بعد شهر على اغتيال هنية.. هل إيران وإسرائيل على حافة مواجهة حتمية؟

مما لا شك أن إسرائيل تسعى لإضاعة الوقت والتحايل، وإيران لا يمكنها أن تتحمل هذه الأوضاع، فالأخيرة تعلم أن فرصة الرد ستكون محدودة وغير قيّمة إذا جاءت بعد شهر من هذا الاغتيال.

ميدل ايست نيوز: إن اغتيال الزعيم السياسي لحركة حماس في طهران بعد ساعات من مراسم تنصيب الرئيس الجديد للبلاد (التي كان إسماعيل هنية أحد الضيوف البارزين فيها) جعل إيران تواجه خيارًا لا مفر منه: الرد على اعتداء إسرائيل غير المسبوق على أراضيها وأمن بلادها بهدف الانتقام من سفك الدماء وقتل الضيوف، فضلاً عن استعادة وتعزيز قوة الردع في البلاد ومواجهة التهورات الإسرائيلية.

وقالت صحيفة انتخاب في مقال لها، إن تأخر هذا الرد الحتمي حوالي ثلاثة أسابيع يعزا إلى مبادرات الدول العربية والغربية لفرض وقف إطلاق النار على إسرائيل مقابلة إلغاء إيران ردها على هذا الاغتيال. لم توضح إيران الكثير رسميًا بشأن هذه الصفقة، لكن ممثل إيران في الأمم المتحدة ذكر أن بلاده تأمل ألا يؤدي الرد على إسرائيل إلى تعطيل عملية مفاوضات وقف إطلاق النار. وفي أعقاب تعاون إيران مع هذه المبادرة، اقترحت أمريكا ومصر وقطر خطة لترسيخ وقف إطلاق النار.

وبناء على نتائج اجتماع الدوحة، الذي لا يتضمن أي تقدم واضح في حل الخلافات المحددة بين الأطراف، يمكن الاستنتاج أن إسرائيل تتلاعب بخطة وقف إطلاق النار، ولا تتخذ أي خطوات جدية لتنفيذها.

مما لا شك أن إسرائيل تسعى لإضاعة الوقت والتحايل، وإيران لا يمكنها أن تتحمل هذه الأوضاع، فالأخيرة تعلم أن فرصة الرد ستكون محدودة عمليا بعد شهر. ولذلك فإن تطورات الأسبوع المقبل (الأسبوع الأخير من فترة هذا الشهر) ستكون حاسمة للغاية. وإذا انتهت هذه العملية، وفقاً لخطة القائمين على مفاوضات وقف إطلاق النار، في نهاية الأسبوع وكان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ممكناً، فيمكن لإيران أن تمتنع عن الانتقام وتصعيد التوتر، وأن تضحي بالفعل بهذا الحق من أجل إنقاذ شعب غزة المضطهد من العدوان الهمجي للكيان الصهيوني. لكن إذا طرق هذا الأسبوع أبوابنا برفقة آخر جلسة لهذا الاجتماع ولم يتم التوصل إلى نتيجة، فلن يكون أمام إيران خيار سوى الرد.

لن يكون هذا الرد خيارا مصيريا بالنسبة لإيران فحسب، بل (في حالة فشل مفاوضات وقف إطلاق النار بسبب عناد إسرائيل) ستكون جماعات إسلامية أخرى شريكة وسترافق طهران في هذه الخطوة. حماس مثلا ستدعم هذا الخيار، فضلا عن تركيا التي رأى سفيرها لدى طهران خلال حديث لوكالة تسنيم مؤخرا أن الرد الإيراني على اغتيال هنية خطوة معقولة، قائلا: أي دولة أخرى سوف تظهر نفس رد الفعل. مشيرا إلى أن “الرد على هذا الهجوم ليس مسؤولية إيران وحدها، بل كل دول المنطقة”.

ولذلك فإن الأيام القليلة المتبقية من مفاوضات وقف إطلاق النار ستحدد نتيجة هذه المواجهة الخطيرة. إذا تمكن الإسرائيليون في هذه الأيام القليلة من إقناع نتنياهو وحكومته المتطرفة بقبول وقف إطلاق النار، أو استخدمت الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى قوتها للضغط على هذه الحكومة وإجبارها على قبول قرار مجلس الأمن (في هذا الشأن)، ستهدأ الأوضاع في غزة وتنخفض التوترات في المنطقة. لكن إذا مر هذا الأسبوع، على غرار الأسبوع الماضي، دون نتيجة مقبولة، فإن التوتر في المنطقة سيزداد، وستكون حكومة إسرائيل وداعموها الغربيون المسؤولون عن هذه الأوضاع بالدرجة الأولى.

لقد ردت إيران وقادة محور المقاومة الآخرون دون تأخير في الفترة السابقة بعد استهداف شخصيات ومبان دبلوماسية، وحاولوا تقديم الرد المناسب والرادع على الاعتداءات الإسرائيلية. تأمل إيران في ثلاثة إلى أربعة أسابيع من التعاون مع الدول الإسلامية والاستجابة الإيجابية لطلبها تأجيل الانتقام من أجل إعطاء فرصة لمحادثات الدوحة. وبعد انقضاء هذه المدة، عليهم في المقابل دعم الرد الإيراني والتعاون مع إيران في هذا الاتجاه. ومن الممكن أن يلعب تعاون الدول العربية والإسلامية (وخاصة جيران إسرائيل مثل الأردن) دوراً فعالاً في نجاح الهجمات الانتقامية الإيرانية.

وتحاول إسرائيل بصوت عالٍ التظاهر بأنها على أتم الاستعداد لمواجهة هجمات إيران ومحور المقاومة، وأنها قادرة على الدفاع عن أمن إسرائيل في أي موقف. وهي في الأساس حرب نفسية ودعاية جوفاء تهدف إلى تخويف إيران والمنطقة وإثناء محور المقاومة عن الرد على جرائم إسرائيل. فإسرائيل صغيرة جدًا وضعيفة بحيث لا يمكنها الدخول في حرب مباشرة وشاملة مع إيران.

وخلافاً للفرضية الأيديولوجية القديمة والشعبية، فإن أميركا وإسرائيل ليسا كيانا واحدا، ولكل منهما مصالحه واعتباراته، وهذه الاختلافات (على الرغم من الكثير من القواسم المشتركة) كافية أنه إذا استخدمت الدبلوماسية الواقعية والصحيحة فإنها يمكن أن تمنع مشاركة القوى الغربية في مثل هذه المعركة.

ومن أسباب الاعتقاد بهذه الفرضية هو الدعاية والدبلوماسية العامة التي تمارسها إسرائيل من أجل إرهاب أعدائها وتعطيل حساباتهم من خلال جلب أمريكا والقوى الغربية إلى جانبها.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى