتاج الكهرباء، فقد تم أيضًا حظر الوصول إلى إحصاءات وزارة الطاقة منذ يونيو من العام الماضي.

وترفض وزارة الطاقة الإيرانية الإعلان عن سبب منع المواطنين ووسائل الإعلام منذ بداية صيف العام الماضي من الوصول إلى إحصاءاتها، واكتفت بتوجيه أصابع الاتهام إلى المواطنين بالتسبب في أزمة عجز في الكهرباء.

وتشير الإحصائيات الرسمية لوزارة الطاقة ومركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني إلى أن 13% من الكهرباء المنتجة في إيران تهدر في شبكة النقل والتوزيع؛ ويعادل هذا الرقم الكبير 40% من إجمالي استهلاك الكهرباء المنزلي في البلاد.

وحققت جمهورية أذربيجان، الدولة المصدرة للكهرباء إلى إيران وروسيا وجورجيا وتركيا، نحو 400 مليون دولار من تصدير 3 تيراواط/ساعة العام الماضي. واللافت هنا هو أن خسائر إيران من الكهرباء في شبكة النقل والتوزيع المتهالكة تعادل أكثر من 13 ضعف صادرات جمهورية أذربيجان من الكهرباء العام الماضي، والتي تبلغ قيمتها أكثر من 5 مليارات دولار سنويا.

وبالحديث عن أذربيجان، تجدر الإشارة إلى أن عجز الكهرباء الصيفي في إيران يبلغ ضعف إجمالي إنتاج الكهرباء في جمهورية أذربيجان، أي حوالي 14 ألف ميغاواط.

هذا يعني أنه لو قامت هذه الدولة المجاورة لإيران، باعتبارها أكبر مصدر للكهرباء في المنطقة، بتسليم كل احتياجاتها من الكهرباء إلى إيران، فلن يتم تعويض حتى نصف العجز في الكهرباء خلال الصيف في إيران.

ولتعويض عجز الكهرباء في إيران خلال أيام الصيف يتعين على حكومة البلاد تخصيص 3 مليارات دولار شهرياً لاستيراد الكهرباء، وهو رقم يتجاوز الدخل الشهري لصادرات النفط الإيرانية.

ومنذ أكثر من عقد من الزمن، كانت إيران تهدف إلى تحويل محطات توليد الطاقة بالغاز والحرارة إلى محطات طاقة ذات دورة مركبة من أجل زيادة كفاءة محطات الطاقة من حوالي 30-33٪ إلى 45٪. ولكن لم يتحقق هذا الهدف فحسب، بل كانت معظم محطات الطاقة التي تم إنشاؤها في السنوات القليلة الماضية من نوع التدفئة أو الغاز المنخفض الكفاءة.

تصريحات بعيدة عن الواقع

قبل بضعة أشهر كشفت وسائل إعلام حكومية في إيران عن مشروع لربط شبكة الكهرباء الإيرانية بتركيا لتصدير الكهرباء إلى أوروبا. بل وذهبت وكالة فارس للأنباء إلى أبعد من ذلك وادعت في فبراير من العام الماضي أن الكهرباء الإيرانية متصلة الآن بالاتحاد الأوروبي عبر تركيا وبلغاريا واليونان.

لكن وكالة تسنيم اكتفت بالقول نقلا عن الرئيس التنفيذي لشركة كهرباء إيران، علي أكبر محرابيان، إن “بلاده قادرة على تصدير الكهرباء إلى أوروبا عبر تركيا بمشاركة شركات القطاع الخاص الناشطة في أسواق الكهرباء الإقليمية”.

وعقب موجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها المنطقة اليوم، لم تقتصر انقطاعات الكهرباء في إيران على الشركات الصناعية الأكثر استهلاكا للكهرباء فحسب، بل امتد هذا الانقطاع ليشمل قطاع الأدوية والدوائر الحكومية وتعطيل 15 محافظة في البلاد يوم الخميس بهدف تقنين استهلاك الكهرباء.

والنقطة المثيرة للاهتمام هي أن جميع دوائر البلاد تستهلك 2000 ميجاوات فقط من الكهرباء في الصيف، ما يعني أن تعطيلها جميعا سيعوض فقط 15% من عجز الكهرباء الصيفي في إيران.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

8 − أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى