معضلة الشيخوخة… كيف يهدد تزايد كبار السن الاقتصاد الإيراني؟

وفقا للتوقعات، سيكون ما يقرب من 30٪ من سكان إيران في عام 2051 من كبار السن.

ميدل ايست نيوز: يقول خبراء علم السكان (الديموغرافيا) الإيرانيين أنه من المتوقع في عام 2051، أي عندما يدخل الأفراد المولودون في الثمانينات سن الشيخوخة، أن يكون ما يقرب من 30% من سكان إيران فوق 65 عامًا.

بقدر ما يقترب الشيب ليعشعش على رؤوس مواليد الثمانينات من سكان إيران وتعلن التجاعيد تدريجيا احتلالها لوجوههم، بقدر ما تستعد هذه البلاد لموجة من الشيب في مختلف الأصعدة، فبعد أقل من عقدين من اليوم سيكسو البياض رؤوس قسم كبير من الإيرانيين وستفرض الشيخوخة هيمنتها على المجتمع. الشيخوخة التي لا يمكن إيقافها وإنكارها باستخدام البوتوكس وصبغ الشعر وفينير الأسنان. إن الانفجار السكاني في ثمانينات القرن الماضي في إيران ومعظم دول العالم، فضلاً عن الاتجاه التنازلي لإنجاب الأطفال في العقد الماضي، يحيط مستقبل إيران واقتصادها بدوامة مخيفة ومرعبة.

ووفقًا لأحد تقارير مركز الدراسات في البرلمان الإيراني، يُطلق على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 أو 65 عامًا عادةً باسم كبار السن. ومن المتوقع أن يبلغ عدد كبار السن في إيران حوالي 35 مليونًا في العقد الممتد من عام 2056 إلى عام 2066.

أزمة كبار السن

عندما يزيد عمر أكثر من 7% من سكان البلاد عن 65 عامًا، ستعلن السلطات أن إيران دخلت مرحلة شيخوخة السكان. توضح شهلا كاظمي بور، خبيرة علم السكان، لصحيفة اطلاعات الإيرانية، الأجواء التي تسيطر على بلد ما عندما يلج مرحلة الشيخوخة: مسألة الشيخوخة وحدها ليست مشكلة، المشكلة تحدث عندما تنخفض حصة السكان النشطين في المجتمع وكفاءتهم وتزداد الحاجة إلى الدعم الصحي والمالي لكبار السن. تُعرف اليابان بأنها أكبر دولة في العالم احتضانا للمسنين، وقد حاولت في العقد الماضي استخدام التكنولوجيا لحل مشكلة النقص في العمالة، ثم وضعت تطوير البنية التحتية في قطاع الصحة لكبار السن على جدول الأعمال. وهي قضية ينبغي، بحسب كاظم بور، أن تكون محور اهتمام صناع السياسات في إيران. تقول: إن شيخوخة السكان تصبح مشكلة عندما لا تتم إدارة البنية التحتية وعملية تقديم الخدمات للمسنين بشكل صحيح.

تقول كاظمي بور، في إشارة إلى افتقار إيران إلى البنية التحتية لدعم السكان المسنين الحاليين: إن الأوضاع الراهنة في مستشفيات البلاد تظهر أنه رغم قلة عدد كبار السن إلا أنهم يواجهون مشاكل عدة. تخيلوا أن تدخل إيران مرحلة الشيخوخة، ماذا سيحل بالقطاع الصحي حينها؟

تشير الإحصائيات إلى أن 10.7% من السكان الإيرانيين في الوقت الحالي هم من كبار السن أو من الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً، وهو ما يمثل 9 ملايين و300 ألف نسمة في عموم البلاد.

وبحسب أحمد دلبري، رئيس مركز دراسات الشيخوخة، فإن 90% من كبار السن لديهم مرض مزمن على الأقل، و75% لديهم مرضان مزمنان، و50% لديهم ثلاثة أمراض مزمنة.

وتنفق إيران، وفقا لتصريحات سابقة ليوسف رضائي، نائب شؤون إعادة التأهيل والرعاية الاجتماعية في محافظة طهران، نصف ميزانية الدولة العلاجية على كبار السن.

وفقا للتوقعات، سيكون ما يقرب من 20٪ من سكان إيران في عام 2041 من كبار السن. كما ستزداد شيخوخة السكان في عام 2051 ليصبح عمر ما يقرب من 30٪ من سكان البلاد أكثر من 65 عامًا. إذا ظل معدل المواليد على هذا النحو، فسوف تقضي إيران ما يقرب من 4 عقود وهي محاطة بالسكان المسنين.

في العام الماضي، حذر رئيس مركز دراسات السكان الإيراني من تصدّر إيران في العقود الثلاثة المقبلة، قائمة أكبر الدول في العالم من حيث الشيخوخة، مشيرًا إلى انخفاض بنسبة 35٪ في الإنجاب على مدى السنوات السبع الماضية. وقال إن “أهم التحديات الديموغرافية في إيران هي التغيرات في التركيب العمري للسكان، وشيخوخة السكان، وانخفاض الخصوبة، وزيادة الهجرة الإقليمية والدولية، وتأخر الزواج وعدم استقراره”.

هل هناك حل؟

لسنوات والتحذيرات بشأن “سوء إدارة” مجال كبار السن في قطاعات الاقتصاد والصحة والأوضاع المثيرة للقلق التي ستصاحبها في العقود المقبلة لا تفارق صفحات وسائل الإعلام الإيرانية، وكانت المطالب ولا زالت حول إيلاء اهتمام أكبر بالبنية التحتية والاعتماد على سياسات الشيخوخة النشطة. تذكر الخبيرة في علم السكان في هذا الصدد: يجب على إيران الاستفادة من سياسات الشيخوخة النشطة. يجب تعزيز الفئة العمرية من 30 إلى 40 عامًا في عصرنا الحالي من حيث الصحة والاقتصاد والتعليم والصحة البدنية حتى نرى في غضون بضعة عقود شخصًا مسنًا يتمتع بصحة جيدة وليس شخصًا مسنًا معاقًا.

لكن بالنظر إلى الإجراءات التي تقوم بها الحكومة الإيرانية فيما يتعلق بكبار السن يمكن القول أن تواضعها جعلها غير ملموسة إطلاقا، وحتى إن كانت تلك الإجراءات موجودة فهي مهترئة وقديمة وبحاجة ماسة إلى تحسين وتطوير وزيادة. تقول كاظمي بور ردا على ذلك: إن السبيل الوحيد للخروج من المشاكل التي قد تواجهها البلاد في ذروة الشيخوخة هو وضع خطط لإنشاء مرافق طبية ودور رعاية للمسنين من الآن وليس بعد20 عاما، يجب التفكير في حل بأسرع وقت ممكن.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين + 13 =

زر الذهاب إلى الأعلى