كيف يقرأ الإيرانيون هجوم حزب الله على إسرائيل؟

استيقظ الإيرانيون صباح اليوم الأحد، على نبأ تنفيذ حزب الله اللبناني هجوما واسعا على الجانب الإسرائيلي، لينتشر الخبر سريعا وينتقل إلى المسيرات المليونية بمناسبة ذكرى الأربعين الحسيني.

ميدل ايست نيوز: مع إطالة أمد رد طهران على اغتيال القيادي بحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها، استيقظ الإيرانيون صباح اليوم الأحد، على نبأ تنفيذ حزب الله اللبناني هجوما واسعا على الجانب الإسرائيلي، لينتشر الخبر سريعا وينتقل إلى المسيرات المليونية بمناسبة ذكرى 20 من شهر صفر، وليهتف المشاركون ضد “الكيان الصهيوني”.

وفيما أشاد المشاركون في المسيرات السنوية بقصف المقاومة اللبنانية “هدفا نوعيا في عمق الأراضي المحتلة”، سارع المتحدثون والقائمون على المواكب الدينية الممتدة من ساحة “الإمام الحسين” شرقي طهران حتى عتبة “شاه عبد العظيم الحسني” في جنوبها بإطلاق نداءات تطمئن المشاركين، بأنه لا صحة لما يشاع عن إحباط كيان الاحتلال هجوم المقاومة عبر شنه ضربات استباقية.

وفي ظل ترويج الإعلام العبري عن شن إسرائيل هجوما استباقيا بمشاركة نحو 100 طائرة حربية على أكثر من 200 هدف جنوبي لبنان وإحباط “التهديد قبيل إطلاق الهجوم واسع النطاق”، يُجمع المراقبون في إيران على أن العملية الإسرائيلية كانت نابعة عن الإرباك الناتج عن إطالة أمد رد إيران والمقاومة على الاغتيالات الأخيرة.

حرب استخبارية

يقرأ الباحث السياسي جلال جراغي الحديث الإسرائيلي عن تنفيذ عملية استباقية رغم تجاوز 320 قذيفة صاروخية وعشرات المسيّرات أجواء فلسطين المحتلة في سياق التخبط والإرباك الذي تعيشه تل أبيب منذ 25 يوما، مضيفا أن “الاعتراف بنجاح حزب الله بإطلاق مئات المسيّرات والصواريخ يعني فشلا استخباريا آخر للكيان الصهيوني”.

ورأى أن حزب الله قد نجح بالفعل في خداع الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، من خلال التمويه وتضليل القوة الجوية الإسرائيلية، ثم إرباك دفاعاتها الجوية بعشرات القذائف الصاروخية، من أجل فتح المجال الجوي لوصول المسيّرات إلى الأهداف الإستراتيجية التي خطط لها.

ولدى إشارته إلى أن هجوم حزب الله جاء في حين تمر جميع القطع العسكرية الإسرائيلية بمرحلة عالية من أهبة الاستعداد، رأى جراغي أن الهدف النوعي الذي يتحدث حزب الله عن استهدافه قد يمهد لمزيد من العمليات الانتقامية، ويسهل اصطياد أهداف أكبر في عمق الجانب الإسرائيلي.

ورأى الباحث الإيراني، أن حزب الله تعمد التطرق إلى أن عملية فجر اليوم الأحد ليست سوى المرحلة الأولى من سلسلة عمليات الرد على اغتيال فؤاد شكر لإبقاء الجبهة الداخلية الإسرائيلية متوترة.

وختم بأن عملية فجر اليوم تختلف عن عملية “الوعد الصادق” التي أطلقتها إيران علی إسرائيل حيث قامت طهران يوم 13 أبريل/نيسان الماضي، بإرباك المضادات الجوية الإسرائيلية عبر إطلاق المسيّرات ثم صواريخ “كروز”، وتاليا أطلقت 12 صاروخا فرط صوتيا، في حين أن حزب الله أربك الدفاعات الجوية الإسرائيلية بقذائف وليس صواريخ، ثم استهدف الأهداف بالمسيّرات.

