الممرضون في إيران يصعدون احتجاجاتهم في اختبار أول لحكومة بزشكيان

نظم حشد من الممرضين والممرضات تجمعا احتجاجيا أمام وزارة الصحة الإيرانية للتنديد بما يصفونه "ظروف العمل الصعبة والوضع المعيشي السيئ".

ميدل ايست نيوز: في اختبار هو الأول لحكومة الرئيس مسعود بزشكيان، نظم حشد من الممرضين والممرضات تجمعا احتجاجيا أمام وزارة الصحة الإيرانية للتنديد بما يصفونه “ظروف العمل الصعبة والوضع المعيشي السيئ”، وذلك بالتزامن مع جلسة البرلمان التي عقدت أمس الأربعاء لمنح الثقة للتشكيلة الحكومية.

ورغم أن ظاهرة احتجاجات الكوادر الطبية ليست جديدة في إيران، فإنها أخذت منحى تصعيديا عقب جائحة كورونا، وتتجدد بين الحين والآخر للتذكير بالوعود التي بقيت حبرا على ورق، وفاقمت هجرة الممرضين إلى الخارج، والمستجد في هذه الجولة الجديدة أنها وصفت بالـ”فريدة منذ قرن تقريبا”.

وبدأت احتجاجات الممرضين وإضراباتهم الجزئية قبل أسبوعين؛ حيث انطلقت شرارتها الأولى في مدينة كرج الواقعة على بعد 50 كيلومترا غرب العاصمة طهران، تلتها تجمعات مشابهة في مدينة شيراز جنوبي البلاد، لتنتقل عدوى احتجاجات الكوادر الطبية بسرعة إلى عدد من مستشفيات المدن الكبرى، منها مشهد وتبريز وأهواز وأصفهان وأراك، قبل انتشارها في ربوع البلاد تقريبا.

مطالب وهموم

رفع الممرضون المحتجون خلال وقفاتهم لافتات تندد بتجاهل الجهات المعنية لمطالبهم النقابية، وعلى رأسها عدم استيفاء حقوقهم، ما تسبب في أزمات اقتصادية راحت تعصف بوضعهم المعيشي، في ظل صعوبة ظروف المهنة وتدني الأجور، مؤكدين عزمهم مواصلة الحراك حتى تلبية مطالبهم.

وعلى ضوء تهديد الأوساط النقابية بتوسيع نطاق احتجاجات الممرضين، ردد المحتجون هتافات مشابهة في العديد من المدن الإيرانية منها “أيها الممرض أرفع صوتك وطالب بحقك” و”النفقات بالدولار والراتب بالريال” و”كفى وعودا.. الموائد فارغة”‬‮ و”حاربنا‭ ‬كورونا‭ ‬ولم نلمس دعما”، وفقا للمقاطع التي انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي.

ونقلت الصحافة الفارسية عن نقابات الممرضين، أن الكوادر الطبية المحتجة تطالب بتنفيذ قانون تعريفة الخدمات التمريضية، ووضع حد للتمييز في بدل الأجور، وحل مشكلة العمل الإضافي القسري وظروف العمل الصعبة، ومعالجة النقص في الموارد البشرية.

وإلى جانب اتساع نطاق الاحتجاجات، وتصاعد وتيرة تكرارها من فينة إلى أخرى، يبدو أن الجهات المنظمة عمدت هذه المرة إلى تنفيذ ما هددت به سابقا؛ إذ تحولت العملية الاحتجاجية المعتادة في بعض المدن الإيرانية مثل شيراز ومشهد إلى إضراب جزئي أربك الخدمات الطبية لفترات وجيزة.

من ناحيته، اعتبر الأمين العام لنقابة الممرضين الإيرانيين محمد شريفي مقدم أن تطور أساليب احتجاج كوادر التمريض إلى إضرابات يعد “الأول من نوعه طوال قرن من تاريخ التمريض الحديث في البلاد”، وأنه جاء بعد أن “بلغ السكين العظم”، معبرا عن قلقه من تكرار الإضرابات في ظل تهديد بعض الجهات الممرضين بتسريحهم من العمل.

وفي تصريحات تناقلتها الصحافة الفارسية، انتقد شريفي عدم إصغاء الجهات المعنية لمطالب الممرضين وتقليل أسباب الحراك إلى المطالبة بالمستحقات المتأخرة فحسب، عازيا سبب استمرارية التجمعات وتوسع نطاقها إلى تهرب الجهات المعنية من الحقائق، والسعي لطمس الواقع من خلال استدعاء المحتجين إلى دوائر المخالفات الإدارية، ما أدى إلى تراكم المطالبات خلال الفترة الماضية.

هجرة الممرضين

من ناحيتها، نقلت صحيفة “جملة” في نسختها الصادرة صباح اليوم الخميس تصريحات وزير الصحة الأسبق مصطفى معين، ينتقد فيها ظروف عمل الأطباء والممرضين، مطالبا بتقييم أداء وزراء الصحة خلال العقد الماضي، ومحاسبتهم على إبقاء القوانين الجائرة بحق الكوادر الطبية؛ ما أدى إلى تزايد ظاهرة الهجرة بينهم، وانتحار عدد آخر من الثروات البشرية الشابة.

وبينما توضح الصحيفة أن الجولة الجديدة من احتجاجات الممرضين جاءت بعد يومين فقط من هذه التصريحات، أظهرت إحصاءات المرصد الإيراني للهجرة أن 51% من الأطباء والممرضين في إيران يرغبون بالهجرة لأسباب تتعلق بالمهنة، وأن 33% منهم يرجعون سبب رغبتهم إلى مواصلة دراساتهم العليا.

من جانبه، يحذر الأمين العام لنقابة الممرضين الإيرانيين محمد شريفي مقدم، من مغبة استمرار هجرة الممرضين الإيرانيين إلى الخارج، مؤكدا أن نحو 3 آلاف ممرض يغادرون البلاد سنويا بغية العمل في القطاعات العلاجية الأجنبية.

وبالرغم من أن الجامعات الحكومية في إيران تخرج سنويا أعدادا ضخمة من الممرضين والممرضات، فإن المصادر الطبية تتحدث باستمرار عن معاناة نقص كوادر التمريض في المراكز العلاجية، ما تسبب خلال السنوات الماضية في إغلاق عدد من أقسام المستشفيات بشكل كامل أو جزئي، جراء هجرة الممرضين إلى الخارج أو عزوفهم عن العمل بسبب تدني الأجور.

ومع فوز الرئيس مسعود بزشكيان في رئاسيات 2024، وهو الاختصاصي في جراحة القلب، تعلق الكوادر الطبية في إيران آمالا كبيرة على حكومته من أجل حلحلة المشاكل التي أثقلت كاهل القطاع الطبي الحكومي منذ عقود.

وعقب منح البرلمان الإيراني ثقته لحكومة بزشكيان، أفادت وكالة أنباء “إرنا” الرسمية بأن هيئة التفتيش العامة استضافت يوم أمس الأربعاء مسؤولي النقابات وممثلي الممرضين واستمعت لآرائهم ومطالب المحتجين.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى