من الصحافة الإيرانية: دبلوماسية غامضة للهند في ميناء تشابهار

أدى اندلاع حرب بين إسرائيل وغزة وبين روسيا وأوكرانيا إلى قلب العديد من معادلات الترانزيت في العالم.

ميدل ايست نيوز: أدى اندلاع حرب بين إسرائيل وغزة وبين روسيا وأوكرانيا إلى قلب العديد من معادلات الترانزيت في العالم. فالهند مثلا، علقت فعالياتها في تشابهار في كثير من الأحيان، وسعت إلى إنشاء ممر بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا بمساعدة الكتلة الغربية ودول الخليج، لكن بعد أحداث الشرق الأوسط اضطرت إلى التخلي عن هذا الممر في الوقت الراهن. على الضفة الأخرى، تحاول باكستان، المنافس القديم للهند، تعزيز موطئ قدمها في جنوب القوقاز، ما جعل الهند تعيد حساباتها وترى ميناء تشابهار مجددا فرصة لا يستهان بها لكي لا تطرد من حلبة المنافسة.

في مايو من هذا العام، وقع المستثمرون الهنود عقدًا آخر للشراكة في ميناء تشابهار مدته 10 سنوات، لكن إخلالهم بالعقد في العقد السابق جعل إيران تنظر إلى هذا العقد وعواقبه بعين الشك. في هذه الأثناء، يبدو أن الهنود ليس لديهم رغبة كبيرة في توضيح موقفهم المبهم تجاه ميناء تشابهار. ولم يستطع المحللون في الدبلوماسية الاقتصادية امتلاك إجابة واضحة لهذا الأمر.

تشابهار ورقة رابحة للهند

قبيل اندلاع الحرب بين إسرائيل وغزة، كانت الكتلة الغربية، إلى جانب الهند والدول العربية، تتطلع إلى إنشاء ممر بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا. وخلافاً للشائعات، فإن أمريكا لم تغادر الشرق الأوسط فحسب، بل قررت الكشف عن ممر يربط الهند بالشرق الأوسط والشرق الأوسط بأوروبا لمنافسة الصين وطريق الحرير.

ومن ناحية أخرى، فإن الصين، وهي أكبر مستورد للطاقة، ترتبط هذه الأيام بشكل بارز بطريق الطاقة السريع في الشرق الأوسط، وقد وقعت عقودًا كبيرة مع الدول العربية. وكانت الصين قد استثمرت في السابق بكثافة في الترانزيت عبر الأراضي الباكستانية وميناء جوادر، المنافس القديم لميناء تشابهار الإيراني.

الممر التجاري بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.. تأثيرات أبعد من مواجهة الصين

لم تكن القضية تتعلق فقط بوصول الهند إلى أوروبا، ويبدو أن منطقة جنوب القوقاز أصبحت أكثر أهمية بالنسبة لهذا البلد من أي وقت مضى. لقد رسخت باكستان، الخصم اللدود للهند، بصمتها منذ فترة طويلة في جنوب القوقاز.

ولم يغب توسع الوجود الباكستاني في جنوب القوقاز عن أعين الهند، وقد أصبحت الهند شريكاً أساسياً لأرمينيا هذه الأيام. وسابقاً كان هذا المنصب تشغله روسيا التي قدمت أكثر من 93% من الأسلحة والمعدات العسكرية لأرمينيا في الفترة 2011-2020، لكن مع انخراط روسيا في حرب أوكرانيا، حلت الهند محلها وهي الآن توفر الأسلحة التي تحتاجها أرمينيا. فيما تستورد جمهورية أذربيجان معظم معداتها العسكرية من إسرائيل وتركيا.

وأبدت يريفان ونيودلهي اهتماماً بتنفيذ ممر الترانزيت “الخليج – البحر الأسود”. ممر يمكنه ربط الهند عبر ميناء تشابهار الإيراني بأرمينيا وجورجيا والبحر الأسود ومن ثم إلى السوق الأوروبية. وهو مسار يعتبر طريقا بديلا وآمنا لترانزيت الهند بسبب التوتر المتزايد في مضيق باب المندب وقناة السويس.

هل ستسعى إيران لإفساد الممر الاقتصادي بين الهند والغرب؟

ليس أمام إيران خيار أفضل من الهند

على الجانب الآخر، يبدو أنه ليس لإيران شريك أفضل من الهند في ميناء تشابهار. إذ استثمر الصينيون في ميناء جوادر الباكستاني المنافس لتشابهار. ومن ناحية أخرى، تعد الصين حالياً المشتري الرئيسي للنفط الإيراني، وقد يكون من الأفضل لإيران ألا تضع كل بيضها في سلة الصين وتتعاون مع الهند في ميناء تشابهار.

ولي كالجي، الباحث في مجال القوقاز وآسيا الوسطى والدراسات الإقليمية، يقول إن باكستان والهند والصين لديها جميعها لوبي قوي مع الولايات المتحدة، وقد تمكنت الهند بالفعل من الحصول على إعفاء من العقوبات المفروضة على إيران في عهد دونالد ترامب، الرئيس الراديكالي السابق للولايات المتحدة للتواجد في ميناء تشابهار. لذلك، إذا أرادت الهند العمل في ميناء تشابهار، فيمكنها تمكين عمليات الترانزيت عبر هذا المسار.

ويوضح الباحث أن وجود الهند في ميناء تشابهار يصب في مصلحة كل من إيران والهند، مبينا أن مصالح إيران والهند في جنوب القوقاز لديها الكثير من القواسم المشتركة ويمكن أن تساهم في توازن القوى في المنطقة.

ولم يكن لعلي ضيائي، الخبير في صناعة النقل والترانزيت، نظرة متفائلة إزاء تواجد الهند في ميناء تشابهار، موضحا أن الهند لا تأخذ ميناء تشابهار على محمل الجد، وقد تنظر إليه فقط كبديل في الأزمة العالمية الحالية.

وتأتي هذه الأحداث في ظروف يبدو فيه أن الهنود ما زالوا يفضلون الحفاظ على موقفهم الغامض تجاه تشابهار.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى