رسائل مصرية لإيران وإسرائيل قبل الهجوم المحتمل
كشفت معلومات أنّ القاهرة "أخطرت كلّاً من الجانبين الإسرائيلي والإيراني، بأنها لن تكون جزءاً من عملية التصعيد الحاصلة أخيراً في أعقاب اغتيال هنية.
ميدل ايست نيوز: كشفت معلومات أنّ القاهرة “أخطرت كلّاً من الجانبين الإسرائيلي والإيراني، بأنها لن تكون جزءاً من عملية التصعيد الحاصلة أخيراً في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران، وأنها ستواصل مساعيها الرامية لتخفيض مستويات التوتر في الإقليم”، وذلك استباقاً لأي تصعيد إضافي قد يحمله الهجوم المحتمل الذي تهدّد به إيران رداً على اغتيال هنية على أراضيها.
وأشارت المعلومات، التي توفرت لموقع “العربي الجديد“، إلى أن القاهرة “أخطرت طهران أخيراً أنها ملتزمة بإغلاق مجالها الجوي أمام أي إجراءات عسكرية من شأنها تهديد الأوضاع في المنطقة، وأن هذا الإجراء لا يعني سلوكاً عدائياً ضد إيران بقدر ما هو حفاظ على المصالح والسيادة المصرية”. كما أكدت القاهرة لتل أبيب عبر الوفد الأمني الإسرائيلي الذي زار القاهرة أول من أمس السبت، أنها “لن تكون جزءاً من محور عسكري يشارك في صد” الهجوم المحتمل ضد إسرائيل.
وعلى ضوء الهجوم المحتمل الذي قد تشنّه إيران على إسرائيل رداً على اغتيال هنية في طهران، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، مساء أول من أمس، اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية الإيراني المكلف علي باقري كني، في إطار الاتصالات التي تجريها القاهرة مع جميع الأطراف المعنية بهدف احتواء التصعيد القائم وتخفيف حدة التوتر الذي يشهده الإقليم، وسط ترقب في المنطقة لطبيعة الهجوم المحتمل من قبل إيران.
وبحسب بيان للخارجية المصرية، فقد أكد عبد العاطي أن “التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة غير مسبوقة وعلى قدر كبير من الخطورة، وتُنذر بتوسيع رقعة الصراع بشكل يُهدد استقرار دول المنطقة ومصالح شعوبها، وهو ما يتعين معه تحلي كافة الأطراف بالهدوء وضبط النفس للحيلولة دون خروج الأوضاع عن السيطرة”. وأضاف بيان للمتحدث الرسمي باسم الوزارة، أحمد أبو زيد، أن عبد العاطي “أعاد التأكيد على الموقف المصري الداعي إلى وقف الحرب على قطاع غزة باعتبارها السبب الرئيسي لزيادة حدة التوتر والمواجهة في الإقليم”، مؤكداً موقف مصر الرافض للسياسات التصعيدية الإسرائيلية، وسياسة الاغتيالات وانتهاك سيادة الدول. وأشار إلى أن “تلك السياسات لن تصب في مصلحة أي من الأطراف، ولن تؤدي إلا إلى تأجيج الصراع على النحو الذي يصعُب معه احتواء الأزمة”. وبحسب البيان المصري، فقد أعرب وزير خارجية إيران المكلف، من جهته، عن “تقديره للمبادرة المصرية بالتواصل، وحرصها على أمن واستقرار المنطقة”.
مشاورات حول محور فيلادلفيا
إلى ذلك، ورغم فشلها في التوصل إلى أي جديد بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، واتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين بين المقاومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلية، إلا أن المباحثات التي جرت في العاصمة المصرية القاهرة، أول من أمس، بين وفد إسرائيلي ضمّ رئيسي جهازي الموساد ديفيد برنيع والشاباك رونين بار، إضافة إلى منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة غسان عليان، مع المسؤولين المصريين في جهاز الاستخبارات العامة، سعت إلى تحقيق تفاهمات لجسر الخلافات بين الجانبين بشأن مشروع أمني يتعلق بإدارة الحدود المشتركة بين قطاع غزة وسيناء المصرية، وذلك تحت ضغط مطالب مصرية بانسحاب جيش الاحتلال من محور فيلادلفيا الملاصق للحدود مع مصر من الجانب الفلسطيني.
وبحسب المعلومات فإن مشاورات الوفد الإسرائيلي في القاهرة “تركزت بالأساس على إنجاز اتفاق مبدئي بالشروع في وضع التصورات الأولية لتنفيذ مشروع أمني بطول الحدود بين قطاع غزة ومصر والبالغة 14 كيلومتراً، والتي تمتد من منطقة كرم أبو سالم، وحتى ساحل البحر المتوسط، يضمن عدم استخدام تلك الحدود في عمليات تهريب الأسلحة إلى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة”.
وجرت مشاورات القاهرة حول مشروع سبق أن طرحته تل أبيب على القاهرة، ويقضي بإقامة جدار فولاذي عازل تحت الأرض بطول الحدود مع قطاع غزة، بتمويل أميركي كامل، لمنع إقامة أنفاق تهريب في تلك المنطقة التي تزعم الحكومة الإسرائيلية أنها الشريان الرئيسي الذي تبني من خلاله فصائل المقاومة ترسانتها العسكرية، لكن القاهرة كانت تعترض على المقترح كونه يتضمن إرسال إشعارات فورية لكل من مصر وإسرائيل عبر أنظمة متطورة مزروعة في الجدار، حال وجود عمليات اختراق للحدود أو محاولات لحفر أنفاق بها.
وبحسب ما رشح عن الاجتماع، الذي استقبلته القاهرة، فإن المشاورات تضمنت “إدخال تعديلات على التصور المطروح من الجانب الإسرائيلي والذي تدعمه واشنطن، حيث جرى استبعاد فكرة إقامة جدار على غرار الجدار الذي أقامته إسرائيل تحت الأرض بين قطاع غزة ومستوطنات الغلاف، وفي المقابل يتم نشر أجهزة متطورة ذات مستشعرات بطول السياج الحدودي الحالي بعضها يرصد الوضع تحت الأرض، على أن ترسل تلك المستشعرات والنظام الإلكتروني المستخدم في المشروع، إشعارات إلى إسرائيل، شريطة أن تكون تلك الإشعارات الأولى موجهة إلى القاهرة، وبفارق زمني واسع نسبياً عن تلك المرسلة إلى إسرائيل”.
ويأتي المشروع المقترح تنفيذه، كبديل لوجود الاحتلال إسرائيلي الدائم في محور فيلادلفيا، الذي يعد جزءاً من اتفاق مصري إسرائيلي جرت صياغته عند انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005. وبدا واضحاً خلال مباحثات القاهرة، أنه تم استبعاد المقترح الإسرائيلي الخاص بنقل معبر رفح من موقعه الحالي إلى منطقة المثلث الحدودي بين مصر وغزة وإسرائيل (الأراضي المحتلة) بالقرب من معبر كرم أبو سالم.
وكانت معلومات قد أفادت بأن “إعادة مسار مفاوضات غزة لم تكن الملف الأبرز ضمن أجندة لقاء الإسرائيليين مع المسؤولين المصريين”، وأن المباحثات “شهدت تأكيد الموقف المصري الرافض لاستمرار وجود قوات الاحتلال الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، وتشغيل معبر رفح البرّي بين قطاع غزة ومصر، في ظل السيطرة الإسرائيلية عليه”.
كذلك أبدى المسؤولون المصريون “استعداداً لبذل جهود لإعادة إحياء مفاوضات التهدئة مع حماس، إن أبدت تل أبيب مرونة بشأن الوضع الحدودي والانسحاب من محور فيلادلفيا”، وذلك “وسط حالة استياء مصرية من موقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي عبّر عنه الوفد الإسرائيلي خلال اجتماع روما الأخير، بتمسّكه بالبقاء في محور فيلادلفيا لفترة ليست بالقليلة”.