استنزاف وغموض

وفيما استبشرت شريحة من الإيرانيين بعملية حزب الله في إطار الرد على الاغتيالات التي أقدمت عليها إسرائيل في لبنان وإيران الشهر الماضي، نفى سفير طهران السابق في الأردن ولبنان أحمد دستمالجيان أن تكون عملية فجر اليوم جزءا من الرد الإيراني على اغتيال هنية.

وفي مطلع قراءته لمشهد التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، اعتبر دستمالجيان عملية حزب الله بمثابة “الإعلان عن إطلاق ساعة الصفر بتوقيت الانتقام لقادة المقاومة”، موضحا أن الحزب أعلن في بيانه الأول بأن العملية تأتي ردا على اغتيال القائد العسكري فؤاد شكر ولا علاقة لها بالانتقام لإسماعيل هنية الذي توعدت إيران بالثأر لدمائه.

وقال الدبلوماسي الإيراني السابق إن بلاده وحلفاءها في محور المقاومة “أطلقت إستراتيجية الحرب المركبة بشكل عام لاستنزاف طاقات الكيان الصهيوني، كما تبنت على وجه الخصوص سياسة غامضة بشأن ردها على اغتيال هنية وتوقيته، ما أربك جميع حسابات تل أبيب في حربها المتواصلة على غزة”.

وعما إذا كانت إيران سوف تتدخل لنصرة المقاومة اللبنانية في مواجهة إسرائيل، استبعد المتحدث نفسه أن يحدث ذلك في الوقت الراهن، ذلك لأن طهران دربت المقاومة وعززتها بالتسليحات اللازمة للدفاع عن نفسها، مستدركا أن تدخل إيران سيكون واردا جدا إذا تم تجاوز “خطوط طهران الحمراء”، ومنها الاستشعار بخسارة جبهتها الأمامية، التي تعتبرها ضمن أمنها القومي.

وتوقع أن تشهد المنطقة تصعيدا مرحليا خلال المرحلة المقبلة من قبل حلقات محور المقاومة دون دخول إيران حربا واسعة، لكنها ستواصل الدعم السياسي والمادي لحلفائها في أي مواجهة مع العدو الإسرائيلي، مشددا على أن رد طهران “قادم ولو بعد حين” بسبب اختراق إسرائيل سيادة إيران وأمنها القومي.

حرب هجينة

من ناحيته، يعتقد الباحث في الشؤون الإسرائيلية مجيد صفا تاج، أن عملية فجر اليوم تعد جزءا من رد المقاومة على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة منذ عقود ضد فلسطين، مؤكدا أن خطة الانتقام لدماء قادة المقاومة وفي مقدمتهم فؤاد شكر وإسماعيل هنية قد “بدأ تنفيذها على شتى الصعد”، وأن الحرب النفسية والاقتصادية والأمنية والسيبرانية قد لا تقل أهمية عن العمليات العسكرية.

ورأى أن “الرد على جرائم العدو الإسرائيلي قد بدأ، وأنه سوف يتواصل على يد إيران وحلفائها”، مستدركا أنه “بالرغم من أن أصابع جميع حلقات المقاومة على الزناد، بيد أنها تفضل القيام بعمليات منفصلة لتشفي قليلا من غليل غضبها من العدوان المتواصل على غزة من جهة، وتمنع الانجرار إلى حرب شاملة، من جهة أخرى”.

ولدى إشارته إلى تصريحات القائد العام للحرس الثوري حسين سلامي، يوم أمس، وحديثه عن أخبار بشأن الانتقام لاغتيال هنية، أضاف صفا تاج، أن اللواء سلامي كان يقصد أن “عملية عسكرية إيرانية ثانية ضد الكيان الإسرائيلي في طريقها للتنفيذ”، لكن الأخبار التي تحدث عنها تفوق عملية واحدة، وقد تكون عملية حزب الله صباح اليوم واحدة من سلسلة عمليات برية وجوية وبحرية متوقعة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى