من الصحافة الإيرانية: هل تقف روسيا وراء اغتيال هنية في طهران؟

تبين تصريحات صدام حسين جانبا من السياسات الفوضوية للقادة الروس في المنطقة وتظهر تعدد وجوههم في «التلاعب» والتفاعل مع الدول ومدى صدقهم ومسؤوليتهم في خطاباتهم.

ميدل ايست نيوز: استهدفت إسرائيل إسماعيل هنية، أحد كبار القادة السياسيين لحركة حماس وسط العاصمة طهران بعد ساعات من مراسم تنصيب الطبيب مسعود بزشكيان، ووقعت هذه الحادثة في وقت حساس للغاية وتحت حراسة أمنية مشددة.

ونظراً لعدم العثور على مصدر موثوق ودقيق ومعقول حول كيفية تنفيذ هذه العملية، ففي مثل هذه الحالات تكون مهمة الباحث هي دراسة الخيارات المتاحة حول تلك الواقعة.

الخيارات المتاحة لعملية الاغتيال:

1- أهداف الاغتيال 2- بعض المتغيرات الفعالة والمؤثرة (أزمة غزة – الانتخابات الإيرانية – الانتخابات الأمريكية – موقف روسيا في حرب الاستنزاف مع أوكرانيا) 3- الجهات المستفيدة من الاغتيال 4- خلية نائمة 5- فريق الحراسة

ونظراً لحساسية هذا الموضع، لن نتطرق لمراجعة كافة تفاصيل الخيارات المذكورة أعلاه في هذه المادة الصحفية. ولذلك، سنستعرض بعض المتغيرات المتاحة.

إن النقطة الإستراتيجية في منطقة غرب آسيا أو “حزام الفوضى” تكون دائمًا محاطة بالاغتيال والإراهب والفوضى والأزمات، وهو ما يعود إلى السياسات الإستراتيجية للكيان الصهيوني وداعميه. سياساتٌ مصممة للحفاظ على الأوضاع الراهنة وعلى توازن القوى لمصلحتهم الخاصة. هذه السياسات غير مشرعة، ولا تقبل التعامل مع أي أسلوب يفوح منه رائحة التغيير والتحول في أي منطقة، وتحاول مناهضته على الفور. ليس هذا فحسب، بل تشرعن بعض الدول على أراضيها دون وعي هذه السياسات الاستفزازية، مما يوفر الفرصة لكي تعم الجرائم والفوضى من قبل ذلك الكيان.

بهذه المقدمة ربما كان أحد أهداف اغتيال إسماعيل هنية الزعيم السياسي لحركة حماس، وتوازيها مع تنصيب الحكومة الجديدة في إيران، هو إظهار روح التغير والتحول والفطنة والعقلانية لدى هذه الحكومة بدلا من الحكومة السابقة الجامدة . حكومة جاءت إلى الميدان بشعار الدبلوماسية والتفاعل البناء مع الدول لحل الأزمات ورفع العقوبات، والتي لم تنطتي بعد كرسي الرئاسة وفرض عليها إقحام نفسها في تحد يقلب كل المعادلات والموازين منذ بداية الحكم وتفرض على نفسها سياسة مكلف للغاية على بلادها وشعبها. إن فرض هذه السياسة باغتيال أهم شخصية سياسية في حركة حماس خلال ساعات قليلة من حفل التنصيب، لا يمكن بالتأكيد أن يكون عمل خلية أجنبية وحدها، لأن الخبراء يدركون جيداً أن مثل هذا العمل الدقيق والكامل يستغرق ساعات من الوقت لتحديد الهوية وتعقبها بهذه الدقة، لكن عندما يكون المعتدي على مقربة من المعتدى عليه، فإنه يمكن فهم أحداث هذه الحادثة من الناحية العسكرية والعملياتية.

النقطة الأخرى المهمة هي السياسات المعقدة والغامضة التي ينتهجها بوتين وميدفيديف في روسيا. فالأخير يوصي بحل الأزمة في الشرق الأوسط، ويعتقد أن “الطريق للخروج من الأزمة هو خلق حرب شاملة في الشرق الأوسط”. تصف هذه النظرية عمق السياسات الأنانية التي تنتهجها روسيا في الشرق الأوسط، الدولة العالقة في مستنقع الحرب الأوكرانية بعدوانها الصريح، والتي تتسبب على الدوام في عدم الاستقرار في البلاد والمنطقة من خلال الانتهاكات الواضحة لقادة تلك الدولة تجاه إيران منذ عدة عقود.

وبغض النظر عن الجرائم التي ارتكبها صدام خلال فترة حكمه للعراق، فإن استحضار ذكرى “صدام حسين عبد المجيد التكريتي”، الرئيس العراقي السابق، قد يساعد في فهم تعقيدات سياسات روسيا المتعددة بشكل أفضل. إذ قال: “عندما هدد بوش اتصلت بالكرملين، فضحك بوتين بصوت عالٍ وقال: لم أتوقع منك، وأنت من العرب الشجعان، أن تخاف من تهديد بوش الفارغ! بوش لا يجرؤ على مهاجمة العراق. بعد هجوم أمريكا اتصلت بالكرملين، لكن لم يرد علي أحد هذه المرة”. تبين تصريحات صدام جانبا من السياسات الفوضوية للقادة الروس في المنطقة، ومن ناحية أخرى، تظهر تعدد وجوههم في «التلاعب» والتفاعل مع الدول، ومدى صدقهم ومسؤوليتهم في خطاباتهم.

وبعد ما سلف، ألم يعد واضحا أن خلية نائمة مدعومة من روسيا كانت وراء اغتيال القائد السياسي لحركة حماس؟ بتحري بسيط، فإن هذا التوقع يمكن أن يكون أحد الخيارات التي تعطل النظام والاستقرار الإقليمي في غرب آسيا، وهو أمر جدير بالملاحظة وينبغي متابعته. إذن، إن المنفذ للاختراق الأمني كان قد توغل مسبقا في العمق الإيراني. وعلى أي حال، فإن عملية الاغتيال تمت على يد أفراد من داخل البلاد سواء كانوا من الموساد أو مدعومين من القادة الروس.

عيسى محمد حسيني
خبير في الشؤون السياسية والأمنية في غرب آسيا

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 + تسعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى